نشر
موقع "المونيتور" الأمريكي تقريرا، استعرض فيه آخر مستجدات التحقيق في
انفجار مرفأ
بيروت، حيث أثارت الاتهامات الأخيرة التي وُجّهت إلى بعض أبرز
الشخصيات السياسية في
لبنان غضب النخبة السياسية.
وقال
الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن النائب العام غسان عويدات
أصدر يوم الأربعاء قرارا بمنع المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي
طارق بيطار من السفر. وقد استدعى عويدات القاضي طارق بيطار للتحقيق، متهما إياه
بأنه "يتصرف من دون تفويض".
وذكر
الموقع أن هذا القرار يأتي في أعقاب الاتهامات التي وجهها البيطار يوم الاثنين
بتورّط النخبة السياسية في الكارثة التي هزت لبنان، بما في ذلك عويدات. وقد أشعلت
تصريحات بيطار فتيل التناحر على السلطة في صفوف القضاء اللبناني، وأثارت موجة من
الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية التي تحكم لبنان.
وحسب
ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية، وصف عويدات التطورات الأخيرة بأنها
"فتنة"، متهمًا بيطار بـ"التمرد على القضاء". كما أصدر
تعليمات بالإفراج عن المشتبه فيهم الـ17 الموقوفين على ذمة التحقيق في قضية
انفجار مرفأ بيروت في سنة 2020، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص، وخلّف خسائر
مادية جسيمة.
وأشار
الموقع إلى أن القاضي طارق البيطار أخذ على عاتقه استئناف التحقيق في قضية انفجار
مرفأ بيروت، بعد تجميد هذا الملف لـ13 شهرا متتالية نتيجة صراع قانوني تعددت
أطرافه ضمن الطيف السياسي. وقد تعهد بيطار يوم الأربعاء بمواصلة التحقيق في هذه
القضية إلى حين "صدور لائحة اتهام نهائية"، وذلك وفقا لوكالة أنباء
لبنانية.
وأوضح
الموقع أن ما يجعل هذه التطورات تكتسي أهمية كبيرة حقيقة أن محكمة التمييز (النقض)
-أعلى هيئة قضائية في البلاد- لم تصدر بعد قرارا بشأن إعادة فتح هذا التحقيق.
ويواجه بيطار حاليا ضغطا سياسيا كبيرا لوقف التحقيق. وبينما يرى البعض أنه يؤدي
واجبه بفعل أفضل ما في وسعه، يتهمه البعض الآخر بالانحياز وتسييس ادعاءاته، وهو
ما يعكس الانقسام السائد الذي يشلّ لبنان منذ سنة 2019.
ولكن
سبب استئناف التحقيق فجأة لا يزال غير واضح حتى الآن، فضلا عن ضبابية حيثيات
التطورات الأخيرة. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن هذه الخطوة قد هزّت الرأي العام في لبنان، الذي يطالب بإجابات شافية.
وذكر
الموقع أن بيطار أمر إثر استئناف التحقيق يوم الاثنين بالإفراج عن خمسة من أصل 22
موقوفًا، جميعهم عالقون في نظام قضائي غير عادل، وفي تحقيق عدلي لم ينته بعد.
وردًا على ذلك، أمر عويدات بالإفراج عن جميع الموقوفين دون استثناء، ومنعهم من
السفر.
وتجدر
الإشارة إلى أن انفجار مرفأ بيروت في أوائل شهر آب/ أغسطس من سنة 2020 كان نتيجة
سوء تخزين حمولة كبيرة من نترات الأمونيوم منذ سنة 2014. ويعرف مركب نترات الأمونيوم بكونه قابلًا للاشتعال ويستخدم
للأغراض الزراعية كسماد عالي النترات، فضلا عن استخدامه في صناعة المتفجرات. وقد
أدى اشتعال النيران في هذا المخزون إلى وقوع عدة انفجارات مدويّة دمرت أحياءً
بأكملها، وخلفت خسائر فادحة في المدينة، وأسفرت عن مقتل أكثر من 215 شخصًا، ونزوح
حوالي 300 ألف من منازلهم.
وأشار
الموقع إلى أن الرأي العام والمعلومات التي كشفتها التحقيقات تظهر أن النخبة
السياسية والأمنية في البلاد كانت على علم بوجود هذا المخزون من نترات الأمونيوم
دون أن تحرك ساكنًا. ويعد طارق بيطار ثاني قاضٍ يتولى التحقيق في هذه القضية، بعد
القاضي فادي صوان الذي قاد التحقيق الأولي، ولكن تم إجباره على الانسحاب بعد اتهامه
من قبل وزراء الحكومة بالتحيّز.
وأكد
الموقع أن كلا القاضيين حاول مرارًا وتكرارًا رفع الحصانة البرلمانية عن النواب
السابقين والحاليين؛ لمحاسبتهم قانونيًا في إطار الاتهامات الموجهة إلى أعضاء من
البرلمان وكبار الضباط العسكريين وعدد من السياسيين. وتعد هذه القضية حساسة للغاية
ومشحونة سياسيًا، وإذا تمت الاستجابة للدعوات التي تطالب باستبعاد طارق بيطار أيضا، فقد يعني ذلك نهاية هذا التحقيق.