قرر القضاء
التونسي مساء الاثنين سجن الصحفي ومدير إذاعة "
موزاييك إف إم" الخاصة نور الدين بوطار، فيما قال لسان الدفاع إن التهم كيدية باعتبارها ترتكز على تقارير أمنية كاذبة.
والاثنين الماضي، أوقفت السلطات التونسية بوطار ضمن حملة
اعتقالات طالت سياسيين معارضين ورجل أعمال وقاضيين من دون تهم واضحة.
وقال أيوب الغدامسي محامي مدير عام إذاعة "موزاييك إف إم"، الذي عينته النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إن قاضي التحقيق اتخذ هذا القرار على خلفية "استعمال الخط التحرري لموزاييك للإساءة لأعلى هرم للسلطة ورموز الدولة وتأجيج الوضع في البلاد"، معتبرا أن هذه التهمة كيدية.
وفي تصريح لـ"موزاييك إف إم"، أوضح الغدامسي:" تمنينا أن يتخذ قاضي التحقيق قراراً شجاعاً بناءً على معطيات قانونية في الملف وقرائن تثبت أن التهمة كيدية، لكن ذلك لم يحدث".
وأضاف:" الإحساس بالأمان في البلاد صار منعدماً، لأن القضاء لم يوفر أدنى درجات الحماية لمواطنيه واستند فقط على تقارير أمنية ضعيفة تحتوي على معطيات كاذبة.. هذا افتراء واضح وتنكيل بنور الدين بوطار على خلفية نشاط صحفيي الإذاعة، الخط التحرري هو ما يقلق موجه التهمة".
وختم بالقول إن "استعمال تهمة تبييض الأموال هو غطاء على التهمة الرئيسية وهي استعمال الخط التحرري لموزاييك للإساءة إلى أعلى هرم للسلطة".
وأثار اعتقال بوطار، شأنه شأن بقية الموقوفين، إدانات حقوقية وحزبية، حيث طالبت العديد من منظمات حقوق الإنسان، من ضمنها "مراسلون بلا حدود" و"منظمة العفو الدولية" إلى إطلاق سراحهم جميعا.
وسبقت عمليات الاعتقال تلميحات واضحة من الرئيس خلال لقاء بوزيرة العدل ليلى جفال الأسبوع الفائت، جاء فيها: "من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن".
وبدأت حملة الاعتقالات في تونس بتوقيف رجل الأعمال كمال اللطيف، صاحب النفوذ الكبير في الأوساط السياسية والذي بقي لفترة طويلة مقربا جدا من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، إضافة إلى القيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والناشط السياسي خيام التركي وقاضيين معزولين.
وتواصلت الاعتقالات إلى الاثنين ليلا وطالت المدير العام في المحطة الإذاعية الخاصة "موزاييك إف إم" نور الدين بوطار، ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، والمحامي لزهر العكرمي، قبل أن تشمل فوزي كمون، المدير السابق لمكتب رئيس حركة النهضة.
وتتزامن حملة الاعتقالات وسعي الرئيس قيس سعيّد إلى وضع حجر الأساس لنظامه الرئاسي والذي تميز بمقاطعة كبيرة من قبل الناخبين لا سيما إثر مقاطعة نحو تسعين في المئة من الناخبين دورتي الانتخابات النيابية الفائتة.
وفي أول تعليق من سعيّد على الاعتقالات، قال الرئيس التونسي إن الإيقافات الأخيرة، التي تعرفها البلاد، أظهرت أن عددا من ''هؤلاء المجرمين المتورطين في التآمر على أمن الدولة الخارجي والداخلي، وهذا بالإثباتات، هم من يقفون وراء هذه الأزمات المتصلة بتوزيع السلع وبالترفيع في الأسعار''، وفق تعبيره.
واعتبر سعيّد أن "عصابات منظمة تأتمر بأوامر هؤلاء الخونة والمرتزقة، عصابات لا يهمها جائع أو فقير، بل لا تثير فيهم أنات مريض أي شعور".
وأثارت الاعتقالات في تونس انتقادات الولايات المتحدة، حيث أعربت واشنطن عن قلقها من حملة الاعتقالات، بحسب ما أعلن عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس الذي قال إن الولايات المتحدة "قلقة للغاية" من التقارير الواردة من تونس عن اعتقالات استهدفت منتقدين للرئيس
قيس سعيد في الأيام القليلة الماضية.
وفي مؤتمر صحفي في واشنطن، الأربعاء، قال نيد برايس: "نشعر بقلق بالغ إزاء ما تردد عن اعتقال العديد من الشخصيات السياسية ورجال الأعمال والصحفيين في تونس في الأيام الأخيرة. نحترم تطلعات الشعب التونسي إلى قضاء مستقل وشفاف، قادر على حماية الحريات الأساسية للجميع".
وأضاف: "نحن منخرطون مع الحكومة التونسية على جميع المستويات لدعم حقوق الإنسان وحرية التعبير. من المبادئ الأساسية للولايات المتحدة أن يكون الناس في جميع أنحاء العالم قادرين على التعبير عن أنفسهم دون خوف من الانتقام. تقع على عاتق جميع الحكومات مسؤولية الحفاظ على هذا المبدأ الأساسي ".