نشرت
صحيفة "
فايننشال تايمز" تقريرا للصحفيين جوشوا أوليفر و جورج هاموند وسامر
الأطرش وروبرت سميث، قالوا فيه إنه عندما أراد الأمير السعودي
خالد بن سلطان آل سعود
شراء طائرة خاصة في عام 2016، قام مستشاروه السويسريون المختصون بالثروة بتجميع قائمة
بالأصول لتأمين التمويل، الذي شمل جوهرة التاج لثروة عائلته، وهو قصر من 40 غرفة وصفوه
بأنه "قصر
لندن".
هذا
المنزل البالغ من العمر 205 أعوام في ريجنت بارك، والمعروف أيضا باسم "The Holme"، معروض للبيع الآن مقابل 250 مليون جنيه إسترليني، بعد أن عينت
شركة يديرها صندوق التحوط في لندن "Attestor" مستلمين للعقار
بعد انتهاء مدة القرض المضمون بالقصر.
وفتح
البيع، الذي سيكون أغلى صفقة سكنية مسجلة في لندن، نافذة نادرة على القمة الخفية عادة
لسوق العقارات البريطاني.
كما
أنه يسلط الضوء على علاقة الحب المستمرة منذ عقود بين المال السعودي والعاصمة البريطانية،
فضلا عن الضغط المالي على كبار أعضاء العائلة المالكة
السعودية، بعد أن سعى ولي العهد
الأمير محمد بن سلمان إلى كبح جماح الإنفاق الحكومي السخي على الأمراء، وتهميش غير المقربين
منه.
قال
أحد وكلاء العقارات الفاخرة في لندن إن الاهتمام العام الناتج عن البيع ينتهك
"القاعدة الأولى" للصفقات فائقة الجودة. قال الوكيل: "هناك عمليا لافتة
'للبيع' أمامها، إنها ليست بداية جيدة"، مضيفا أنه مع صفقة نموذجية من هذا النوع،
"لا أحد يعرف أنها بيعت، ولا أحد يعرف أنها متوفرة، ولا أحد يعرف السعر".
وقال
شخص مطلع على الشؤون المالية للعائلة المالكة السعودية، إن الأمراء الذين كانوا يتدفقون
على مساكن لندن في الماضي يواجهون الآن موارد مالية أكثر صرامة في الداخل وتدقيقا متزايدا
في المملكة المتحدة.
وأضاف:
"هناك نقود أقل. إذا كان لديك أصول في لندن، نعم، يجب بيعها".
وصفه
الوكيل بأنه "قصر باكنغهام الصغير"، يقع The Holme على قطعة أرض مساحتها أربعة فدادين، وهو واحد من عدد قليل من المساكن داخل
حدود "Regent’s Park". أنفق الأمير
خالد 43 مليون دولار للحصول على عقد إيجار طويل للقصر المصنوع من الجص الأبيض في عام
1991 عبر شركة كويندون المسجلة في جزيرة غيرنسي.
تلقي
دعوى قضائية رفعها مقرض ثان الضوء على سلسلة من الصفقات والقروض تمتد لعقود من الزمن
أدت إلى عرض القصر للبيع.
تكشف
سجلات المحكمة، إلى جانب الأشخاص المطلعين على الوضع، كيف خدمت البنوك الكبرى وشركات
المحاماة وصناديق التحوط الاحتياجات المالية للأمير، وسهلت دخوله إلى قمة سوق العقارات
في لندن.
تم رفع
القضية من قبل شركة يونتيان، وهي شركة إيرلندية تابعة لبنك مينشنغ الصيني، والتي أجّرت
الأمير خالد طائرته الخاصة عبر شركة مسجلة في برمودا.
وتزعم
أن الأمير، الذي قام بتحويل الأموال النقدية لكويندون لشراء المنزل، احتفظ بملكية مفيدة
في "The
Holme"، لذلك يمكن استخدام العقار لتحصيل مدفوعات
الإيجار غير المدفوعة على الطائرة.
وتزعم الدعوى أنه تم استخدام كويندون "لإخفاء"
"الملكية المفيدة المستمرة وحق التصرف للأمير خالد على العقار".
كتب
محامو يونتيان أن الأمير "أوضح لأطراف ثالثة أنه مالك العقار. بينما يؤكد في نفس
الوقت، عندما يكون ذلك مناسبا له، أنه نتيجة لتسجيله باسم صندوق ائتمان خارجي وهيكل
الشركة المذكور، ليس لديه أي علاقة على الإطلاق في العقار"، ورفضت يونتيان التعليق.
خضع
استخدام الشركات الأجنبية لامتلاك عقارات في لندن لتدقيق شديد منذ أن أدى الغزو الروسي
لأوكرانيا العام الماضي إلى فرض عقوبات على أصول أثرياء روس في المملكة المتحدة.
ودعا
سياسيون، بمن فيهم عمدة لندن صادق خان، إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لجعل الملكية
أكثر شفافية.
اتخذت
الحكومة إجراءات لمطالبة الشركات الأجنبية التي تمتلك عقارات في المملكة المتحدة بالإعلان
عن أصحابها المستفيدين.
تسرد
شركة كويندون خمسة من أبناء الأمير خالد كمالكين مستفيدين في مركز تسجيل الشركات.
في أوراق
المحكمة، نفت شركة كويندون أن يكون للأمير خالد نفسه مصلحة في المنزل أو أن شركة يونتيان
يمكنها استهداف العقار لاسترداد ديونها.
وقالت
إن شركة المحاماة لينكلاترز صاغت مذكرة في عام 1991 تحدد فيها أن الأموال التي أرسلها
الأمير خالد إلى كويندون لشراء المنزل كانت "هدية"، وقدمت نصائح حول كيفية
الحصول على المنزل والاحتفاظ به من خلال طريقة "مشروعة" و"ضريبية فعالة".
