تبدو
مدينة عين العرب (كوباني) شرقي حلب، واحدة من أبرز وجهات
العملية العسكرية التي
تهدد
تركيا بشنها في الشمال السوري، ردا على تفجير إسطنبول "الإرهابي"
الذي تُتهم قوات
سوريا الديمقراطية (قسد) بالوقوف خلفه.
ومنذ
أن أعلنت تركيا عن عملية "المخلب-السيف"، ركزت المقاتلات والمسيرات
التركية في جانب كبير من ضرباتها على أهداف عسكرية في عين العرب ومحيطها، وهو ما
ترجعه مصادر إلى أن المدينة تعد واحدة من أبرز معاقل "قسد"، بعد
القامشلي بريف الحسكة.
وقال
الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان الأربعاء؛ إن العمليات الجوية التركية ضد جماعة
مسلحة كردية بشمال سوريا، ليست سوى البداية، وإن تركيا ستطلق عملية برية هناك في
الوقت الملائم، وذلك بعد تصاعد الضربات الانتقامية.
وأضاف
أن تركيا عازمة أكثر من أي وقت مضى على تأمين حدودها الجنوبية عن طريق "ممر
أمني"، مع ضمان وحدة أراضي كل من سوريا والعراق، مؤكدا أن بلاده "أقامت
جزءا من هذا الممر، وسنعتني به بدءا من أماكن مثل تل رفعت ومنبج وعين العرب
(كوباني) التي هي مصدر المتاعب".
وطالما
هددت تركيا بالتقدم نحو عين العرب، الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات، والملاصقة
للحدود التركية.
الجيش
الوطني يتحضر
وكانت
تقارير إخبارية، قد كشفت عن تحركات لـ"الجيش الوطني" المتحالف مع تركيا
نحو مدينة جرابلس القريبة من عين العرب.
وتعليقا،
يقول عضو مكتب العلاقات العامة في "الفيلق الثالث" التابع لـ"الجيش
الوطني" هشام سكيف: "مبدئيا، لا زالت عملية "المخلب –السيف"
الجوية مستمرة وتحقق أهدافها، والانتقال إلى الشق البري يستوجب حكما مشاركة الجيش
الوطني، حليف الجيش التركي".
ويضيف
لـ"عربي21"، أن فيالق الجيش الوطني رفعت جاهزيتها منذ يوم الاثنين
الماضي، وهي بحالة جاهزية قصوى، والتوقعات أن يكون موعد التحرك قريبا.
مدينة
استراتيجية
ورجح
سكيف أن تكون عين العرب على رأس أهداف العملية، قائلا؛ إن "أهمية المدينة تعد
استراتيجية؛ لأنها تربط المناطق المحررة، أي مناطق العمليات العسكرية في غرب الفرات، وهي "غضن الزيتون" و"درع الفرات"، بمنطقة عملية "نبع
السلام" شرق الفرات.
عسكريا،
بحسب سكيف، تتخذ "قسد" من عين العرب مركزا لضرب المناطق الآمنة، وهو ما
يجعلها في عين العاصفة، مستدركا: "لكن لا يمكن الجزم بوجهة العملية
العسكرية، كما هو الحال مع توقيتها".
من
جانبه، أكد القيادي في "الجيش السوري الحر" النقيب عبد السلام عبد
الرزاق، الأنباء عن استعدادات مترافقة مع العملية العسكرية الجوية (المخلب- السيف)، التي تنفذها المقاتلات التركية ضد أهداف تتبع للتنظيمات "الإرهابية" في
شمال سوريا والعراق.
وفي
ما يخص عين العرب، قال لـ"عربي21": "هي مدينة كبرى على الحدود
تماما مع تركيا، بتحريرها يتم إبعاد المليشيات عن الحدود التركية، وكذلك تربط
المناطق المحررة بعضها مع بعض، ما ينزع ورقة مهمة من "قسد" ومنظومتها".
