يعد
السودان ثالث دولة في أفريقيا تشهد صراعا على السلطة
بين الرئيس ونائبه، حيث ظهر كلاهما كزعيمين للبلد في المرحلة الانتقالية بمرحلة ما
بعد البشير. في إشارة لقائد الجيش عبد الفتاح
البرهان ومحمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.
ووفق تقرير لصحيفة "
فايننشال تايمز" شارك فيه عدد
من مراسليها، قالت إن تحول التنافس بين الرجلين إلى حرب مفتوحة، في وقت بات الكثيرون
يخشون فيه من انزلاق البلد نحو
حرب أهلية.
وقال آلان بوزويل من مجموعة الأزمات الدولية: "كلا الطرفين
لديه قواعد حول البلد، وكلاهما يتعامل مع النزاع وكأنه معركة وجودية. وهذا نزاع واضح
على السلطة وحول من سيسيطر على السودان"، مضيفا أن "هذه الحرب أدت إلى تلاشي
أي أمل بعودة سريعة إلى الحكم المدني".
وكان البرهان وحميدتي مسؤولين رسميا عن نقل البلد إلى حكم
المدنيين، لكن الآمال تلاشت بعد استقالة عبدالله حمدوك عام 2022 وفي أعقاب انقلاب نظمه
الاثنان عام 2021.
وقال تشيدي أودينكالو، من مدرسة "فليتشر" للقانون
والدبلوماسية في جامعة تافتس: "كان الزواج بين البرهان وحميدتي دائما، زواج مصلحة
ولم يكن ليدوم".
والآن وقد اندلعت المعارك، فقد بات رجال البرهان يطلقون على
حميدتي لقب "المجرم" ووضعوا ثمنا على رأسه، أما حميدتي فقد أخبر قناة الجزيرة
بأنه يجب تقديم البرهان للعدالة وإلا مات مثل الكلب.
ونقلت الصحيفة عن الملياردير السوداني مو إبراهيم، قوله إنه
لا البرهان ولا حميدتي كانا راغبين في التنازل عن السلطة والمصالح المالية التي تأتي
معها و"كل منهما لديه رهانات كثيرة وليس على السلطة بل والاقتصاد والمال".
وتسيطر القوات المسلحة على معظم المصالح الاقتصادية في البلد،
فيما اهتم حميدتي بمناجم الذهب ودعم الجيش بالمقاتلين في ليبيا واليمن.
وعلقت الصحيفة بأن تصعيد الحرب يعني تداعيات إقليمية، فقد
كانت السعودية والإمارات من الداعمين الكبار للمجلس العسكري الانتقالي الذي كان حميدتي
لاعبا فيه. وقال دبلوماسي غربي إن السعودية والإمارات داعمان لحميدتي منذ انقلاب عام
2019. وقال: "لقد قدموا له الكثير من المال خلال العشر سنوات الماضية، وهو قوي
الآن بسبب الدعم الذي قدموه له"، أما مصر فقد كانت داعمة للبرهان.
وتعتبر السعودية
والإمارات جزءا من المجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين تدعمان
التحول الديمقراطي وتسهيل المحادثات. وكلاهما قلق على التجارة حول البحر الأحمر. ودعت
الرياض وأبوظبي في التصريحات العلنية الطرفين إلى وقف القتال.
وحذر بوزويل من مجموعة الأزمات من أن تجر الأزمة المنتشرة
حول البلاد "لاعبين من الخارج وتنتقل عبر الحدود إن لم يتم السيطرة عليها حالا".
وقال أليكس دي وال، المستشار السابق للاتحاد الأفريقي بشأن
السودان إن "مخاطر التصعيد عالية، والطرفان متساويان في القوة، فالجيش لديه قدرات
قتالية أما حميدتي فلديه المال والخبرة"، وأضاف: "يبدو أنها بداية حرب أهلية"
و"كلا الطرفين لديه قاعدة دعم مسلحة وخائفة من بعضها البعض، ولا يوجد طرف في السودان
لديه القدرة على التدخل".
وقال عمر دغير من حزب المؤتمر السوداني، أحد الأطراف السودانية
في التفاوض على حكومة مدنية إنه لم يفقد الأمل في التحول الديمقراطي: "الأولوية
الآن هي وقف القتال بين المكونين العسكريين داخل الجيش. وأعتقد أنه لا بديل عن العملية
السياسية وتشكيل حكومة مدنية". وقال إبراهيم إنه يخشى من عدم استعداد الجيش للتخلي
عن السلطة، حيث إنه حكم البلاد في معظم الوقت منذ استقلالها عام 1956.
وقال: "ليس لدي فكرة حول كيفية نهاية هذا (الوضع)"،
و"لو كان لدي أمنية فهي هزيمة الطرفين في الجيش، والسودان سيكون في حالة أفضل
بدونهما".