قال خبراء إن توقع نتيجة المعارك الدائرة الآن في
السودان بين قوات
الجيش، وقوات
الدعم السريع، أمر مستبعد في الأيام الأولى للقتال.
من جانبه، رأى المدير السابق للشؤون الأفريقية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، كاميرون هيدسون، أنه من السابق لأوانه تحديد مصير المعركة الدائرة الآن في السودان، مشيرا إلى أنها قد لا تنتهي قريبا.
وحول احتمالات تدخل واشنطن ودول الترويكا لعقد لقاءات مع طرفي المعركة، قال هيدسون لـ"عربي21": "يبدو أن واشنطن والترويكا لديهما نفوذ ضئيل للغاية في كل ما يحدث، فلقد قرروا منذ زمن بعيد عدم فرض عقوبات".
وتابع بأن كافة المساعدات الأمريكية المالية والإنمائية معلقة، واقتصاد السودان قد انهار بالفعل.
وكانت هناك أنباء تحدثت عن احتجاز قوات الدعم السريع لجنود مصريين كانوا متواجدين في قاعدة مروي.
بالمقابل، قال الجيش المصري في بيان على لسان المتحدث باسمه، العقيد غريب عبد الحافظ، إن "الجيش يتابع عن كثب الوضع في السودان، وينسق مع السلطات السودانية المعنية لضمان تأمين القوات المصرية".
من جهته، قال هيدسون لـ"عربي21": "على ما يبدو، فإن مصر تدعم قوات الجيش السوداني عسكريا في مواجهة قوات الدعم السريع، للحفاظ على مصالحها".
وعن تأثير هذه المعركة على الوضع السياسي العام في السودان، قال إن "المحادثات السياسية ماتت ودفنت في الأساس في هذه المرحلة، وتُظهر هذه المعركة أن تلك المحادثات لم تكن أكثر من عرض جانبي، لكن كان الحدث الرئيسي دائمًا هو إصلاح قطاع الأمن، وكان من المرجح دائمًا أن يتحول إلى عنف".
وفي ظل الحديث عن تواجد عسكري مصري في السودان، كذلك ما كان يقال عن دعم روسي لحميدتي خاصة بعد زيارته لموسكو في 2022، يبقى السؤال: هل سيكون هناك تدخل عسكري للقاهرة وموسكو في المعركة الجارية؟
وقال المدير السابق لمكتب المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، كاميرون هيدسون، إنه "ليس لديه أدنى شك بأن مجموعة فاغنر الروسية تساعد بالفعل في السودان على الأرض في هذه المعركة، وكذلك مصر أيضا".
وأضاف: "لكن لا أتوقع أننا في هذه المرحلة سنرى أطرفا أخرى تُساهم بقوات على الأرض، لكن يجب أن نقلق بشأن إمكانية قيام دول مثل تركيا والصين ببيع أسلحة متطورة مثل الطائرات دون طيار إلى أي من الجانبين".
لحظات حرجة وداعمون دوليون
على جانب آخر، قال الخبير البريطاني في
الشؤون الأفريقية، مارتن بلوت إن السودان يعيش الآن لحظات حرجة، مؤكدا أن كلا من
إسرائيل، والولايات المتحدة، ومصر، يدعمون قوات الجيش بقيادة البرهان، فيما تدعم
الإمارات، وإريتريا، وروسيا، ومجموعات فاغنر المقاتلة قوات الدعم السريع بقيادة
حميدتي.
وتابع بلوت في حديث
لـ"عربي21": "بالتالي يبدو أن هناك فرصة ضئيلة للتسوية بينهما، يبدو
أن القتال سيطول، ولا أحد يمكنه التنبؤ بالاحتمالات".
وحول نتيجة المعركة قال: "إذا
انتصر البرهان، فيمكن أن يعود الوضع في السودان إلى ما هو طبيعي، ومن المرجح أن
تستمر المناقشات والمصالحة مع الجماعات المدنية، بالمقابل إذا انتصر حميدتي فإن كل
الرهانات ستكون متوقفة".
وتابع بأن انتصار حميدتي سيكون تحولا
في المشهد السياسي السوداني، ونجاحا لمحور روسيا وإريتريا والإمارات.
وأكد أن توقع النتائج مستحيل الآن، لكن
الجيش يملك أفضلية بسبب امتلاكه سلاح الجو، والتدريب.
وشكك بلوت "بإمكانية نجاح الوساطة الدولية بين الطرفين في هذه المرحلة"، مضيفا: "ومثال على ذلك الحرب في تيغراي، عملت الوساطة فقط بعد عامين من القتال".
يُشار إلى أن المعركة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني كانت قد انطلقت صباح السبت، بعد فشل الوساطات في تقريب وجهات النظر بين البرهان وحميدتي حول قضية دمج الدعم السريع بالجيش.
وكان حميدتي قائد قوات الدعم السريع يرفض دمج قواته بالجيش قبل تشكيل حكومة مدنية وانتقال السلطة لها، بالمقابل كان البرهان يريد دمج القوات قبل البدء بالعملية السياسية، ليكون هذا الدمج مقدمة لتوقيع الاتفاق السياسي النهائي.
ونتيجة لهذا الخلاف، فشلت القوى السياسية والمكون العسكري (الدعم السريع والجيش) في التوصل لاتفاق سياسي نهائي يُنهي الأزمة السياسية السودانية المستفحلة منذ سقوط نظام البشير.