حظيت
زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى
دمشق باهتمام كبير، نظرا لتوقيتها السياسي المتزامن مع زيادة الانفتاح العربي والإقليمي على النظام السوري، ولأنها الزيارة الأولى لرئيس إيراني لسوريا منذ أكثر من عقد.
ورافق رئيسي الذي استقبل بترحيب كبير خلال وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، ووزير الدفاع محمد رضا آشتياني، ووزير النفط جواد أوجي، ووزير الطرق والتنمية العمرانية مهرداد بذرباش، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عيسى زارع بور، ورئيس مكتب الرئاسة غلام حسين إسماعيلي، وممثل عن مجلس الشورى عباس كلرو.
وذكرت وكالة أنباء النظام السوري (سانا) أن رئيسي وقع مع رئيس النظام السوري بشار
الأسد، ثماني مذكرات تفاهم، موضحة أن المذكرات شملت التفاهم للتعاون في المجال الزراعي ومذكرة تفاهم بشأن الاعتراف المتبادل بالشهادات البحرية، ومحضر اجتماع للتعاون في مجال السكك الحديدية، ومحضر اجتماع للطيران المدني، ومذكرة تفاهم في مجال المناطق الحرة، إلى جانب مذكرة تفاهم بين المركز الوطني للزلازل في
سوريا والمعهد الدولي للهندسة الزلزالية في إيران ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الاتصالات وتقانة المعلومات، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال النفط بين البلدين.
زيارة بطابع اقتصادي
مصادر موالية للنظام السوري، اعتبرت أن الزيارة بمثابة إعلان "النصر" من قبل الحلف السوري-الإيراني، مشيرة إلى العنوان الاقتصادي للزيارة.
وفي مطار دمشق كان في استقبال رئيسي وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام السوري محمد سامر خليل، ما يؤكد من وجهة نظر المتحدث باسم "المصالحة السورية" عمر الرحمون أن الزيارة بطابع اقتصادي.
وبخصوص عدم حضور رئيس النظام السوري بشار الأسد في المطار، قال الرحمون لـ"عربي21": "الأمر يعود للبروتوكول"، مشيراً إلى استقبال الأسد لرئيسي وسط مراسم استقبال رسمية لدى وصوله إلى قصر الشعب.
لكن الكاتب والباحث المهتم في الشأن الإيراني عمار جلو، يري في حديثه لـ"عربي21" في عدم قيام الأسد باستقبال رئيسي في المطار "رسالة من دمشق للعواصم العربية وإيران".
وحول مذكرات التفاهم التي جرى توقيعها يقول: "البداية لا بد من التنويه إلى أن مذكرة التفاهم لا تولد التزامات قانونية، كونها تشير إلى تفاهم حول مسألة أو أكثر لكنها ليست اتفاقية، ويمكن التنصل منها في كل وقت، والأخطر فيها هو الحديث عن التعاون السككي، ما يعيدنا بالحديث عن مشروع الربط الحديدي بين إيران واللاذقية على البحر المتوسط.
أهداف الزيارة
ويضيف جلو أن الزيارة تأتي في إطار استعداد إيران للدخول في مشاريع إعادة الإعمار، حيث تراقب طهران ما يجري من مداولات بخصوص الحل السياسي في سوريا، لمعرفة دورها، ويبدو أن "طهران تريد أن تكون الرابح الأكبر من إعادة تأهيل النظام السوري".
وثمة أهداف أخرى للزيارة، بحسب جلو، الذي لفت إلى الرسائل للداخل الإيراني، في ظل استقطاب إيراني داخلي وفي ظل زيادة عزلة طهران عن العالم الغربي.
وبجانب ذلك، تريد طهران الوقوف على آخر ما تم الوصول إليه من مباحثات التطبيع التركي والعربي مع النظام السوري، كما يرى الكاتب معتبرا أن "رئيسي أراد أن يقول لتركيا والعرب إن إيران موجودة في سوريا، وإن نفوذها ومصالحها مصانة، ولا يمكن الحد من نفوذها في سوريا، كما ترغب بعض الأطراف العربية".
لكن وحسب جلو فإن مكاسب إيران الاقتصادية في سوريا ما زالت دون المستوى المطلوب، نظراً لوجود منافسة روسية كبيرة.
زيارة تثبيت وجود
أما الباحث الاقتصادي السوري رضوان الدبس، فيرى أن الهدف الأبرز من زيارة رئيسي هو تثبيت وجود طهران في سوريا، إذ تشعر إيران أن هناك محاولات لسحب البساط من تحتها، في إشارة إلى المباحثات التركية والعربية مع النظام السوري.
ويضيف لـ"
عربي21" أن إيران قلقة من الانفتاح العربي والإقليمي على النظام السوري، وتشعر أن مصالحها باتت مهددة، ولذلك تحاول الآن تثبيت دورها الاقتصادي بعد تثبيت نفوذها العسكري، والسياسي أيضاً في سوريا.
وبحسب الدبس، فإن وجود وزير الطرق والتنمية العمرانية الإيراني مهرداد بذرباش ضمن الوفد، يؤشر لحسابات مرتبطة بـ"إعادة الإعمار".
تحصيل الديون الإيرانية
أما الصحفي السوري عبد العزيز الخطيب، فيرى أن الهدف من الزيارة هو الانتهاء من ملف الديون المالية الإيرانية المتراكمة على النظام السوري، مشيراً في حديثه لـ"
عربي21" إلى قيام اللجنة الاقتصادية السورية-الإيرانية بعقد اجتماعات في الأسبوع الماضي بدمشق.
وكان وزير الطرق وبناء المدن الإيراني مهرداد بزر باش قد كشف عن اتفاق سابق مع النظام السوري يمكّن إيران من الحصول على أراض في سوريا بدل الديون المالية.
وبذلك، يرى الخطيب أن هدف الزيارة اقتصادي بالدرجة الأولى، وسياسي أيضاً، حيث تريد طهران تأكيد وجودها ونفوذها في سوريا، وسط محاولات التقارب من تركيا وبعض الدول العربية مع النظام السوري.