نشر موقع "
ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا كشف فيه عن
رسائل تتعلق بتمرير الجنرال الليبي المتقاعد خليفة
حفتر معلومات عن موافقة المصريين على تقديم إحاطات لموسكو بشأن مباحثاتهم مع أمريكا.
وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن حفتر أخبر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بأن
الجيش المصري وافق على "إعلام" الروس بفحوى مراسلاته مع الولايات المتحدة، حسبما تظهر برقيات دبلوماسية حصل عليها الموقع.
وجاءت الموافقة المصرية بعد تحذير واشنطن للقاهرة بعدم التعاون مع الكرملين في
ليبيا، حسبما تظهر رسالة أرسلها حفتر إلى وزير الدفاع الروسي، وهي جزء من برقيات تم تبادلها بين حفتر ومبعوثيه والمسؤولين الروس.
وفي رسالة غير مؤرخة لوزير الدفاع الروسي، طلب حفتر من روسيا إرسال مقاتلات عسكرية "في أقرب فرصة" للمطارات المصرية "القريبة من الحدود مع ليبيا" لكي تقوم بغارات، ولكنه اشتكى من تحذير واشنطن للقاهرة بعدم السماح باستخدام أراضيها كنقطة انطلاق للمساعدة في الإطاحة بالحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس.
ويعتقد أن الرسالة أرسلت بعد زيارة لحفتر إلى حاملة الطائرات الروسية في البحر المتوسط في كانون الثاني/ يناير 2017 ، وجاء فيها: "تعلمون الضغوط من الإدارة الأمريكية على الجمهورية المصرية التي تقف مع القوات المسلحة العربية الليبية" و"وافقنا مع القيادة المصرية لإخباركم بالوضع الكامل".
ويعلق كاتب التقرير، شون ماثيوز بالقول، إن الإشارة إلى مصر وإعلام
موسكو بمجريات المحادثات مع الولايات المتحدة يظهر التحدي الذي يواجه واشنطن لحشد دعم القاهرة في محاولة إخراج روسيا من ليبيا ومناطق أخرى في ليبيا. وكان موضوع إخراج المرتزقة الروس التابعين لشركة فاغنر المقربة من الكرملين الموضوع الرئيسي في المحادثات التي أجراها مدير الاستخبارات الأمريكي ويليام بيرنز مع المسؤولين المصريين في كانون الثاني/ يناير.
وقال جليل الحرشاوي، الباحث في المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن، إنه يشك بمساعدة القاهرة "لا يزال المصريون مع الروس" و"لديهم علاقة سياسية قريبة من بعضهم البعض"، فالعلاقات بين مصر وروسيا تمتد أبعد من ليبيا، فقد رفضت القاهرة مثل بقية الدول العربية، دعم العقوبات الغربية على روسيا، وتقوم الشركة المملوكة من الدولة روساتوم ببناء مفاعل نووي في مصر.
ويقول دبلوماسيون، إن موسكو والقاهرة تحالفتا للحفاظ على حفتر في شرق ليبيا، حيث يقوم مرتزقة فاغنر بإدارة نظام صواريخ بانتسير للدفاع عن حفتر. وطلبت القاهرة من روسيا استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن لمنع المقترح الذي تم طرحه في الأمم المتحدة لإحياء العملية الإنتخابية في ليبيا، حسبما قال دبلوماسيان على معرفة بالأمر.
وفي الوقت الذي أرسل فيه حفتر الرسالة إلى شويغو كانت قواته تخوض حربا في بنغازي للسيطرة على ما يعرف بـ "الهلال النفطي" حيث يتركز معظم إنتاج النفط الليبي.
وأخبر حفتر شويغو بأنه يريد دعما عسكريا لمحاربة الجماعات الإرهابية التي زعم أنها تتلقى دعما ماليا من قطر. وزعم حفتر أن بريطانيا تعمل وبشكل سري على الإطاحة به وتتعاون مع فصيل "البنيان المرصوص" وهي مجموعة من الجماعات المسلحة التي نظمت من مدينة مصراتة والتي لعبت دورا في هزيمة تنظيم الدولة في مدينة سرت.
ولاحظ التقرير أن البرقيات الدبلوماسية التي أرسلها حفتر والممثلون له إلى الروس امتلأت بالشكوى من تدخل أطراف خارجية مع أنه حاول الحصول على دعم أطراف خارجية. وتعرضت إيطاليا للهجوم لدعمها "المتطرفين" في رسالة منفصلة أرسلها سفير ليبيا في السعودية والشخص الموثوق من حفتر عبد الباسط بدري إلى شويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف وميخائيل بوغدانوف المبعوث الخاص لبوتين إلى الشرق الأوسط وأفريقيا.
وجاء في الرسالة: "نؤكد طموحات إيطاليا للسيطرة واحتكار مصادر ليبيا، والموجودة منذ استعمارها لليبيا"، مكررا أيضا دعم قطر للمتطرفين.
وردا على المزاعم، علق مصدر إيطالي للموقع أن سياسة إيطاليا هي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأجنبية.
ويقول محللون إن روسيا ناورت وبطريقة فعالة مستخدمة طموحات القادة المحليين والمشاعر الحانقة ضد الغرب والفراغ الأمني لتعميق وجودها في أفريقيا.
وقال صمويل رماني، المحلل في المعهد الملكي للدراسات المتحدة: "تم تشكيل صورة روسيا المعادية للغرب وكحاجز أمني لتناسب مشاعر وكلائها المحليين الذين تدعمهم".
وفي رسالة أخرى تعود إلى نفس الفترة، طلب بدري، وهو سفير ليبيا حاليا في الأردن إمدادات روسية من مروحيات أم أي-17 مزودة بمناظير ليليلة ومقاتلات ميغ-23. وقال بدري للموقع إنه قطع علاقاته مع حفتر منذ 2017 و"لا علاقة" له مع الروس منذ سنين.
وبعد زيارة حفتر لحاملة الطائرات الروسية التي رست قرب الشواطئ الليبية، طلب العقيد فلاديمير كريشنكو، الملحق العسكري في سفارة موسكو بالرياض تفاصيل من حفتر حول أنظمة الرادار الليبية ومدى سيطرته على القواعد الجوية، حسب رسالة مؤرخة في 25 كانون الثاني/يناير 2017.
وزادت روسيا دعمها لحفتر في أثناء هجومه على طرابلس بالفترة ما بين 2019- 2020، والتي قتل فيها 2.500 شخص وشُرد 150.000 شخص. وقدم مرتزقة فاغنر تدريبا لعناصر بارزة في قوات حفتر ووحدات المدفعيات.
ومع تقدم العملية تحمل المرتزقة أعباء أخرى مثل وضع الألغام والمفخخات واتخذوا مواقع قناصة. وفي الوقت الذي ظهر فيه حفتر كشريك رئيسي لروسيا، عملت موسكو على التواصل مع نجل معمر القذافي، سيف الإسلام وحتى الحكومة في طرابلس التي كان حفتر يحاول الإطاحة بها.