نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" تقريرا، قالت فيه إن وثائق سرية مسربة حصلت عليها تكشف عن توسع شركة
فاغنر في
أفريقيا وسط خفوت للتأثير الأمريكي.
وبحسب الوثائق، فإن فاغنر نجحت في إنشاء "كونفدرالية" من الدول المعادية للغرب في أفريقيا، في وقت يقوم فيه مرتزقتها بإثارة عدم الاستقرار واستخدام القوى شبه العسكرية وقدرات التضليل الإعلامي لتقوية حلفاء موسكو.
وتشير الصحيفة إلى أن التوسع المتزايد لفاغنر في أفريقيا كان مصدر قلق للمخابرات الأمريكية والمسؤولين العسكريين، بشكل دفع في العام الماضي باتجاه البحث عن طرق لضرب شبكة قواعد وواجهات الشركة باستخدام العقوبات والغارات والهجمات الإلكترونية، بحسب الوثائق.
وتقدم وثيقة عددا من الخيارات التي يمكن للولايات المتحدة وحلفائها استخدامها في جهود عرقلة المجموعة، وتعطي الوثيقة معلومات للقوات الأوكرانية كي تستهدف قادة فاغنر على الأراضي الأوكرانية واستعداد حلفاء لضرب عقد فاغنر في أفريقيا.
ورغم هذا، فإن الوثائق تظهر أن جهود "سي آي إيه" و"البنتاغون" وبقية الوكالات الأمريكية لم تتسبب إلا بنكسات قليلة على عمل المجموعة خلال السنوات الست الماضية التي أوجدت لها حضورا في ثماني دول أفريقية على الأقل.
والضربة العسكرية الوحيدة التي تشير إليها الوثائق، هي عملية عسكرية ناجحة لم يتحمل مسؤوليتها أحد وتسببت في تدمير طائرة إمداد لوجيستي تابعة لفاغنر في ليبيا.
استهداف طائرة لفاغنر
ولا تقدم الوثيقة معلومات حول سبب استهداف الطائرة هذه تحديدا رغم وجود أسطول من الطائرات لها في ليبيا. ويظل أنجح هجوم ضد فاغنر، تلك العملية قرب دير الزور التي قتلت فيها قوات العمليات الخاصة من دلتا ورينجر مع المقاتلين الأكراد عددا من عناصر فاغنر قرب منشأة للغاز.
وتقدم الوثائق صورة عن توسع المجموعة في أفريقيا بدون قيود، في وقت تفرض فيه حرب أوكرانيا أعباء على الكرملين، ونتيجة لهذا فقد رسخت فاغنر، بحسب وثيقة أمنية و"قوضت قدرة كل بلد على قطع العلاقات بخدماتها وعرض دول الجوار لنشاطات تؤثر على استقرارها".
وتكشف الوثائق أن رئيس الشركة يفغيني بريغوجين لم يسرع من عملياته في أفريقيا خلال العام الماضي، ولكنه وسع من طموحاته وسلطاته، وغير نهجه من "الاستفادة من الفراغ الأمني إلى حلف عدم استقرار".
وقدمت وثيقة معدة لرئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مايك ميلي والمسؤولين البارزين معه، ملخصا لطموح بريغوجين و "أجندته الحازمة"، مشيرة إلى خطط لمواجهة التأثير الأمريكي والفرنسي في بوركينا فاسو وأريتريا ومالي وغينيا.
وكانت تشاد مركز عمليات القوات الفرنسية لمحاربة المتشددين، وعبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن أهميتها أثناء مشاركته بجنازة الرئيس إدريس ديبي في 2021، وتظهر وثيقة أن فرنسا عبرت عن استعدادها لضرب مصالح فاغنر لو حاولت دعم انقلاب في تشاد.
ولم يرد بريغوجين على أسئلة الصحيفة حول التسريبات الجديدة، لكنه اعتبر أي إشارة لدور في زرع الفوضى في تشاد "كلاما فارغا". وقال إن عملياته في أفريقيا "شريفة ونزيهة" وإنها "للدفاع عن الشعوب الأفريقية بما فيهم المستضعفون على يد العصابات والإرهابين والجيران غير الموثوقين".
وألمح مدير المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز في كلمة بجامعة جورج تاون لجهود وكالته في مكافحة فاغنر "المنظمة الروسية المخيفة" و"التي توسع تأثيرها في مالي وبوركينا فاسو ومناطق أخرى ونحن نعمل بجد لمواجهتها لأنها تهديد على الأفارقة في كل القارة".
فاغنر والسودان
وأشارت الصحيفة في تقرير آخر إلى أن شركة فاغنر وداعميها سيخسرون الكثير لو دعموا الطرف الخاسر. فعلى مدى السنوات الماضية أقامت مجموعة فاغنر للتعهدات العسكرية، علاقات قريبة مع قوات الأمن
السودانية وحاولت استغلال هذه الصلات لدعم المصالح العسكرية والاقتصادية والأمنية الروسية، بما فيها امتيازات التنقيب عن الذهب المثمرة وصفقات السلاح.
وفي داخل السودان، قدمت فاغنر في الماضي المعدات والتدريب للقوى الأمنية ونصحت قادة الحكومة وقامت بعمليات تضليل إعلامي بحسب وثائق مسربة اطلعت عليها "واشنطن بوست"، إلا أن اندلاع العنف بين الجنرالين المتنافسين والذي أدى إلى مقتل 400 شخص على الأقل، وضع الكرملين وداعمي الشركة أمام معضلة، لأنهم سيخسرون الكثير لو دعموا الطرف الخاسر.
وعرض بريغوجين الوساطة في الأزمة زاعما أن لديه صلات مع كل الأطراف وصناع القرار في البلد. وقال: "أنا جاهز دائما لمساعدة السودان" و"الأمم المتحدة والكثيرون يريدون الدم السوداني أما أنا فأريد السلام للشعب السوداني، وما يحدث في السودان اليوم ليس ما دربنا السودانيين عليه لحمل السلاح. لقد دربناهم لحماية حدودهم".
وفي 2020 فرضت الحكومة الأمريكية عقوبات على شركتين في السودان وهما أم إنفيست ومروي غولد التي أشرفت على منشأة لمعالجة الذهب، وقالت الولايات المتحدة إنهما ساعدتا بريغوجين في تجنب العقوبات وإجراء عقود بالدولارات رغم أنه ممنوع من النظام المالي الأمريكي. واستبعد بريغوجين وجود منفعة لفاغنر من عمليات الذهب في السودان قائلا: "لا توجد صناعة ذهب مهمة في السودان" ولا أرباح منها.
وأقام رئيس قوات الدعم السريع، حميدتي، علاقات مع القادة الروس وزار موسكو عشية غزو أوكرانيا، وبعد عودته دعا إلى تطوير العلاقات مع روسيا وتحديدا بناء قاعدة بحرية في بورتسودان على البحر الأحمر ستستقبل 300 شخص وتستوعب أربع سفن حربية بما فيها سفينة مزدوة بالرؤوس النووية، مقابل حصول السودان على أسلحة ومعدات عسكرية أخرى. وناقش حميدتي وقائد الجيس عبد الفتاح البرهان، القاعدة العسكرية مع لافروف أثناء زيارته في شباط/ فبراير.