نقص
وفقدان العديد من الأدوية لا سيما تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة والخطيرة، مشكلة
تتصاعد في
تونس جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وتبدو
أرفف الصيدليات شبه فارغة، وفق تقرير لـ"فرانس 24"، خصوصا أدوية الأمراض
المزمنة، كالأنسولين، وأدوية الصرع والسرطان، حتى
دواء "الإيفرالغون" لخفض الحرارة لدى الأطفال غير متوفر، وأغلب الأدوية المفقودة
ليس لها بديل من الأدوية المصنعة في تونس.
ويواجه
التونسيون
أزمة نقص كبير بالأدوية في السنوات الأخيرة إذ تشهد تفاقما مستمرا سواء في
الصيدليات الخاصة أو في صيدليات المستشفيات، ووفق بيان صادر عن جمعية الصيادلة ونشر
على صفحتها على "فيسبوك" فإن حوالي 690 دواء مفقود في تونس، من بينها أدوية
الأمراض المزمنة والخطيرة.
ووفق
تقارير إعلامية محلية واستنادا لتصريحات العاملين في قطاع الصيدلة فإن الصيدلية المركزية
تعاني من عجز مالي كبير بسبب الديون المتراكمة من المستشفيات والصندوق الوطني للتأمين
الصحي. هذا العجز المالي جعلها اليوم غير قادرة على استيراد الأدوية من الخارج.
سامي
(اسم مستعار) قال لـ"فرانس24": "إنها فعلا معاناة في البحث عن الدواء،
أضطر للبحث في كل صيدليات تونس العاصمة وأوصي أصدقائي في مناطق أخرى.. والدتي تبلغ
74 عاما، مصابة بشلل الرعاش (الباركنسون)، أجد صعوبة في الحصول على دوائها".
وتابع
متأسفا "أتأخر عدة مرات في العثور على دوائها في الوقت المناسب... لأسبوع أو لأسبوعين
وهي فترة كافية لتتعكر صحتها...".
يوسف
حمدان وهو مدير شركة "روسبينا فارما" لتوزيع الأدوية والمواد الطبية أوضح
"أن أغلب الأدوية المفقودة هي تلك التي تستوردها الصيدلية المركزية من الخارج،
أحيانا نطلب 500 علبة من دواء ما، لا نحصل سوى على خمسين فقط".
وشركات
التوزيع تأخذ الأدوية من الصيدلية المركزية أو شركات تصنع الأدوية المحلية لتبيعها
لاحقا للصيدليات الخاصة. وتحتكر الصيدلية المركزية في تونس عملية استيراد الأدوية من
الخارج.
وتابع
حمدان: "من واجبنا فيما بعد تقسيم الأدوية بطريقة عادلة بين الصيدليات ليتمكنوا
هم بدورهم من تلبية طلبات المرضى... وهذا أمر مستحيل، أصبح الأمر معاناة يومية".
وزاد
في تفاقم هذه الأزمة ارتفاع الطلب على شركات التصنيع المحلية لتصبح هي بدورها غير قادرة
على الاستجابة لطلب السوق، وهو ما أكده حمدان قائلا: "كانت شركات التصنيع التونسية
تستجيب لطلبنا خلال 48 ساعة لكن اليوم أصبحنا ننتظر لأسبوعين أو أكثر".
وإيجاد
الأدوية في أغلب الأحيان هو مسألة حياة أو موت، ولذلك اضطر العديد من التونسيين لإيجاد
طرق بديلة لمواجهة الأزمة.
تقول
مديحة: "نجد صعوبة كبيرة في تأمين الأدوية لأخي المصاب بالسرطان، لذلك لجأنا لجمعيات
تجمع أدوية لمرضى توفوا مثلا واختار أهلهم أن يتبرعوا بأدويتهم المتبقية لمرضى آخرين...
أحيانا ننشر نداءات على صفحات التواصل الاجتماعي فنجد متبرعين أو أشخاصا يبيعون أدوية
لم يعودوا بحاجة إليها... أقر أن ذلك يمكن أن يوقعنا فريسة للاحتيال، لكن ليس باليد
حيلة".
كما
اضطر تونسيون آخرون للاستنجاد بأقاربهم في الخارج لتأمين الأدوية وإرسالها إليهم، فصفحة
"تونسيزيان أون فرانس" تنشر فيها يوميا، تقريبا، نداءات البحث عن أشخاص قاصدين
تونس ليتم إرسال الأدوية معهم.
حسام
الحرشاني مقيم في فرنسا قال إن والديه يعانيان من مرض السكري ويرسل إليهما الأدوية
باستمرار "إما عبر أصدقاء أو عبر أشخاص اتخذوا من هذه الخدمة مصدرا للربح، والفاتورة
مكلفة".
مروان
أيضا مقيم في فرنسا ويقول: "أرسل أدوية ضغط الدم وأمراض القلب باستمرار لأفراد
من عائلتي وأصدقائي، الأمر كان أسهل بكثير في السنوات الماضية لأن الأزمة لم تكن بهذا
الحجم، كان يكفي أن أنشر نداء على "فيسبوك"، لكن اليوم أصبح صعبا لكثرة الطلبات".
وتابع
مروان: "أصبحت أتجه مباشرة إلى المطار، لأبحث عن أشخاص متوجهين لتونس، لكن هناك
أيضا يمكن أن يقولوا لك إنهم يحملون دواء لشخص آخر لكن ولحسن الحظ أجد في كل مرة شخصا
يقبل تقديم المساعدة".