يمثل الرئيس الأمريكي السابق، دونالد
ترامب الثلاثاء أمام
المحكمة الجنائية في نيويورك، بعدما وجهت إليه التهمة رسميا في قضية شراء صمت نجمة
أفلام إباحية عام 2016.
ووجه مدعي عام مانهاتن ألفين براغ الذي
يتبع مكتبه لقضاء ولاية نيويورك، التهمة رسميا إلى الرئيس السابق الطامح للعودة
إلى البيت الأبيض في انتخابات 2024، في قضية دفع مبلغ 130 ألف دولار إلى ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي
دانيالز، واسمها
الحقيقي ستيفاني كليفورد، لشراء صمتها قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين
الثاني/نوفمبر 2016.
والشاهد الأساسي في الملف هو محامي
ترامب السابق مايكل كوهين الذي أصبح عدوه اللدود، وهو الذي دفع المبلغ لستورمي
دانيالز عام 2016.
"مشية الجاني"
عاد مصطلح "مشية الجاني"، أو
"Perp walk" بالإنجليزية إلى
الظهور بعد توجيه التهم لترامب، وهي ممارسة
تعود إلى الثمانينيات، وازدهرت عندما كان الأمريكي درودولف جولياني مدعيا عاما، والهدف منها تمكين
وسائل الإعلام من التقاط الصور لـ"المشتبه بهم"، إذا إنهم لا يزالون في طور الاتهام وليسوا
جناة بعد.
ونشأت الممارسة بعد أوامر المحاكم بالقبض على المتهمين، وتقول وكالات إنفاذ القانون بأنها جزء من الشفافية ونظام العدالة الجنائية، وهي جزء من إجراءات الشرطة في القبض على المطلوبين للعدالة.
اشتكى المحامون في الثمانينيات خصوصا في
الحالات التي يكون المتهم فيها من الأثرياء، من أن هذا الإجراء غير ضروري، وفيه انتهاك للخصوصية، خصوصا أن التهم لم تثبت بعد، وبالفعل
قامت به الشرطة في عدة حالات كان المتهمون فيها مستعدين للذهاب طوعا للمحكمة.
وفي حالة ترامب، لا يعرف إذا ما كانت
سلطات إنفاذ القانون ستسمح له بالوصول إلى المحكمة من الأبواب الخلفية، أم أنها
ستعمد إلى وضع الأصفاد في يديه والسماح لوسائل الإعلام بالتقاط الصور له.
من جانبها، قالت صحيفة
"الغارديان" البريطانية؛ إن ترامب يرغب في أن تُقيّد يداه بعد أن توجه له لائحة اتهام، وهو ما حصل فعلا.
وأشارت إلى أن ترامب يريد من هذه الحركة
أن يبعث برسالة تحدّ لمعسكر خصمه جو
بايدن، إضافة إلى محاولته استقطاب الجمهوريين،
إذ إن ظهوره مقيدا سيحفز قاعدته الجماهيرية التي طلب منها النجدة قبل أيام.
"لوائح الاتهام"
لائحة الاتهام هي وثيقة تقدم إلى
المحكمة، وفيها اسم المتهم، والتهم الموجهة إليه، وكيف يزعم المدعون عليه أنه خرق القانون،
وعليه يجب على المدعين إثبات جميع عناصر الجريمة الموضحة في لائحة الاتهام.
بعد لائحة الاتهام، يمكن القبض على المتهم،
أو أن يسلم نفسه طوعا للسلطات، لأخذ بصماته، والتقاط صورة له، ويتم تلاوة حقوقهم
عليهم، ومن بينها أن لديهم الحق في الصمت، وبتوكيل محام، ويمكن أن يتم تقييد أيديهم إذا استدعى الأمر.
في حالة ترامب، الوارد حتى الآن، أن تم
التواصل مع محامي ترامب من أجل تنسيق طريقة تسليم نفسه.
من يصدر لائحة الاتهام؟
يصوت ما تسمى "هيئة المحلفين
الكبرى" على لائحة الاتهام، بعد أن تجتمع سرا للنظر في الأدلة، وسماع الشهود،
دون حضور المتهم، ويعد المحلفون لائحة اتهام إذا رأوا أن الأدلة كافية.
بعد لائحة الاتهام، يمثل المدعى عليه
أمام القاضي ليتلو عليه الاتهامات، وبعدها يرد المدعى عليه بأنه إما مذنب، أو غير مذنب، وغالبا سيتم الإفراج عن ترامب دون كفالة وسيحدد القاضي مواعيد جلسات الاستماع
للأدلة والشهود،
وسائل إعلام محلية.
وسيتلو مدعي عام منهاتن، الثلاثاء لائحة الاتهام على ترامب، فيما لا تزال اللائحة مختومة بعد أن أيدتها
هيئة المحلفين الكبرى.
ولفتت شبكة "سي إن إن" إلى
حوالي ثلاثين تهمة تتعلق بمخالفات؛ بهدف إخفاء عملية دفع مبلغ 130 ألف دولار وإخفاء
قيده في الحسابات أواخر العام 2016.
"الإجراء"
الترتيب، أو الإجراء غير القانوني، في
حالة ترامب هو دفع المال لدانيالز من أجل بقائها صامتة خلال فترة ما قبل انتخابات
2016، واعتبر هذا "الإجراء" عملا غير قانوني برأي المدعين.
لكن التهم الواردة في لائحة الاتهام،
والمترتبة على هذا "الإجراء" قد تكون متعددة.
من قام بـ"الإجراء" في حالة
الرئيس الأمريكي السابق، هو محاميه آنذاك كوهين، الذي قدم المال لدانيالز،
لكن ترامب وقع له عددا من الشيكات تعويضا عن المال الذي دفعه.
وقال ترامب؛ إنه لم يكن يعلم بأمر دفع
المال لدانيالز، فيما تم إخفاء الغرض من المدفوعات في أوراق الشركة، ما يجعلها "نفقات غير قانونية".
بموجب
قانون ولاية نيويورك، يعتبر إخفاء
المدفوعات في السجلات مخالفة قانونية، لكنها مجرد "جنحة"، أما إذا كان
إخفاؤها يهدف إلى التعتيم على جريمة أخرى، يصبح حينها "جناية".
والجريمة الأخرى في حالة ترامب، هي انتهاك
قوانين تمويل الحملات الانتخابية.
انقلاب كوهين على ترامب، لا يجعل
محاكمة ترامب سهلة، إذ من السهل الطعن في مصداقيته، بعد أن أقر بالذنب عام 2018 في
تسع جرائم، وتلقى حكما بالسجن لثلاث سنوات، رغم أنه أعرب عن ندمه أنه كان حليفا
لترامب في يوم من الأيام.
أمر آخر يصعب مهمة إدانة ترامب، هو أن التهم
تعود للأعوام 2016 و 2017، وقانون التقادم لمثل هذه التهم في نيويورك هي خمس
سنوات، إلا في حالات استثنائية.
وصعوبة أخرى متعلقة بإثبات أن "الإجراء" غير قانوني، هي أن المدعين العامين مطالبون بإثبات أن ترامب كان يعلم أنه "إجراء غير
قانوني"، لكن ترامب يمكنه الرد ببساطة بأن كوهين محام، وأنه كان يعتقد أنه
ينفذ المدفوعات بالطرق القانونية.