سلطت قناة عبرية، الضوء على العديد من المؤشرات والمعطيات التي تنذر بقرب انهيار
السلطة الفلسطينية التي يقودها محمود عباس، ما يخلق تهديدا استراتيجيا على "إسرائيل" خاصة في ظل تصاعد
المقاومة في
الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
ورأت "
القناة 12" العبرية في تقرير لها، أن الأرقام "المقلقة" لعدد الشهداء الفلسطينيين والقتلى الإسرائيليين منذ 2022 وحتى الآن، "تكشف عن مشكلة عميقة؛ وهي عملية تفكك السلطة الفلسطينية، التي تشهد ضعفا لم نشهده منذ أيام الانتفاضة الثانية".
وبحسب متابعة "عربي21" للأحداث في الأراضي المحتلة، فإنه بلغ عدد القتلى الإسرائيليين جراء العمليات الفلسطينية المتزايدة من بداية العام الماضي نحو 50 مستوطنا وجنديا إسرائيليا، مع ارتفاع كبير في عدد الشهداء الفلسطينيين إلى أكثر من 284، بينهم 54 من قطاع غزة معظمهم قضوا في العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2022.
وأكدت القناة أن "السلطة تواصل فقدان شرعيتها في أوساط الشعب الفلسطيني، الذي بلغ تعداده عام 2022 في الضفة الغربية وقطاع غزة أكثر من 5 ملايين نسمة، علما بأن 36 في المئة من سكان الضفة و41 في المئة من سكان القطاع هم دون سن الـ15 عاما، وهؤلاء ولدوا في زمن الهواتف الذكية ويطلق عليها (الجيلZ)، حيث تضج الشبكات الاجتماعية بالدعوات لمواجهة الجيش الإسرائيلي، وبالتالي فإن هؤلاء مشغولون بتحدي إسرائيل".
وأشارت القناة إلى أن "الكثيرين من الشباب الفلسطيني فقدوا الثقة بالسلطة ويرون أنها رمز للفساد وعامل يحد من تطورهم"، مشيرة إلى "تفشي البطالة في الأراضي الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ 17 عاما، حيث وصلت البطالة إلى 50 في المئة، فيما وصلت إلى 15.5 في المئة في الضفة، علما بأن متوسط الأجر اليومي بين من يعملون في الضفة لا يكفي لإعالة الأسرة ".
ولفتت إلى وجود إمكانية كبيرة لدى سكان القطاع والضفة وخاصة الشباب للوصول إلى ما ينشر في الشبكات، فنحو 92 في المئة في الضفة و91 في المئة من غزة لديهم هاتف ذكي، وهذه "الهواتف مغمورة بآلة تحريض (ضد الاحتلال) تروج لها المنظمات الفلسطينية، ومنها مقاطع فيديو تشجعهم على الخروج والقيام بعملية".
ومما يثير القلق لدى المسؤولين في السلطة الفلسطينية بحسب القناة الإسرائيلية، ظهور العديد من التشكيلات المقاومة للاحتلال، في الوقت الذي "أصبحت فيه قدرة السلطة الفلسطينية محدودة أكثر فأكثر، مثل مجموعات عرين الأسود التي ترفع رأسها، وتنفذ المزيد من أعمال المقاومة، في حين يعاني عباس (88 عاما)، من ضعف جسدي وقيادي".
وأفاد التقرير بأن "السلطة تجد صعوبة في تطبيق آليات السلطة وإنفاذ القانون (في الضفة الغربية)، على الرغم من الاحتكاك المباشر مع الجمهور المحلي".
وأكد مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية للقناة، أن "إسرائيل التي تقودها حكومة متطرفة غير مسبوقة تقتل الشعب الفلسطيني، أصبحت تهديدا وجوديا للسلطة، والولايات المتحدة غير قادرة على فرض حل الدولتين، وهي لا تفعل شيئا لمنع الإجراءات الإسرائيلية".
وأعرب مصدر آخر في رام الله عن قلقه من الوضع، وقال للقناة العبرية: "لا أعتقد أن الوضع سيكون جيدا بالنسبة لنا، إنه سيئ جدًا.. أبو مازن يضعف ويفقد ثقة الشعب الفلسطيني"، منوها إلى أنه "في حال لم يتم تحقيق انفراجة في الضغط على نتنياهو (رئيس حكومة الاحتلال) للإفراج عن أموال الضرائب، فإن السلطة ستكون عاجزة".
وفي مؤشر على قلق الاحتلال من التأييد الشعبي الفلسطيني لاستمرار مقاومة الاحتلال، ذكرت القناة أن نحو 72 في المئة من الفلسطينيين يؤيدون الجماعات المسلحة التي تنتشر في مناطق السلطة الفلسطينية مثل "عرين الأسد"، مشيرة إلى تدني شعبية عباس مقابل شعبية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، حيث أظهر استطلاع للرأي حصول كل منها على التوالي؛ 36 في المئة و60 في المئة، وهذا الاتجاه يتجاهله كبار المسؤولين في السلطة".
وختمت القناة بالقول إنه "بينما تستعد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لشهر رمضان، تسمع في الخلفية تهديدات فصائل المقاومة، كما أن الواقع على الأرض لا يبشر بالخير، وضعف السلطة الفلسطينية لدرجة التفكك التدريجي يخلق تهديدا استراتيجيا قد يؤثر بشكل مباشر على إسرائيل، في ظل نمو نشاط المقاومة الذي يملأ هذا الفراغ".
"رد السلطة"
وتعليقا على تكرار محافل إسرائيلية مختلفة حديثها عن تفكك وضعف السلطة الفلسطينية، أوضحت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية على لسان السفير أحمد الديك، المستشار السياسي لوزير الخارجية رياض المالكي، أن "كل ممارسات وانتهاكات واقتحامات جيش الاحتلال، إضافة إلى هدم المنازل ومصادرة الأراضي وتعميق الاستيطان وعمليات القتل خارج القانون، كل هذا يؤدي إلى إضعاف السلطة وتهميشها".
وأضاف في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "انتهاكات وإجراءات الاحتلال يفقد أيضا السلطة المصداقية في أعين جماهيرها وأبناء شعبها، وحتى لا يتحمل الاحتلال المسؤولية يحاولون رمي الكرة في ملعب السلطة، ويحملونها المسؤولية، علما بأن الحكومة الإسرائيلية هي من تتحمل المسؤولية، وأكثر من وزير متطرف صرح بذلك علنا".
ونبه المستشار الديك، أن "الطرف الإسرائيلي يتصرف وكأنه لا يوجد شريك فلسطيني، وكأنه لا يوجد جانب فلسطيني على الإطلاق، وهذا يندرج في عمليات الضم التدريجي الزاحف للضفة الغربية المحتلة"، لافتا أن "الاحتلال يريد أن يحمل السلطة المسؤولية أمام الرأي العام العالمي، لكنهم هم من يتحملون مسؤولية ما يجري".