حذرت العديد من المؤسسات المختصة بشؤون الأسرى، من خطورة تصاعد انتهاكات
الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى
الفلسطينيين في
السجون الإسرائيلية.
ويصادف اليوم 17 نيسان/ أبريل من كل عام، اليوم الوطني لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال، وهو اليوم الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني، باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1974، واعتبره يوما لتوحيد الجهود والفعاليات لنصرة الأسرى والحث على تحريرهم.
تطوير أدوات التّنكيل
وأكد تقرير مشترك بمناسبة
يوم الأسير الفلسطيني صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة "الضمير" لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز وادي حلوة بالقدس، "تصاعد عدوان الاحتلال على الشعب الفلسطينيّ، وتنفيذ المزيد من الجرائم والانتهاكات الممنهجة، حيث شهدت قضية الأسرى منذ العام المنصرم -الذي كان أكثر الأعوام دموية- تحولات خطيرة، وذلك في ظل وصول اليمين الصهيونيّ الأكثر تطرفًا لدى الاحتلال إلى سدة الحكم، ومنهم من يسمى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير".
ونوه التقرير الذي وصل "عربي21" نسخة عنه، إلى أن "بن غفير سخر كل ما يملك من أدوات للتحريض على الأسرى، وعائلاتهم وكذلك على عائلات الشهداء، حيث وصل هذا التّحريض إلى مرحلة لم نشهدها من قبل، خاصّة في ظل الأدوات المستحدثة التي يحاول ترسيخها عبر مستويات أجهزة الاحتلال، ومنها إدارة سجون الاحتلال، والأهم تشريع، وتمرير قوانين عنصرية، إلى جانب جملة من السّياسات الثابتة والممنهجة التي ينفذها الاحتلال، بهدف فرض مزيد من الهيمنة والسّيطرة على الأرض، والتي تعكس مستوى نظام الفصل العنصري (الأبرتهايد) القائم بصور متعددة، وتعكسه هذه السّياسات على مدار الساعة".
وأكدت مؤسسات الأسرى، أن "المتغير الوحيد القائم؛ أنّ سلطات الاحتلال وبأجهزتها المختلفة، عملت على تطوير المزيد من أدوات التّنكيل، وتعمق انتهاكاتها عبر بنية العنف الهادفة إلى سلب الأسير الفلسطيني فاعليته وتقويض أي حالة نضالية متصاعدة ضده بهدف تقرير مصيره، وحماية حقوقه الإنسانية".
وأفادت بأن "الاحتلال يواصل اعتقال نحو 4900 أسيرا، بينهم 31 أسيرة، و160 طفلًا بينهم طفلة، إضافة إلى أكثر من ألف معتقل إداريّ بينهم 6 أطفال، وأسيرتان- هما رغد الفني وروضة أبو عجمية، موضحة أن عدد الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو، يبلغ 23 أسيراً، أقدمهم الأسير محمد الطوس المعتقل منذ 1985، إضافة لاستمرار اعتقال 11 أسيرًا من المحررين في صفقة "وفاء الأحرار"، حيث أعاد الاحتلال اعتقالهم وهم من قدامى الأسرى الذين اعتقلوا منذ ما قبل أوسلو، وحرروا عام 2011 وأعيد اعتقالهم عام 2014، أبرزهم الأسير نائل البرغوثي الذي يقضي أطول فترة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة، حيث دخل عامه الـ 43 في سجون الاحتلال".
وأشارت إلى أن "عدد الأسرى الذين أمضوا أكثر من 20 عامًا وصل إلى قرابة الـ 400 أسير وهم من يعرفون بـ"عمداء الأسرى"، فيما بلغ عدد الأسرى الذين صدرت بحقّهم أحكامًا بالسّجن المؤبد 554 أسيراً، وأعلى حكم أسير من بينهم الأسير عبد الله البرغوثي ومدته 67 مؤبداً، وبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة 236 شهيدا، منذ عام 1967، إضافة إلى مئات من الأسرى اُستشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها من السجون.
أما عدد الأسرى الشهداء المحتجزة جثامينهم فقد بلغ 12، والأسرى المرضى بلغ عددهم أكثر من 700 أسير "يعانون من أمراض بدرجات مختلفة وهم بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية حثيثة، منهم 24 على الأقل مصابون بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة، أصعب هذه الحالات اليوم حالة الأسير القائد وليد دقّة المعتقل منذ 37 عامًا، والأسير عاصف الرفاعي".
عمليات الاعتقال في 2023
سجلت المؤسسات المختصة منذ مطلع العام الجاري، نحو 2300 حالة اعتقال حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، وتشكل عمليات الاعتقال أبزر السّياسات الثّابتة، والممنهجة التي استهدفت كافة شرائح المجتمع الفلسطينيّ، وبلغ عدد الأطفال المعتقلين منذ مطلع العام الجاري أكثر من 350 غالبيتهم من القدس، فيما بلغ عدد النّساء والفتيات اللواتي تعرضن للاعتقال 40".
