عمر النظام السوري الحالي حوالي 52
عاما، لم يحدث أي تطور اقتصادي أو سياسي ملموس على هذا النظام -بخاصة في المجال
الداخلي- من عام 1970 حتى 2011، حيث
الثورة السورية وصدام الشعب مع النظام
واستخدام الأمن والجيش لقمعه؛ عسى أن يقضي على الحراك دون أي ضجة أو إعلام كما حصل
في حماة في بداية الثمانينيات، أيام حافظ الاسد، والنهج نفسه استمر ولو بطريقة أخرى
منذ 2011 حتى اليوم.
الان بدأ المواطنون الذين يقعون تحت
سيطرة النظام وللأسف يشعرون بخطأ إدارة السياسة لدى النظام من زاوية واحدة فقط،
وهي زاوية الاقتصاد والجوع وارتفاع أسعار المحروقات الجنوني وإغلاق الأفران أبوابها
بسبب عدم توافر المواد الأولية اللازمة لإدارتها.
عندما قامت الثورة السورية 2011 لم ينضم
إليها تجار دمشق وحلب، وبقي الكثيرون يؤيدون النظام، وكانت الامور المعيشية على ما
يرام رغم الحرب، لأن إيران وروسيا كانت تدعم النظام ماليا وسياسيا وعسكريا، والآن
بعد مرور 11 سنة ومع التطورات الدراماتيكية الهائلة التي تحدث في العالم، من حرب
روسيا وأوكرانية وخسارات روسيا هناك واحتجاجات إيران العميقة التي امتدت لثلاثة أشهر
وتزحف نحو الشهر الرابع، سئم نظام إيران من دعم
الأسد ماليا، وكذلك الروس لأنهم هم
في أزمة وغير قادرين على الاستمرار في دعم هذا النظام.
حراك السويداء لا يحمل في طياته احتجاجا اقتصاديا وحسب، وإنما هو احتجاج سياسي بالدرجة الأولى، ربما رفع الشعار الاقتصادي لتجنب القمع والقسوة التي عرف بها النظام حتى الآن
ما أريد قوله هنا إنه كان على الشعب
الذي يقع تحت سيطرة النظام أن يعارض هذا النظام بكل أشكال المعارضة منذ البداية،
وكانت فرصته الذهبية للانقضاض عليه في بدايات الثورة 2011، وكانت فرصة ذهبية للشعب،
لأن ما مارسه النظام من قمع وبراميل متفجرة واعتقالات وتشريد، وقتل للأطفال،
والضرب بالكيماوي في أكثر من منطقة، كان كافيا لهبّة جميع مكونات
سوريا ضد هذا
النظام وكان عليها عدم تصديق الادعاءات الطائفية من قبل النظام لأنه كان يحاول
الاحتماء بهذه المكونات لا حمايتها، لكنها سكتت، وحين جاعت البطون بدأت تتحرك
حراكا خجولا والقول نحن جائعون، رغم أن الحراك المتأخر أفضل من عدم الحراك -أن
تأتي متأخرا افضل من لا تأتي- كما يقول المثل.
حراك
السويداء لا يحمل في طياته
احتجاجا اقتصاديا وحسب، وإنما هو احتجاج سياسي بالدرجة الأولى، ربما رفع الشعار
الاقتصادي لتجنب
القمع والقسوة التي عرف بها النظام حتى الآن، والدليل أنه رغم هذا
الوجه الاقتصادي للحراك أطلق النظام النار على المحتجين وقتل منهم شابا أو أكثر،
كما أن المحتجين رفعوا شعار إسقاط النظام، مع عدم نسيان أن شيوخ العقل والكرامة في
السويداء نصحوا الشباب بالتريث والترقب لمعرفة مآلات التحولات الجارية الآن، لأن أهل
الساحل -حيث الحاضنة الأساسية للنظام- أيضا يحتجون في الفترة الأخيرة بسبب الجوع
وغياب المقومات الأساسية للحياة.
أزمة النظام سياسية بحتة والأزمة الاقتصادية تحصيل حاصل هذه الأزمة. السياسة السورية تدار بيد الأجهزة الأمنية، وما استطاعت الأجهزة الأمنية وحدها إدارة أي بلد في العالم، ناهيك عن عمليات الفساد والفساد الجارية منذ أكثر من نصف قرن
أزمة النظام سياسية بحتة والأزمة
الاقتصادية تحصيل حاصل هذه الأزمة. السياسة السورية تدار بيد الأجهزة الأمنية، وما
استطاعت الأجهزة الأمنية وحدها إدارة أي بلد في العالم، ناهيك عن عمليات الفساد
والفساد الجارية منذ أكثر من نصف قرن إلى أن وصل الإنسان السوري إلى درجة يحلم
بكيلوغرام لحم في الشهر ولا يجده، بسبب فقدان الليرة السورية لقيمتها وارتفاع أسعار
العملات الأجنبية.
حان الوقت لكل السوريين موالين
ومعارضين ترك النعرات والنزعات والتناحرات الطائفية والقومية، والاتفاق على شيء
مشترك ألا وهو إسقاط النظام الحاكم وانتخاب هيئة حكم انتقالي بموجب قرار مجلس الأمن
2254، لإيقاف مأساة الشعب السوري من كل المكونات السورية.