توقعت مؤسسة "فيتش سليوشن"
(Fitch Solutions) نموا
كبيرا للاقتصاد الليبي خلال العام 2023م حيث قدرت أن الناتج المحلي الإجمالي
الليبي سينمو بنسبة 19.7%. وبحسب المؤسسة فإن الزيادة في معدلات نمو
الاقتصاد
الليبي المتوقعة للعام 2023م تعود إلى خمسة عوامل رئيسية هي:
ـ انتعاش صادرات
النفط والغاز بعد انكماش قدر بـ 12.9% العام 2022م،
وزيادة في الإيرادات النفطية.
ـ مزيد من الاستقرار السياسي.
ـ زيادة في الإنفاق العام.
ـ زيادة الأنشطة الاستثمارية.
ـ ارتفاع الاستهلاك الخاص.
واعتمدت "فيتش" سقف توقع مرتفعا للناتج المحلي الإجمالي الليبي
برغم تأكيدها على الحالة الهشة لوضعية حقول وموانئ النفط وأنها عرضة لمخاطر قد
تؤثر على تدفق الخام الأسود، وبالتالي تعود سلبا على نمو الاقتصاد الوطني.
محاججة "فيتش" في توقعاتها بخصوص الناتج الإجمالي للعام
2023م لا تقف على أرض صلبة فقط من جهة أن صناعة النفط الليبية معرضة لمخاطر وأن
سقف إنتاج وتصدير النفط متوقف عند مستوى الـ1.2 مليون برميل في اليوم، بل إن معطيات
معلومة تقلل من
التوقعات المتفائلة جدا لنمو الناتج المحلي الإجمالي التي أعلنت
عنها "فيتش"، وترجع بها إلى معدل نمو قد لا يتعدى الـ6%.
بالنظر إلى طبيعة الاقتصاد الليبي وسماته الرئيسية وإلى الظروف التي
تمر بها الدولة الليبية والاقتصاد الوطني، فإن تركيبة الناتج المحلي الإجمالي لا
تزال تعاني من خلل يلاحق الاقتصاد منذ عشرات السنين، هذا الخلل يتمثل في النسبة
الكبيرة لمساهمة قطاع النفط والغاز في الناتج، بعض التقديرات أوصلتها إلى 80%، إلا
إنها يمكن أن تكون بحدود الـ70%.
ولكي يقفز معدل نمو الاقتصاد إلى 19.7%، كما هي توقعات مؤسسة "فيتش"،
فإن إنتاج وتصدير النفط والغاز والصناعة التي تقوم عليهما ينبغي أن تسجل معدل نمو
كبيرا لتنعكس هذه الزيادة في نمو الناتج المحلي، وهذا توقع ضعيف الاحتمال، ذلك أن
قدرات وإمكانيات المؤسسة الوطنية للنفط لا تسمح بوقوع تغير كبير في مستوى إنتاج
النفط والغاز الليبي هذا العام، وكل المؤشرات تؤكد أن سقف إنتاج النفط لن يتخطى الـ1.3 مليون برميل يوميا خلال العام 2023م، هذا مع افتراض استقرار الأوضاع السياسية
والأمنية.
أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط عن برنامج لزيادة مستوى إنتاج النفط إلى مليوني برميل في اليوم، لكنها قدرت أن هذا البرنامج سيحقق السقف المستهدف في مدة
زمنية قد تصل إلى 5 سنوات، ولم يرد في خطط المؤسسة توجه لزيادة النفط خلال العام
الجاري.
القطاعات الإنتاجية والخدمية الأخرى التي تسهم في الناتج المحلي
بنسبة 30% أو أكثر قليلا تعاني من بيئة اقتصادية خانقة وبالتالي فإنه ليس من المتوقع أن
تتضاعف مساهمتها في الناتج، ذلك أن زيادة حقيقية في مساهمة القطاعات الإنتاجية
والخدمية تتطلب توسعا في الإنفاق العام وتطويرا في البيئة الاقتصادية المحيطة، وهذه آمال يصادمها الواقع الليبي وتعقيداته.
أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط عن برنامج لزيادة مستوى إنتاج النفط إلى 2 مليون برميل في اليوم، لكنها قدرت أن هذا البرنامج سيحقق السقف المستهدف في مدة زمنية قد تصل إلى 5 سنوات، ولم يرد في خطط المؤسسة توجها لزيادة النفط خلال العام الجاري.
صحيح أن بند النفقات في الميزانية العامة مرشح للزيادة خلال العام
2023م، خاصة بند المرتبات، ما يعني زيادة الاستهلاك الخاص، غير أن الأثر المباشر
للزيادة المتوقعة على الناتج محدود نسبيا. وقس على ذلك بند الإنفاق التنموي، والذي
بلغ العام الماضي نحو 17 مليار دينار ليبي، وقد يشهد هذه العام زيادة، سيكون لها
انعكاسها على أداء الاقتصاد بشكل عام ولكن ليس إلى المعدل الذي توقعته المؤسسة.
وننوه إلى أن المعدلات المرتفعة للناتج المحلي الإجمالي التي تخطت
نسبة الـ20% خلال الأعوام 2017م و 2021م، ارتبطت بوضعية خاصة للاقتصاد بالعموم والنفط
بشكل خاص والذي سجل معدلات نمو بالسالب الأعوام التي سبقت العام 2017 والعام 2021م
بسبب إغلاق حقول وموانئ النفط، وعندما عاد إلى التدفق والتصدير من جديد سجل الناتج
معدلات نمو مرتفعة جدا، وهذه الوضعية لا تنطبق على الاقتصاد الليبي اليوم، وذلك مع
افتراض ثبات العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على الاقتصاد الوطني ومصدر تنشيطه
وهو النفط.