نشر موقع
"بلومبيرغ" الأمريكي تقريرا تحدّث فيه عن
الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها
مصر بعد تعويم الجنيه، وانخفاض المعروض من العملات الأجنبية والتضخّم وارتفاع تكاليف المعيشة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"؛ إن هذه الأزمة التي تتكرر مرة كل عقد، جعلت مصر ثاني أكبر بلد مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين. ويقول صناع السياسة؛ إن هذه المرة مختلفة ويتوقّعون أن تخلق مجموعة كبيرة من الإصلاحات الموعودة تحولا في الأسواق والاقتصاد وربما المجتمع المصري ككل، بينما لا يبدو أن نهاية الأزمة الحالية قريبة. وفيما يلي خمس مجالات يجب مراقبتها؛ لأنها قد تكشف إلى أين ستؤول الأمور بعد ذلك.
الجنيه
امتثالا لطلب صندوق النقد الدولي منذ فترة طويلة بعد الموافقة على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، أصبحت العملة المصرية أكثر مرونة لكن فترات الاستقرار الطويلة أعقبتها اندفاعات من التقلبات والهبوط الحاد. في المقابل، لم تعمل الدولة على إنهاء حالة عدم اليقين، ومن ثم لن يضخ المستثمرون المزيد من الأموال في السندات أو حصص الشركة، إذا لم يتمكنوا من استبعاد احتمال تعويم العملة مرة أخرى.
وأشار الموقع إلى أنه من المتوقع أن تعكس بعض حالات الانخفاض والارتفاع المتواضعة للجنيه في الأسابيع المقبلة مستويات العرض والطلب بشكل أكثر دقة، كما أن الاستئناف المطرد لبعض الواردات بعد تسوية التأخير في الموانئ المصرية، قد يعني تحسن تدفقات النقد الأجنبي وتخفيف الضغط على الجنيه. وفي حين أن الانخفاضات الأكثر حدة قد انتهت على الأغلب، فإن المحللين لا يستبعدون حدوث المزيد منها هذا العام.
الدَين
أضاف الموقع أن الانتعاش المتواضع في الفائدة الخارجية قبل تموز/يوليو يكشف أن البلاد في طريقها لتغطية فجوة التمويل الفورية. وتهدف السلطات إلى تحقيق 2 مليار دولار من صافي التدفقات الداخلة بحلول ذلك الوقت، وهو هدف يعتمد على الأرجح على ثقة المستثمرين في أن الجنيه لا تتم إدارته عن كثب، والعوائد على الأوراق المالية المحلية ليست سلبية عند تعديلها وفقا للتضخم، لكن لا يزال الإقبال ضعيفا وفقا لمقياس الطلب على الأوراق المالية المصرية لمدة 12 شهرا.
وذكر الموقع أن الاعتماد الأكبر على مبيعات السندات سيدق أجراس الإنذار، مما يشير إلى أن مصر تتراجع عن خططها لفطم نفسها عن
الأموال الساخنة، والعودة إلى النهج الذي تسبب في تحفيز الأزمة الحالية.
مساعدات الخليج
لقد كانت التوقعات بأن حلفاء مصر الخليجيين سيفتحون صنابير المساعدات بالكامل في غير محلها، فمنذ مرور قرابة عام على التعهد بتقديم أكثر من 10 مليارات دولار من الاستثمارات، لم يتحقق سوى جزء بسيط من هذا التمويل الذي وصفه صندوق النقد الدولي بأنه حاسم. وأثارت التعليقات الأخيرة للمملكة العربية السعودية حول السعي للإصلاحات، قبل أن تدعم الدول الأخرى تكهنات بشأن تعطيل خطط الاستثمار في مصر.
وبناء على كل ما يحصل، يبدو أن الصفقة الكبيرة التالية - التي من المحتمل أن تتضمن في الغالب بيع حصة مملوكة للدولة المصرية في شركة كبرى إلى الإمارات العربية المتحدة أو قطر أو السعودية -، قد تكون لحظة فاصلة، لتتبعها بسرعة المزيد من المعاملات. وقد يشير ذلك إلى أن المستثمرين الخليجيين يعتقدون أن الجنيه قد وصل إلى القاع، مما يسمح لهم أخيرا بالاتفاق على ما يرون أنه أسعار محلية عادلة للأصول.
الحد من دور الدولة
أوضح الموقع أن تقرير صندوق النقد الدولي الأخير شمل خطوطا قد تكون أساسية لمستقبل مصر مثل: ضرورة كبح مشاركة الدولة الشاملة في الاقتصاد، بما في ذلك الجيش. ويعالج التقرير أيضا بشكل مباشر شكوى طويلة الأمد، مفادها أنه قد تم مزاحمة القطاع الخاص، مما أدى إلى تثبيط الاستثمار الأجنبي الذي تشتد الحاجة إليه.
وفي الواقع، لا أحد يتظاهر بأن الأمر سيكون سهلا، فقد حذر صندوق النقد الدولي، الذي حظي أيضًا بتعهد بأن الكيانات الحكومية ستفتح حساباتها بانتظام لوزارة المالية، من أن أي محاولة لإعادة التوازن "قد تواجه مقاومة من أصحاب المصالح المكتسبة". وحددت مصر 32 من الأصول المملوكة للدولة، التي لديها فيها حصص للبيع، إلى جانب عملية البيع الأولى على الإطلاق لشركة مرتبطة بالجيش المصري، "الوطنية"، وهي شركة توزيع وقود تدير شبكة وطنية واسعة من محطات الوقود.
التضخم
يمثل التضخم المتسارع الذي لا يظهر أي علامة على التراجع مصدر بؤس لأكثر من 100 مليون شخص في مصر، من الطبقة العاملة والمتوسطة على حد سواء. ارتفعت أسعار المواد الغذائية في كانون الثاني/ يناير بأسرع وتيرة على الإطلاق، وتقول الحكومة؛ إن معالجة الارتفاع يمثل أولوية قصوى، كما بدأت العائلات في تقليص نفقاتها، وتم تقديم خصومات خاصة بشهر رمضان في وقت مبكر.
وأورد الموقع أن السلطات تدرك المخاطر؛ فقد تسببت تكاليف المعيشة المتزايدة في اندلاع انتفاضات الربيع العربي منذ أكثر من عقد بقليل، لكن عندما يبدأ التضخم في التباطؤ - على الأغلب خلال النصف الثاني من سنة 2023 على أقرب تقدير -، من المتوقع أن يوفر ذلك بعض الراحة.