نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" تقريرا لمراسلتها في دولة
الاحتلال الإسرائيلي شيرا روبن قالت فيه؛ إن صعود اليمين المتطرف يعيد تركيز النظر على احتلال الضفة الغربية.
وفي تقريرها من مدينة
الخليل، أشارت فيه إلى أن عائشة العزة، 18 عاما خرجت لشرفة منزلها للنظر لما يجري في شوارع المدينة القديمة التي احتلها عشرات الآلاف من المستوطنين المتطرفين وبحماية الجيش الإسرائيلي، وكانت تشرب قهوتها حيث صرخت عليها عصابة من المستوطنين، حيث توجهوا لها بشتائم ورموا عليها الحجارة التي أصابتها في الوجه. ولأن السيارات
الفلسطينية ممنوعة في المنطقة، فالاتصال بسيارة إسعاف هو خارج التفكير، وبدلا من ذلك، أخذتها أخواتها إلى الداخل ووضعن الثلج على وجهها المتورم، ودهنّه بالزيت بانتظار مرور عصابات المستوطنين.
وتعرف العزة أنها ستراهم مرة أخرى، فهم يعيشون قريبا منها، ومرتبطون بشكل مباشرة بالصهيونية الدينية، الجماعة الدينية المتطرفة والهامشية في وقت ما وطالما طالبت بضم الضفة الغربية، وأصبحت الآن ثاني كتلة في الحكومة الإسرائيلية. وحتى قبل أن يبدأ وزراء الكتلة الذين منحوا مناصب مؤثرة، فإن وعودهم بالضم تفاقم من المخاطر والمظالم للسكان في الضفة الغربية.
ويحذر الكثيرون أن المعركة بين 800 مستوطن و 200.000 مواطن ستستمر، وستكون بمنزلة امتحان للعلاقة بينهما في ظل الحكومة المقبلة. وبعض الوجوه في حكومة بنيامين نتنياهو معروف في الخليج، فكل من إيتمار بن غفير وأوري ستورك، يعيشان في المستوطنة المتطرفة كريات أربع، وطالما تحرشا وهاجما الفلسطينيين على مدى العقود الماضية.
وقالت العزة من شرفة منزلها الذي تعرضت فيه للهجوم: "لقد منح نتنياهو بن غفير ما يريد من صلاحيات ويريد رحيلنا". وشكلت أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ إسرائيل وسط أكثر الأعوام دموية في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. ومنذ الربيع الماضي، قام مسلحون فلسطينيون بسلسلة من الهجمات في داخل المدن الإسرائيلية خلفت 31 إسرائيليا، فيما خلفت غارات الجيش الإسرائيلي المتكررة 150 فلسطينيا.
وبالنسبة للناشط تل ساغي، فإن العنف وتدهور الأوضاع تركت أثرا إيجابيا واحدا، أي إثارة انتباه الإسرائيليين للاحتلال. وقال الجندي السابق العامل في المنظمة المناهضة للاحتلال "كسر الصمت"؛ إن الكثير من الإسرائيليين صدموا عندما شاهدوا الصور المخيفة القادمة من الخليل، وفي نفس اليوم الذي عين فيه بن غفير وزيرا لوزارة الأمن العام، حيث واجه الجنود الإسرائيليون وبعنف الناشطين اليساريين.
وأشارت لقطات فيديو إلى جندي يقف فوق نشاط رماه على الأرض ويوجه له اللكمات، وآخر من نفس الوحدة وهو يقول: "بن غفير من سيصدر الأوامر في هذا المكان، لقد انتهيت ولن تستطيع تحويل هذا المكان إلى محل دعارة".
وقال ساغي الذي عاش في مستوطنة بالضفة الغربية من ثم في الخليل: "هناك أمر جيد بشأن ظهور الخليل في عناوين الأخبار"، و "هناك تطبيع عام للوضع وصمت كبير، لدرجة أن الكثيرين ممن أعرفهم لا يعرفون أن مناطق واسعة وسكانا كثرا يعيشون تحت سيطرة الجيش".
