لم تحرز مفاوضات وقف إطلاق النار بين الطرفين المتحاربين في
السودان
والمنعقدة في جدة "تقدما كبيرا"، على ما أفاد دبلوماسي سعودي لوكالة فرانس
برس الإثنين، فيما يتواصل القتال الاثنين في الخرطوم.
في
حين أفادت الخارجية السعودية، أن "ممثلين عن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم
السريع بدأوا محادثات تمهيدية في جدة يوم السبت".
وأضافت
في بيان: "استمرت المحادثات، الأحد، وستستمر الأيام التالية على أمل الوصول إلى
وقف فعال ومؤقت لإطلاق النار حتى يمكن إيصال المعونات الإنسانية لمن هم بحاجة إليها".
ومنذ اندلاع المواجهات في 15 نيسان/ أبريل تشهد العاصمة السودانية حالة
من الفوضى ناجمة عن المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع
بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
وتلبية لمبادرة سعودية-أمريكية، أرسل القائدان العسكريان ممثلين عنهما
لمدينة جدة، السبت، لعقد مباحثات وصفتها واشنطن والرياض بـ"المحادثات الأولية".
وأفاد دبلوماسي سعودي لفرانس برس أنّ "المفاوضات لم تحرز تقدما
كبيرا حتى الآن". وتابع أنّ "وقفا دائما لإطلاق النار ليس مطروحا على الطاولة.
كل جانب يعتقد أنه قادر على حسم المعركة".
قضايا إنسانية
وذكر الجيش السوداني في وقت سابق أنّ وفده إلى المفاوضات "لن يتحدث سوى عن الهدنة وكيفية تنفيذها بالشكل المناسب لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية".
في حين قالت الخارجية السعودية إن الطرفين أعربا عن "تحملهم مسؤولية رفع المعاناة عن الشعب بما يتضمن الوصول لاتفاق على الإجراءات الأمنية لتيسير وصول المساعدات الإنسانية العاجلة واستعادة الخدمات الضرورية لمن هم في حاجة لها".
وأوضحت الخارجية السعودية، أيضا أن "الطرفين شرعا في مراجعة إعلان الالتزام بحماية المدنيين واحترام العمل الإنساني في السودان ومناقشة الإجراءات الأمنية التي عليهما اتخاذها من أجل تسهيل وصول المساعدات".
من جهتها، تحاول الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، في مدينة بورتسودان (شرق) على البحر الأحمر، التفاوض لإيصال مساعدات إلى الخرطوم ودارفور حيث قصفت أو نهبت المستشفيات ومخازن المساعدات الإنسانية.
والأحد، وصل مفوّض الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إلى جدة بهدف لقاء ممثلي طرفي
النزاع، إلا أنّ دوره في المفاوضات غير واضح حتى الآن.
وقالت متحدثة باسم غريفيث، الأحد، إنّه يسعى لبحث القضايا الإنسانية المتعلقة بالسودان.
وأفاد مسؤول ثان في الأمم المتحدة لفرانس برس، الاثنين، أنّ غريفيث "طلب الانضمام للمفاوضات"، مشيرا إلى أنه لم تتم الموافقة على طلبه بعد.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اجتماعا في 11 أيار/ مايو لمناقشة "تأثير" المواجهات في السودان "على حقوق الإنسان".
ويعتقد خبراء أن الحرب قد تطول مع عدم قدرة أي من الطرفين على حسمها ميدانيا.
ميدانيا
تجددت اشتباكات عنيفة، الاثنين، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمدينة بحري شمال العاصمة الخرطوم، فيما أعلن رئيس "حركة تحرير السودان" منّي أركو مناوي توجه قواته إلى إقليم دارفور.
وأفاد شهود عيان للأناضول، بأن اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجيش والدعم السريع في أحياء شمبات والحلفايا بمدينة بحري شمال الخرطوم.
وذكر الشهود أن انفجارات قوية دوت في هذه المناطق، وكذلك سماع دوي أسلحة ثقيلة وتحليق للطائرات العسكرية وسماع أصوات مضادات للطائرات.
وفي الأثناء، أعلن رئيس حركة تحرير السودان منّي أركو مناوي، الإثنين، أن قواته توجهت إلى إقليم دارفور غرب البلاد.
مناوي الذي يشغل أيضا منصب حاكم إقليم دارفور نشر على فيسبوك تسجيلا مصورا يظهر فيه جنود من قواته على سيارات دفع رباعي، معلقا بالقول: "في طريقنا إلى إقليم دارفور".
ولم يذكر مناوي المكان الذي تغادر منه قوات حركته، ولا سبب مغادرتها إلى دارفور.
وحركة تحرير السودان بقيادة مناوي هي أحد أكبر حركات دارفور الموقعة على اتفاق سلام مع الخرطوم في تشرين الأول/ أكتوبر 2020 واتخذت موقفا محايدا في الصراع الذي اندلع في 15 نيسان/ أبريل الماضي بين الجيش والدعم السريع.
من جانبه، قال الجيش السوداني، الإثنين، إنه "يخوض معركة العزة والكرامة لإنهاء التمرد"، مطالبا المواطنين بالابتعاد عن مناطق الاشتباكات.
وذكر الجيش في بيان: "تخوض قواتكم المسلحة معركة العزة والكرامة لإنهاء التمرد" متهما قوات الدعم السريع بـ" اتخاذ المواطنين دروعا بشرية بالاحتماء بالأحياء السكنية والمرافق الصحية".
ودعا البيان المواطنين إلى "تجنب مناطق الاشتباكات قدر المستطاع وتجنب التعامل مع الأسلحة والذخائر ومخلفات المعارك".
بدورها، أفادت "الدعم السريع" شبه العسكرية في بيان، الاثنين، بأن "130 فردا من الجيش السوداني بقيادة ضابط برتبة لواء سلموا أنفسهم إلى قوات الدعم السريع".
وقالت القوات شبه العسكرية في بيان: "بعد حصار محكم فرضته قوات الدعم السريع على قيادات القوات المسلحة داخل القيادة العامة (..) قام 130 فردا منهم برتبة لواء ورتب أخرى بتسليم أنفسهم إلى قوات الدعم السريع".
جهود دبلوماسية
تأتي محادثات جدة بعد سلسلة من مبادرات إقليمية عربية،
وأخرى أفريقية قامت بها خصوصا دول شرق القارة عبر منظمة "إيغاد" للتنمية،
لم تثمر.
كذلك يسعى الاتحاد الأفريقي إلى التهدئة بين الطرفين، خصوصا مع استنفاده
آخر بطاقات الضغط على السودان بتعليق عضويته عام 2021 بعدما نفذ البرهان مدعوما من
دقلو انقلابا عسكريا أطاحا فيه بالمدنيين من الحكم.
ويرى الخبراء أن هناك تباينا في دعم القوى الإقليمية لطرفي النزاع في
السودان، إذ تبدو الإمارات في صف دقلو، على عكس مصر التي تدعم الجيش بينما تقف السعودية
على مسافة واحدة من الجنرالين.
وخلال اجتماع طارئ الأحد لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية
في القاهرة تطرق إلى تطورات الملف السوداني، قال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط
إن المفاوضات بين طرفي النزاع "تستحق الدعم، وأكرر مناشدتي بالتمسك بهذه الفرصة".
وحذر أبو الغيط من أن يتحول النزاع الحالي إلى "جولة أولى في حرب
تقسم السودان إلى أقاليم متناحرة، وتجعل منه ساحة لمعارك تهدد وجوده".