وتكتسي المدينة أهمية رمزية بالنسبة لـ"قسد"، لكونها أحد
مراكز القرار السياسي، وأيضا لأنها المدينة التي شهدت بداية الحرب التي شارك فيها
"التحالف الدولي" ضد تنظيم الدولة في العام 2014.
تل
رفعت ومنبج
وبموازاة
عين العرب، تبرز أهمية منطقتي تل رفعت ومنيج، حيث كانتا محط نقاش الجولة التاسعة
عشرة من مسار "أستانا" التي اختتمت الأربعاء، خاصة أن المليشيات تتخذ
منها منصة لضرب كبرى مدن ريف حلب الشمالي.
ورغم
ما يبدو اعتراضا أمريكيا وروسيا على العملية العسكرية التركية، يقول الكاتب
والمحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو؛ إن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان تؤكد أن العملية باتت أمرا واقعا، مبينا لـ"عربي21" أن
"العملية ستبدأ خلال أيام، ولن تطول لأسابيع أو أشهر".
وقال
كاتب أوغلو؛ إن وجهة العملية ستكون عين العرب ومنبج وتل رفعت، والمناطق القريبة من
المثلث الحدودي السوري – التركي – العراقي؛ لأن تلك المناطق تعتبر في غاية الأهمية
للمنظمات التي تعدّها تركيا "إرهابية".
ووفق
الكاتب التركي؛ فإن كل تلك البؤر الإرهابية باتت تهدد أمن تركيا القومي، مشددا على
أن "بلاده لن تنتظر حتى تأتي التهديدات من تلك البؤر، ولا ننسى أن تركيا حصلت
على تعهدات عقب عملية "نبع السلام" في العام 2019 من روسيا وأمريكا،
بأن يتم سحب التنظيمات الإرهابية حتى عمق مسافة 30 كيلو مترا عن الشريط الحدودي
التركي".
وتابع
كاتب أوغلو، أن عملية "المخلب ـ السيف" كانت ضرورية، وحان وقت العملية
البرية التي ستنطلق من محاور عدة.
رفض
أمريكي وروسي
وكانت
الولايات المتحدة قد حثت على وقف فوري للتصعيد في شمال شرق سوريا، وقالت؛ إن تصاعد
الأعمال العسكرية هناك، يعرّض عناصر الجيش الأمريكي للخطر، لكنها في الآن ذاته
"عبرت واشنطن عن تفهمها للمخاوف الأمنية المشروعة لتركيا في ما يتعلق
بالإرهاب".
أما
مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف فقال؛ إن بلاده طلبت من تركيا
الامتناع عن القيام بهجوم بري واسع النطاق شمال سوريا، مضيفا أن "مثل تلك
التحركات قد تؤدي إلى تصعيد العنف".
وأضاف
عقب لقاء جمعه بالوفدين التركي والإيراني على هامش اجتماع أستانا الذي اختتم الأربعاء،
"نأمل أن يصل صدى مناقشاتنا إلى
أنقرة، وأن توجد وسائل أخرى لحل الأزمة".
لكن
كاتب أوغلو،قال؛ إن هناك نوعا من التخبط في التصريحات الأمريكية بشأن العملية العسكرية،
ما يدل من وجهة نظره على وجود تيارات داخل البيض، موضحا: "هناك تيار لا يريد
خسارة تركيا الحليف القوي، وآخر يريد تقييد تركيا وضرب استقرار المنطقة من خلال
تأسيس كيانات قومية".
روسيّا،
يرى الكاتب التركي أن روسيا لا تريد خسارة بلاده، وقال؛ إن "بلاده لن تضيع هذه
الفرصة لتطهير المناطق التي تشكل تهديدا لأمنها، وروسيا اليوم هي بحاجة
تركيا".
ويبدو
لمراقبين أن التفجير الذي ضرب إسطنبول الأسبوع الماضي، وتعرض مدن تركية قريبة من
الحدود السورية للقصف وغيرها، يقوي من موقف أنقرة بمواجهة واشنطن وموسكو.