وسيمنح زعيم الصهيونية اليهودية بتسلئيل سمورتريتش وزارة الدفاع إلى جانب مليارات الشواكل كوزير بديل للمالية. وتعهد بتحويل حقوق المستوطنين إلى قوانين، وبخاصة تسريع بناء المستوطنات في الضفة الغربية.
ويتهم كل من بن غفير وسمورتريتش بدعم الإرهاب في شبابهما والهجمات ضد السياسيين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين وقعوا اتفاقيات سلام لإنهاء النزاع. وقال سمورتريتش: "سأقوم بتأكيد اتخاذ إسرائيل مسؤوليتها عن يهودا والسامرة، مستخدما الاسم العبري للضفة الغربية. وقال إن الحكومات السابقة "خنقت" توسع نصف مليون مستوطن.
ويقول هاريل تشوري، الباحث في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب؛ إن الصهيونية اليهودية وإن مثلت نسبة قليلة من الناخب الإسرائيلي، ولديها 14 مقعدا من 120 مقعدا في الكنيست، إلا أنها ستحصل على دور أكبر من حجمها في الحكومة الجديدة. وقال: "هم أقلية، ولكنهم يشعرون بأنهم رواد جبهة جديدة"، و "سيملون السياسات في المعركة على المناطق بطريقة ستحد من قدرات منافسيهم على التوسع".
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز في وكالة تنسيق نشاطات الحكومة بالمناطق المحتلة، وتحدث شريطة عدم الكشف عن هويته قوله؛ إن سلطة الصهيونية الدينية المتوسعة على الضفة الغربية هي "ضم زاحف، وستلغي كل الخيارات الباقية لحل الدولتين". وسيحمل كل من بن غفير وسمورتريتش معها كل أنواع المتفجرات.
ويقول عيسى عمرو الذي ينظم رحلات تهدف لتركيز الانتباه على الاحتلال، أن القنابل موجودة الآن في الخليل، ويجب أن تكون إشارة تحذير لكل إسرائيل. وقال: "تجري خلال العامين الماضيين عملية صهينة للخليل عما يحدث في إسرائيل". وسجن إداريا لمدة أسبوع بعد تصويره الفيلم للجندي وهو يهدد الناشط وانتشر بشكل واسع. ويتعرض عيسى لهجمات من مستوطنين شباب عندما يقود فريق الزوار، وعندما تجاهلهم، صرخوا عليه "إلى أين ستهرب، يا عيسى".
وقال: "لسنوات عدة، عرفنا عن الاضطهاد والوحشية، ولكننا اليوم نشاهد الفاشية في الحكومة المقبلة، وهذا يجعل من الصعوبة على أي واحد إغلاق عينيه"، حيث كان يحاول الحديث وسط صخب المستوطنين، وعندما انحرف لشارع الشهداء الذي كان منطقة حية في المدينة القديمة، وأصبح الآن منطقة أشباح، وصل إلى حاجز الزاوية الذي ينتظر أمامه الفلسطينيون العائدون من أعمال لأكثر من ست ساعات. وفي أيلول/سبتمبر، ربط الجزء الأعلى من بوابة الحاجز برشاش أوتوماتيكي يمكن تحميله بقنابل صوتية وأدوات أخرى ضد الشغب. واعتقد الكثير من الفلسطينيين الذين مروا من تحت ولعدة أسابيع أنه مجرد كاميرا.
وفجأة، جاء ضابط شرطة مع مصفحتين وأحاطوا بعمرو وقالوا إنه محتجز. وقام المستوطنون بالاتصال بهم، وأخبروهم أن عمرو خرق أمرا يقيده ويمنعه من المدينة القديمة. وقال الضابط الذي كانت يده ترجف وهو يعطي الهويات للزوار مع عمرو: "لا نريدك عمل مشكلة أو استفزاز". فرد عمرو "هل مناقشة حقوقي استفزاز؟"، فتجاهله الضابط.