ونوهت مؤسسات الأسرى، إلى أن "القدس شهدت أعلى نسبة عمليات اعتقال، وتجاوزت حالات الاعتقال خلال العام المنصرم أكثر من 3000 حالة من بين 7000 حالة اعتقال من كافة الأرض الفلسطينية، ولم تتوقف فعليا وتيرة الاعتقالات العالية منذ مطلع العام الجاري حيث سجلت أكثر من 1200 حالة اعتقال في القدس وبلداتها، إلى جانب عمليات الاعتقال، والحبس المنزلي، والإبعاد، وفرض الضرائب، والغرامات، والتعويضات، وهدم المنازل، والحجز على أموال عائلات أسرى داخل سجون الاحتلال، ومحررين، بهدف محاربة الوجود الفلسطيني، وتهجير السكان الأصليين من القدس".
وأشارت إلى أن "سياسة العقاب الجماعي، والاعتداء على المعتقلين وعائلاتهم، والملاحقة المتكررة، والتهديدات، واستخدام العائلة كأداة للضغط على المعتقل، وجريمة التّعذيب في مراكز التّحقيق، والحرمان من أبسط حقوقهم، تشكل أبرز انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى وجرائمه الممنهجة، إضافة إلى المنع من لقاء المحامي، واحتجازهم لفترات طويلة في مراكز التّحقيق حتى بعد انتهاء التّحقيق، عدا عن تعرض الجرحى للاستجواب، والتّحقيق داخل المستشفيات، وممارسة الإهمال الطبي بحقّهم".
واقع الأسرى داخل السجون
ولفتت إلى أن "أجهزة الاحتلال وعلى رأسها إدارة سجون الاحتلال، استمرت في تنفيذ سياساتها الثابتة، والممنهجة بحقّ الأسرى والأسيرات ومنهم الأسرى الأطفال، وأبرزها جريمة الإهمال الطبي "القتل البطيء"، التي تشكّل اليوم أبرز هذه الجرائم، وكان آخر ضحايا الإهمال الطبي، الشهيد أحمد أبو علي من الخليل، الذي استشهد في شهر شباط/ فبراير 2023".
ويضاف لهذه السّياسات، "سياسة العزل الانفراديّ، التي تصاعدت بشكل ملحوظ منذ 2021 حتّى اليوم، وتحديدا بعد عملية "نفق الحرية" البطولية، وبلغ عدد الأسرى الذين يواجهون العزل الانفرادي اليوم نحو 35 بينهم أسرى مرضى يعانون من أمراض نفسية، وصحية مزمنة، منهم الأسير أحمد مناصرة الذي يواصل الاحتلال اعتقاله، وعزله رغم ما وصل إليه من وضع صحي ونفسي خطير، علما بأن أقدم الأسرى المعزولين هو الأسير محمد خليل الذي يواجه العزل الانفرادي منذ أكثر من 15 عاما".
وأكدت مؤسسات الأسرى، أن "سلطات الاحتلال واصلت وضع العراقيل أمام زيارات عائلات الأسرى وحرمان الآلاف من أفراد عائلاتهم، أو حرمان الأسرى كـ"عقوبة" تفرضها بحقهم، أو بسبب انتمائهم الحزبي كما يحدث مع عشرات الأسرى من غزة، حيث تتعمد إدارة السّجون تحويل أي حقّ إلى أداة لفرض مزيد من إجراءات التّنكيل بحقّ الأسرى، ولم تتوقف يومًا عن ابتكار أدوات لعرقلة زيارات الأسرى، والتّنكيل بذويهم".
ونوهت إلى أن "الأسرى على مدار شهر شباط/ فبراير وحتى الـ22 من آذار/ مارس، من العام الجاري، نفذوا سلسلة خطوات احتجاجية، تمثلت في خطوات عصيان يومية طالت كافة مناحي الحياة الاعتقالية، رفضا لجملة الإجراءات التي أعلن عنها الوزير المتطرف بن غفير بحقّ الأسرى، والتي استهدفت تفاصيل عديدة منها كمية المياه المسموح للأسرى استخدامها، وساعات الاستحمام، والخبز، وأخذت خطوات الأسرى، خصوصيتها مع الواقع السّياسي الذي تحاول فرضه حكومة الاحتلال الأكثر تطرفًا، باستهداف كل ما تبقى للأسرى".
وبينت أنه "بعد مواجهة استمرت لمدة 37 يوما، تمكّن الأسرى باتفاق مع إدارة السّجون من دفعها إلى التراجع عن إجراءاتها التي أعلنت عنها، إلا أنّ هذا لا يعني أنها توقفت عن العديد من السّياسات التّنكيلية بحقّ الأسرى، والتي أصبحت جزءًا من منظومة السّجون الإسرائيلية".
وفي نهاية تقريرها، دعت مؤسسات الأسرى المؤسسات الحقوقية الدولية إلى العمل على "حماية جوهر عملها الإنساني والحقوقي بالانتصار لحقوق الشعب الفلسطيني الذي يواجه الاحتلال على مدار عقود طويلة، نفذ خلالها جرائم لا تعد ولا تحصى".
وعبرت عن استيائها الكبير من "المواقف الدولية التي بقيت خجولة، واليوم وتحديدا في ظل المتغيرات الدولية التي نشهدها، تكشف مجددا سياسة الكيل بمكيالين"، مطالبة "بحماية دولية في ظل ما نشهده من عدوان وقتل العشرات من الفلسطينيين واعتقال المئات، واتخاذ قرارات رادعة لجرائم الاحتلال".