يرى
مسؤول أمريكي سابق أنه يكاد يكون من المستحيل رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية
عن
سوريا دون حدوث تغيير جوهري في سلوك رئيس النظام بشار
الأسد.
ويعتقد
أندرو تابلر، المدير السابق لشؤون سوريا في "مجلس الأمن القومي" الأمريكي،
أنه برغم أن دول الخليج لها أسبابها الخاصة للتواصل مع الأسد،
لكن عليها أن تفهم أن واشنطن لن تستثنيها من معظم العقوبات متعددة الأطراف المفروضة
على سوريا دون حدوث تغيير جوهري في سياسة النظام.
وبعد استعراض
للمجهودات الأردنية والإماراتية لإعادة الأسد إلى الجانب
العربي، وأسبابهما
الخاصة، والزخم الكبير الذي حدث بعد الزلزال المدمر والانفتاح الواسع على دمشق،
والاستقبال الحافل للأسد في عاصمتين عربيتين، إضافة لموسكو، فإنه يكاد يكون من المستحيل رفع العقوبات الأمريكية
والأوروبية دون حدوث تغيير جوهري في سلوك الأسد، وفق مقال لتابلر نشره "معهد
واشنطن".
ويقول إن "شلال الزيارات التي قام بها مسؤولون
عرب ومسؤولون آخرون في المنطقة إلى دمشق (بعد الزلزال)، يشير إلى أنهم يرون فرصة للتعبير
عن سياسة الجزرة تجاه الأسد بسبب إصدار وزارة الخزانة الأمريكية "ترخيصاً عاماً"
لمدة 180 يوماً أو إعفاءً مؤقتاً من العقوبات في 9 شباط/ فبراير بعنوان "السماح
بالمعاملات المتعلقة بجهود الإغاثة من الزلزال في سوريا". "كما
سمحت واشنطن بتنفيذ معاملات الإغاثة من الزلزال، التي لم يتم تحديدها، مباشرة مع
"الحكومة السورية"".
لكن
هذا لا يعني أن سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا قد تغيرت، أو أن العقوبات على وشك
أن تُرفع من أجل إعادة الإعمار. ليست هناك فرصة لحدوث ذلك، بحسب تابلر.
وينتهي
"الترخيص العام" في آب/ أغسطس المقبل. وفي حين أن "أحكام انقضاء"
مفعول "
قانون قيصر" ستنتهي في عام 2024، إلّا أنه من شبه المؤكد أنه سيتم
تمديد مفعول القانون كما يتضح من التصويت (بأغلبية 414 مقابل 2 فقط) في الكونغرس الأمريكي
في 27 شباط/ فبراير، الذي يدين "جهود نظام الأسد لاستغلال الكارثة بشكل ساخر من
أجل التهرب من الضغط والمساءلة الدولية".
وحتى
لو انتهى مفعول "قانون قيصر"، إلّا أن أنواعا متعددة من العقوبات على صادرات
النفط السوري وتصنيفاته ستبقى سارية المفعول، بغض النظر عن الحزب الذي يسيطر على البيت
الأبيض. وهناك عقوبات جديدة أخرى في الطريق، حيث يقضي "قانون تفويض الدفاع القومي"
الأمريكي لعام 2023 بأن تضع إدارة بايدن استراتيجية مشتركة بين الوكالات لتعطيل وتفكيك
إنتاج الأسد للمخدرات والاتجار بها.
وبحسب
تقديرات تابلر فإن الطريقة الوحيدة لتخفيف العقوبات الأمريكية على سوريا - ناهيك عن
رفعها - هي أن يغيّر الأسد سلوكه بشكل جذري.. على الأسد أن يهيئ الظروف لعودة السوريين
إلى ديارهم دون خوف من التجنيد أو الاحتجاز أو الاختفاء. وعلى الأسد أن يمضي قدماً
في عملية "قرار مجلس الأمن رقم 2254"، والذي يشمل، على سبيل المثال لا الحصر،
التحرك في موضوع "اللجنة الدستورية".
وإذا
لم يُحرَز تقدم، فإن الدول العربية، التي تطبّع علاقاتها مع الأسد، وتنخرط في إعادة
الإعمار، ستتعرض بشكل شبه مؤكد للتصنيفات والانتهاكات الأخرى للعقوبات من قبل وزارة
الخزانة الأمريكية. وما لم تحدث تغييرات كبيرة في الطريقة التي يحكم بها الأسد سوريا
ويدير شؤونها، من بينها تساهله مع الميليشيات والأصول الإيرانية الموجودة على الأراضي
السورية فضلاً عن منشآت إنتاج الكبتاغون، فستكون هذه محاولة أخرى لرمي المال العربي
الجيد بعد السيئ، لتعويض الخسائر المستمرة لهذه الدول مقابل نفوذ إيران في بلاد الشام.