والتي من خلالها يمكن لـ [الأمير خالد] وأسرته أن يتمتعوا بالاستعمال المستمر للممتلكات
والاستفادة منها".
وقالت
شركة كويندون في إيداعات المحكمة إن المنزل كان مملوكا لصندوق غيرنسي الذي أنشأه ذراع
البنك الملكي الكندي (RBC) في جزر القنال. وامتنع البنك وشركة لينكلاترز
عن التعليق.
الأمير
خالد هو جنرال تدرب في ساندهيرست، وكان نائب وزير الدفاع السعودي لمدة ثلاث سنوات.
يبلغ
الآن 73 عاما، وقد استخدم "The Holme" كمقر إقامته
في لندن، كما اعترفت شركة كويندون، واقترضت الشركة أيضا مقابل قيمة المنزل واستخدمت
الأموال لتمويل قروض للأمير وأفراد الأسرة.
كانت
بعض القروض مدعومة بضمان شخصي من الأمير. لقد ضمن قرضين، بلغ إجماليهما 68 مليون جنيه
إسترليني، قدمتهما ستاندرد تشارترد إلى كويندون اعتبارا من عام 2016. واستخدمت كويندون
الأموال لسداد قرض بقيمة 13.9 مليون جنيه إسترليني من بنك سيتي، وإجراء استثمارات بما
في ذلك محفظة بقيمة 36 مليون جنيه إسترليني يديرها بنك ستاندرد تشارترد، وتقديم قرض
بقيمة 15 مليون جنيه إسترليني للأمير خالد.
وامتنع
بنكا ستاندرد تشارترد وسيتي عن التعليق.
شهد
عام 2017 تغييرا كبيرا في الموارد المالية للعائلة المالكة السعودية، حيث أصبح الأمير
محمد الحاكم الفعلي للمملكة، وشن حملة مزعومة على الفساد ضد أفراد العائلة المالكة ورجال
الأعمال والمسؤولين الحكوميين وغيرهم.
وأدت
الحملة القمعية إلى اعتقال نحو 300 رجل أعمال ومسؤولين حكوميين سابقين وأمراء وآخرين،
رغم أن الأمير خالد لم يكن من بينهم.
في حين
قالت الحكومة إنها استردت 100 مليار دولار من المكاسب غير المشروعة، قال النقاد إنها
كانت جزئيا لعبة قوة تهدف إلى تهميش النخبة المؤثرة التي يمكن أن تشكل تحديا لولي العهد
الصاعد.
قال
مستشار للعائلة المالكة السعودية إن الأمير خالد "كان في وضع جيد للغاية"
من الناحية المالية بعد وفاة والده سلطان بن عبد العزيز آل سعود عام 2011، نجل مؤسس
المملكة ابن سعود، حيث حصل على "نصيب الأسد" من الميراث.
ومع
ذلك، قال المستشار "تغيرت ظروفه المالية بشكل كبير" في حوالي عام 2017. باع
الأمير منذ ذلك الحين يختين، وفقا لأشخاص مطلعين على بيع السفن، وبيتا في باريس بقيمة
87 مليون دولار، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".
اقترضت
شركة كويندون أكثر فأكثر مقابل المنزل في السنوات الأخيرة. قامت بسداد قرض ستاندرد
تشارترد بقرض جديد تم الحصول عليه في عام 2019 من شركة ترينيتي انفستمنس، وهي شركة
إيرلندية تديرها شركة اتيستر.
بينما
يشتهر صندوق التحوط بالمراهنة على ديون الشركات المتعثرة -على سبيل المثال، شراء سندات Wirecard بخصومات كبيرة بعد انهيار شركة الدفع- فقد قام أيضا بتقديم التمويل للمستثمرين
العقاريين الذين يجدون صعوبة في الاقتراض من البنوك.
رفعت
اتيستر دعوى قضائية سابقا على الحكومة الأرجنتينية كجزء من مناوشة طويلة الأمد بين
الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية وحاملي السندات، بينما تمول أيضا دعاوى التقاضي
نيابة عن أطراف ثالثة.
قالت
شركة كويندون في أوراق المحكمة إن الأموال من ترينيتي سمحت لكويندون بتمديد عقد إيجار
"The Holme" وتوفير المزيد من القروض للأمير خالد.
تم تمديد
القرض ثلاث مرات في عام 2020، كما تدعي شركة يونتيان، وتبلغ قيمته الآن حوالي 150 مليون
جنيه إسترليني، وفقا لشخصين على دراية بالوضع.
وقالت
شركة كويندون إنه كان من المقرر التفاوض على إعادة تمويل القرض مع ترينيتي، لكن الصفقة
تم حظرها؛ لأن يونتيان قد حصلت على أمر مؤقت من المحكمة العليا يمنحها حق استرداد ديونها
من العقار.
تنفي
شركة ترينيتي من أن يكون لدى شركة يونتيان حق مطالبة بالعقار، لكنها قالت إن شركة كويندون
"أخفقت في سداد" قروضها بعد استحقاقها.
رفضت
شركة اتيستر التعليق.
في آب/
أغسطس من العام الماضي، أمنت ترينيتي تعيين شركة أف آر بي كمستلمين للعقار، والتي أدت
الآن إلى بيع وتعيين Knight Frank و Beauchamp Estates لتسويق القصر. وامتنع FRP و Knight Frank و Beauchamp عن التعليق.
وفقا
للمستشار الملكي، فإن عملية البيع ليست سوى علامة عامة واحدة على الأزمة المالية التي
تواجه أفراد الأسرة الحاكمة السعودية. قال الشخص: "هذه مجرد تكرارات للوضع.. هؤلاء
الرجال لديهم مشاكل خطيرة".