يترقب
العاملون في
القطاع الخاص في
مصر تطبيق زيادة
الأجور بداية الشهر الجاري من العام الجديد
بعد أن حدد المجلس القومي للأجور، الخميس الماضي، زيادة الحد الأدنى من 2400 إلى
2700 جنيه فقط أي حوالي 108 دولارات (الدولار يساوي 24.80 جنيه).
وجاءت
الزيادة بنسبة 12.5% وهي أقل من المتوقع، وتقل كثيرا عن الطفرة التي حدثت في أسعار
السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية والسكن والتي تجاوزت الـ100% في الكثير من السلع والمواد
الأساسية منذ آذار/ مارس الماضي فقط؛ نتيجة انهيار الجنيه.
وهوت
العملة المحلية إلى مستويات تاريخية في عام 2022 مرت خلالها بمحطات هبوط قياسية بسبب
هروب الأموال الساخنة من سوق السندات والدين في مصر نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية
ورفع الفيدرالي الأمريكي معدلات الفائدة لمستويات مرتفعة، ومحاصرة المركزي المصري بجدول
مثقل بالديون والأقساط.
تآكل
الحد الأدنى للأجور
ونص
قرار زيادة الأجور على أن يكون الحد الأدنى لقيمة العلاوة السنوية الدورية لا يقل عن
3% من أجر الاشتراك التأميني المنصوص عليه في قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات،
وبحد أدنى 100 جنيه، وتسري من العام 2023 بحسب السنة المالية المحاسبية لكل منشأة.
يأتي
القرار بعد شهرين من قيام الحكومة المصرية بالإعلان عن رفع الحد الأدنى للأجور لموظفي
الدولة من 2700 إلى 3000 آلاف جنيه أي ما يعادل
121 دولارا، وهي المرة الخامسة التي يرتفع فيها الحد الأدنى للأجور منذ عام 2014 بأقل
وتيرة متوقعة.
ورغم
رفع الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص والعام نحو 150% خلال السنوات الثماني الماضية،
إلا أن قيمته في 2014 كانت أكثر عندما كان سعر الدولار حينها 7 جنيهات وكان الحد
الأدنى للأجور يساوي 171 دولارا بينما الآن لا يتجاوز الـ121 دولارا، أي إنه فعليا تآكل
بأكثر من 30%.
إجراء
دون مظلة حماية
الباحث
بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية بمركز الحق للديمقراطية و حقوق الإنسان، كريم نوبي،
قال: "تحت وطأة الغلاء والتضخم، يمنّي العاملون والموظفون في القطاع الخاص أنفسهم
بالمساواة مع أقرانهم في القطاع العام الحكومي، بعد أن فرضت الدولة المصرية مظلة حماية
تقيهم من حرارة الأسعار ونيران الغلاء بعد زيادة أجور ومرتبات العاملين في الجهاز الإداري
للدولة وقطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية".
ورأى
في حديثه لـ"عربي21": "أن الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص يقل كثير
عن الارتفاعات الكبيرة في الأسعار، ويعد استغلالا واضحا للعمال والموظفين في شركات
ومصانع القطاع الخاص لأنها تجعل العاملين على شفا الفقر، لكن لسان حال الشركات إن لم
يعجبك الأجر هناك المئات يمكن أن يحلوا مكانك في العمل".
وانتقد
غياب الحماية الاجتماعية والتأمينية للكثيرين، قائلا: "لا يزال أكثر من 24 مليون
عامل في القطاع الخاص، يمثلون السواد الأعظم من قوة العمل الرسمية المصرية، بنسبة تخطت
حدود الـ80 في المئة، يبحثون عن حماية لهم تحميهم من الغلاء الفاحش، الذي طال كل شيء
منذ آذار/ مارس الماضي مع تفشي التداعيات الاقتصادية السلبية كمحصلة للحرب الروسية
في أوكرانيا، وقروض صندوق النقد، ومشروعات العاصمة الإدارية الجديدة".
التضخم
والأسعار تلتهم الأجور
قفز
معدل التضخم السنوي الإجمالي في مصر إلى 19.2% خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي
في أعلى مستوى له منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، طبقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة
والإحصاء.
يأتي
ارتفاع التضخم الحاد، مدفوعا بقيام البنك المركزي المصري بتحريك أسعار صرف الجنيه أمام
الدولار الأمريكي، ليبلغ متوسط 24.79 جنيه لكل دولار واحد، مقارنة مع متوسط 18.5 جنيه في تشرين الأول/ أكتوبر.
وأدى
تحريك أسعار الصرف إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، بسبب تراجع سعر صرف الجنيه أمام
الدولار، وتآكل جزئي في مدخرات المصريين بسبب التضخم، وتغيرات أسعار الصرف.
علاقة
طردية بين الفقر والأجور المتدنية
في تعليقه
قال الخبير الاقتصادي، عبد الحافظ الصاوي، إن "قضية المعادلة والمقارنة بين الأجور
والأسعار في مصر من القضايا التي لا يلتفت لها أحد لا من قبل المسؤولين الحكوميين ولا
من قبل مجتمع الأعمال وينكوي بنارها العاملين بشكل رئيس، وبخاصة العاملين في القطاع
الحكومي والقطاع الخاص سواء المنظم أو غير المنظم".
وأضاف
لـ"عربي21" أنه "من غير المقبول أن تكون هناك فجوة كبيرة بين الأجور
المتدنية والأسعار التي لا يعرف لها سقف"، مشيرا إلى أن "انخفاض القيمة الحقيقية
للأجور يساعد على زيادة معدلات الفقر بشكل كبير جدا، ويؤدي إلى سوء التغذية بين أفراد
تلك الأسر بسبب عدم كفاية الرواتب المحدودة لتأمين احتياجاتهم الغذائية الأساسية".
وقال: "إذا
كانت الدولة جادة في زيادة الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع كرامة الإنسان فإن على الدولة
الأخذ في الاعتبار العديد من العوامل، من بينها معدلات التضخم وهبوط الجنيه أمام العملات
الأجنبية، وأن يكون الحد الأدنى للأجور معبرا عن علاقة صحية بين الأجور والأسعار، والناحية
الأخرى أن على الدولة مراعاة انخفاض قيمة العملة، وهناك بعض القطاعات التي لا تلتزم بتطبيق الحد
الأدنى للأجور في القطاع الخاص، ويجب إلزامها بتطبيقه على أقل تقدير".