في الوقت
الذي تواجه فيه دولة
الاحتلال تحديات عسكرية متلاحقة، يسود قلق في قيادة جيشها من تأثير
التطورات الداخلية على زيادة حافزية الشبان الإسرائيليين على التجنّد في صفوفه، خاصة
في الوحدات القتالية. ويخشى المسؤولون في قيادة الجيش من تداعيات الاحتجاجات الإسرائيلية
المتصاعدة على حكومة اليمين الفاشية، التي بلغت ذروتها، بمشاركة ضباط وجنود سابقين. ولعل أحد بواعث القلق الإسرائيلي هو الإضرار بدوافع الخدمة النظامية والاحتياطية.
يوسي
يهوشاع الخبير العسكري بصحيفة "
يديعوت أحرونوت" أكد أن "قيادة جيش الاحتلال
تشعر بقلق بالغ إزاء الانقسام المتزايد في المجتمع الإسرائيلي في أعقاب خطة التغييرات
القضائية لحكومة بنيامين
نتنياهو، وتصاعد الاحتجاجات ضدها، لا سيما المشاركة المتزايدة
للضباط السابقين والجنود الحاليين في الاحتجاج، حتى إن بعضهم يفعل ذلك أثناء حمل العلم العسكري الخاص بوحداتهم، واليوم (أمس الاثنين) من المتوقع أن يسجل الاحتجاج رقما قياسيا آخر،
في شكل احتجاج جماهيري أمام الكنيست، وإضراب لأجزاء معينة من الاقتصاد".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أن "تواتر هذه الأحداث الداخلية المتصاعدة
يزيد من مستوى قلق قيادة الجيش الإسرائيلي بشأن احتمالية أن يؤدي اشتراك العسكريين
في الأحداث للإضرار بالدوافع للخدمة القتالية النظامية والاحتياطية. وتظهر المحادثات
مع كبار المسؤولين العسكريين في الأيام الأخيرة أن هذا مصدر قلق حقيقي لم يسمع به من
قبل، على الأقل منذ تنفيذ الانسحاب من قطاع غزة في 2005، وبحسبهم فإن الانقسام الاجتماعي
العميق يمكن استيعابه من موجة الاحتجاجات الحالية، لكن الخشية الحقيقية والخطيرة تأتي
من أوساط الجيش".
ونقل
عن "كبار الضباط في الجيش أنهم يسمعون المزيد والمزيد من الآباء أنهم لن يرسلوا
أبناءهم للتجنيد على الإطلاق، ويوضح آخرون أنهم سيرفضون إرسالهم للخدمة القتالية، أو
يهددون برفض الخدمة في الاحتياطيات بأنفسهم، ما يجعل الخوف حقيقيًا، وعلى الجيش الاستعداد
لذلك، وألا يتفاجأ من هذا الاحتمال المتمثل في رفض التجنيد النظامي أو خدمة الاحتياط،
وهذا السبب الذي دعا قادة كتائب الاحتياط للانتباه لما كان يحدث في الميدان، والتعامل
معها، وإبلاغ القيادة بها. كما أنه طُلب من قادة الوحدات النظامية إظهار اليقظة المتزايدة،
وبذل كل ما بوسعهم لمنع النقاش السياسي والحزبي من التسلل لصفوف الجيش".
وكشف
أن "قيادة الجيش لم يعجبها سلوك كبار ضباط الاحتياط المشاركين بالاحتجاجات وهم
يلبسون الزي العسكري، لأن ذلك من شأنه توريط الجيش في الخلافات الإسرائيلية الداخلية
المتصاعدة، ويضرّ بأدق نسيج للجيش، ما يعني تعرّض رئيس الأركان هآرتسي هاليفي لضغوط
مبكرة لإجباره على التعبير عن موقف ضد تورط ضباط الاحتياط، لكنه اختار عدم القيام بذلك
في هذه المرحلة، رغم أن الاحتجاجات سيكون لها تأثير عميق على الجيش، لأن هذه المرة،
وعلى عكس الصراعات السياسية والاجتماعية السابقة، هذه أزمة أعمق، ولن تمر مرور الكرام،
لأنه لا توجد منطقة في المجتمع الإسرائيلي لم يخترقها هذا التوتر".
الخلاصة
الإسرائيلية من هذا التخوف أنه خلال أيام التجنيد سيتم تحديد براعم الأزمة الجديدة
في الجيش، وربما تلقى صدى في شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وقد تنقل انطباعا
بأن الجيش غير مستعد لاستيعابها. وبغض النظر عما إذا كانت الاحتجاجات ستستمر أكثر من
ذلك لعدة أشهر أم لا، فإن عواقبها على الجيش ستظهر في جولات التجنيد المقبلة، حيث يحاول
أن يوضح للجميع أنه من الأفضل تركه خارج هذا الصراع، وإعطاؤه الفرصة للتعامل بهدوء
مع التحديات العديدة التي تقف أمامه، لكن يبدو أن فرصته هذه المرة منخفضة.