نشر موقع "تسارغراد" الروسي تقريرا تحدث فيه عن الجدل الذي أثير في وسائل الإعلام في أعقاب تصريح سفير
الصين لدى الاتحاد الأوروبي فو كونغ بشأن عدم اعتراف الصين بضم شبه جزيرة القرم ومناطق جديدة إلى
روسيا، ما فتح الباب للتساؤل عن ما إذا كان التعاون الروسي الصيني تحت التهديد.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن التوترات الجيوسياسية الراهنة توجّه نظر الرأي العام الروسي نحو العلاقات الثنائية مع الصين.
وفي وقت سابق، كانت دائرة الأشخاص المهتمين بالأخبار المتعلقة بالصين في روسيا ضيقة وتقتصر على المستشرقين ورجال الأعمال الذين أسسوا أعمالا تجارية مع الصينيين، لكن مع بداية الأزمة الروسية الأوكرانية وما تلاها من عقوبات ضد روسيا فقد تغيّر الوضع بشكل ملحوظ.
وأورد الموقع أن العلاقات بين روسيا والصين تعتمد على مواقف بكين، واحتمال خسارة
موسكو لهذا الحليف ينذر بعواقب خطيرة. يمثل التحالف الروسي الصيني كابوسًا بالنسبة للاستراتيجيين الأمريكيين الذين يعتبرون تدميره على رأس أولوياتهم، لذلك فقد اختلفت تكهنات وسائل الإعلام الغربية عقب تصريحات فو كونغ.
هل يتخلى شي عن موسكو؟
بينما تتعامل مع مشاكلها الداخلية الحادة على غرار الأويغور والتبت والانفصالية التايوانية والنزاع الإقليمي القائم مع الهند، تتمسك الصين بموقفها بشأن وحدة الأراضي.
ونقل الموقع عن أليكسي ماسلوف، مدير معهد جامعة "موسكو" الحكومية للدراسات الآسيوية والأفريقية، أن "الصين اتخذت موقفًا محايدًا ولم تعترف بشرعية ضم روسيا للقرم في جميع جلسات تصويت الأمم المتحدة بشأن قضية القرم. لكن بالنظر إلى خطة السلام التي قدمتها الصين، فإن موقفها من عدم توسيع الكتل العسكرية واضح".
وأشار الموقع إلى أن توتّر العلاقات الأمريكية الصينية بات واضحًا بعد مرور ثلاثة أشهر دون تعيين سفير صيني لدى الولايات المتحدة، مع العلم أن هذا المنصب لم يشهد فراغًا طول هذه المدة منذ تطبيع العلاقات الثنائية عام 1979.
وفي الأثناء، تتصاعد المواجهة العسكرية في ظل تمسك البيت الأبيض بالوقوف إلى جانب تايوان، ولو تطلب ذلك شن حرب. في خضم هذه الظروف، تريد الصين الحفاظ على العلاقات التي تجمعها مع أوروبا، خاصة أن حجم المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي تجاوز خلال سنة 2020 حجم المبادلات مع الولايات المتحدة.
وبحسب سيرجي ساناكوييف، نائب رئيس جمعية الصداقة الروسية الصينية ورئيس مركز بحوث منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإنه "يتعين الاسترشاد بتصريح رئيس مكتب لجنة الشؤون الخارجية التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وانغ يي، وبكلمات الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي قال لبوتين مباشرة: "أنت لديك أنا، وأنا لدي أنت".
وفي الحقيقة، أُخرج تصريح السفير الصيني لدى الاتحاد الأوروبي عن سياقه، رغم تأكيده عدم إدانة بلاده للعملية العسكرية الروسية كونها تتفهم اتهامات روسيا ضد الناتو.
ويرى ماسلوف أنه "من الضروري الاعتماد على حجم التفاعل بين روسيا والصين الملحوظ في الوقت الراهن. فبحلول نهاية السنة الماضية، تجاوز حجم التبادل التجاري 190 مليار دولار، مع الأخذ بعين الاعتبار العقود الكبيرة التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس الصيني إلى موسكو. وفي حال تخلت الصين عن دعم روسيا، ستسجل الأخيرة انخفاضًا في حجم الواردات من المعدات فائقة التكنولوجيا أو حجم صادرات موارد الطاقة، الأمر الذي لم نلحظه حتى اليوم".
هدية للولايات المتحدة
منذ سبعينيات القرن الماضي إلى أوائل 2010، شهدت العلاقات بين بكين وواشنطن تحسنًا ملحوظًا، وقد أطلق الخبراء على التعاون بين الصين والولايات المتحدة في المجال الاقتصادي واتخاذ مواقف مماثلة في القضايا الدولية مصطلح "صي ميريكا". لكن تغير الوضع مع استلام شي جين بينغ السلطة وتنامي النفوذ الاقتصادي للصين، التي دخلت في صراع من أجل السيطرة على العالم.
ونقل الموقع عن فالنتين كاتاسونوف، البروفيسور في العلوم الإقتصادية، قوله إنه "لن تقيم الصين والولايات المتحدة علاقات تحالف وثيقة مطلقًا. ويمكن وصف العلاقات القائمة اليوم على أنها تناقضات إمبريالية تتجلى في العديد من المظاهر"، مضيفًا أن "الولايات المتحدة إمبريالية قديمة والصين دولة فتية ذات طموحات عالمية. وتعد محاولات الصين الاستفادة من الضعف الاقتصادي في أوروبا وعرض رؤوس أموالها وعقودها عليهم أمرا طبيعيا. في الوقت الراهن، يعتمد الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على الولايات المتحدة، لكن مع مرور الوقت ستنقلب الموازين في العالم القديم لصالح الصين".
ماذا في ذلك؟
ذكر الموقع أن العلاقات الأمريكية الصينية تمرّ بواحدة من أسوأ فتراتها، وقد تسوء أكثر عقب إعلان قائد قيادة النقل الجوي مايك مينيهان، ورئيس العمليات البحرية الأدميرال مايكل جيلداي، وقائد الأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ، الأدميرال صموئيل جي بابارو، وقائد القيادة الإستراتيجية الأمريكية، التي تشرف على برنامج الأسلحة النووية الأدميرال تشارلز ريتشارد، عن احتمال شن حرب ضد الصين.
وفي نهاية التقرير، قال كاتاسونوف إن "مسألة اندلاع حرب من عدمها تعتمد كليًا على الولايات المتحدة لأن الصين تدعو البيت الأبيض بشكل لا لبس فيه إلى الجلوس على طاولة المفاوضات وإجراء حوار، في حين تطالب واشنطن بكين بالتصرف وفقا لقواعدها". وأضاف أن روسيا والصين تمتلكان الموارد والقوات التي يمكن بمساعدتها إجبار أي خصم بما في ذلك كتلة الناتو على السلام.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)