قال معهد واشنطن،
إن التطورات الرئيسية في كل من
تركيا ومصر، المتنافسين الأبرز في
ليبيا، قد تشكل
فرصة نادرة من أجل إحداث تغيير إيجابي في تلك الساحة.
وأشار في تقرير
إلى أن
الزلزال المأساوي الذي ضرب تركيا، والأزمة الاقتصادية في
مصر، قد تدفعان
كلتا الحكومتين إلى التخفيف من حدة نزاعهما بشأن ليبيا.
ولفت إلى أنه في
23 شباط/فبراير، سيجتمع ممثلون من الولايات المتحدة وبريطانيا ومصر وفرنسا
وألمانيا وإيطاليا وقطر وتركيا والإمارات العربية المتحدة في واشنطن لإجراء مناقشة
دورية حول كيفية كسر الجمود السياسي في ليبيا.
وقال التقرير إنه
على مر السنين، ظهر العديد من أشكال التجمعات الدولية التي تركز على ليبيا، من
مؤتمرات رؤساء الدول التي استضافتها فرنسا وإيطاليا وألمانيا، إلى المحادثات على
المستوى الوزاري على هامش الاجتماعات الدولية، إلى التجمعات الأخيرة على مستوى
المبعوثين. وفي كل مرحلة من هذه المراحل، بدا المشاركون عادةً متحدين لكنهم
اختلفوا حول القضايا الرئيسية، مثل الفصائل الليبية التي يجب دعمها وموعد إجراء
الانتخابات التي تم تأجيلها منذ كانون الأول/ديسمبر 2021.
ولكن ووفقا
للمعهد فإن الساحة الليبية بحاجة لبعض الوقت، لتحديد كيفية، تأثير انشغال الحكومة
التركية، بجهود الإغاثة، على سياستها في طرابلس، وتقييم خسائرها البشرية الكاملة
الناجمة عن الزلزال.
وقال إنه يبدو أن
أنقرة تواصل دعمها وتدريبها العسكري، لحكومة الوحدة الوطنية، وقد يتم تقليص الاستثمارات الاقتصادية
التركية في ليبيا مع بدء شركات البنية التحتية بالتركيز على إعادة الإعمار بعد
الزلزال، ولكن من المرجح أن تستمر معظم المصالح الاستراتيجية لأنقرة في الحفاظ على
النفوذ الاقتصادي والأمني هناك.
ومن جهتها، قد يكون
لدى مصر حاليا حافز أكبر للمساعدة في تحقيق الاستقرار في ليبيا نظراً لأزمتها
الاقتصادية المتزايدة الخطورة في الداخل، والتي شملت تخفيضاً شديداً في قيمة
العملة، وارتفاع التضخم، ونقص السلع الأساسية.
وتساءل المعهد،
حول ما إذا كانت القاهرة لا تزال تفضل الإبقاء على الوضع السياسي الراهن في شرق
ليبيا أو حصد المنافع الاقتصادية الناتجة عن قيام حكومة ليبية مستقرة، لا سيما على
شكل مئات الآلاف من فرص العمل للعمال المصريين، كما كان عليه الحال قبل ثورة 2011،
ووفقاً لبعض التقارير، عرضت ليبيا أيضاً تثبيت الجنيه المصري من خلال توفير
الودائع في البنك المركزي المصري.
وفي الوقت نفسه،
أظهر التصدّع الطويل الأمد بين مصر وتركيا بوادر انحسار في الآونة الأخيرة. فخلال
مباريات كأس العالم في العام الماضي، التقى عبد الفتاح السيسي بالرئيس رجب طيب
أردوغان في قطر. وبعد الزلزال، قام السيسي بالخطوة النادرة المتمثلة بالاتصال
بالرئيس التركي، وتقديم التعازي له، ووعده بمساعدات تم تسليمها بعد ذلك بوقت قصير.
وفي خطوة متابعة
واضحة، استضاف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مجموعة من رجال الأعمال الأتراك
في القاهرة في 15 شباط/فبراير لمناقشة الاستثمارات المخطط لها البالغة 500 مليون
دولار، وهو الاجتماع الأول من نوعه منذ عقد.
وتجدر الإشارة
إلى أن مصر بصدد خصخصة العديد من الشركات التي تديرها الدولة، ويمكن أن تلعب تركيا
دوراً في هذه العملية إلى جانب الاستثمارات الضخمة من قبل دول الخليج.
ورأى المعهد أن كل
خطوة من هذه الخطوات بإمكانها أن تساهم في المصالحة المصرية التركية فيما يتعلق
بالخلاف الاستراتيجي بين الدولتين حول ليبيا، والذي يشمل نزاعاً بحرياً، ومخاوف
عسكرية مختلفة، وخلافات إيديولوجية حول الإسلام والسياسة.
وقال إن لدى
الولايات المتحدة الآن فرصة كبيرة للتوسط في مناقشات ثنائية أو حتى ثلاثية مع
القاهرة وأنقرة من أجل استكشاف ما إذا كانت أولوياتهما المتغيرة ستسمح بتخفيف
التوترات بشأن ليبيا.
ويمكن أن يؤدي
وجود الإمارات وقطر إلى زيادة تحسين فرص التقدم، وحتى إحراز تقدم متواضع من شأنه
أن يحسن بشكل كبير فرص التوصل إلى اتفاق لدفع ليبيا للمضي قدما وفقا للتقرير.
وقال إن أحد
التحديات لواشنطن في ليبيا، يتمثل في أنها لا تزال قضية ثانوية في نقاشاتها مع
مصر وتركيا، وبالتالي قد يكون من الصعب إعطاؤها أهمية أكبر، ويفترض أن تكون إدارة
بايدن قادرة على التحدث بجدية مع مصر حول ليبيا، مع الحفاظ على حوار مثمر بشأن
القضايا الملحة الأخرى، وعلى الأخص مساهمة القاهرة في وقف تصعيد العنف الإسرائيلي المتجدد.
أما مع تركيا،
فبإمكان واشنطن بالتأكيد إيجاد طريقة للتعامل مع ليبيا بشكل جوهري، مع استمرارها
في دعم المساعدة الحيوية للمتضررين من الزلزال وإحراز التقدم في مناقشات
"الناتو" والمبيعات العسكرية والسياسة الروسية، على الرغم من أن نطاق
تعامل تركيا مع القضايا التي تتجاوز الإغاثة الإنسانية أصبح الآن محدوداً بدرجة
أكبر.
ومن خلال
الدبلوماسية الذكية، بإمكان واشنطن أن تستغل اجتماع ليبيا هذا الأسبوع للاستفادة
من التحسن الواضح في العلاقات المصرية التركية، الأمر الذي يخلق زخماً لإجراء المزيد
من المحادثات حول كيفية استفادة الدولتين بشكل متبادل من تخفيف حدة خلافهما بشأن
ليبيا. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تسهل هذه الجهود التغيير الأكثر أهمية في المشهد
الليبي منذ شهور، مما يمنح باثيلي المساحة التي يحتاجها لوضع جدول زمني
للانتخابات.