تحت نفق الأقصى الشريف اجتمعت حكومة الصهاينة عامدة
متعمدة، مرسلة رسالة فحواها: السيادة بصورة كلية شاملة لنا في
فلسطين، بن غفير
وجماعته الساديين نطقوا بهذه العبارة وهذا الكلام علانية كما كان اجتماع حكومته
علانية وليس من خلف ستار حاجب. إذن بعد هذا السلوك الصهيوني الإسرائيلي: لماذا
يبقى النداء الكلام عن مصطلح اسمه حل الدولتين، أو عن جملة مقتضاها السلام هو الحل؟
هو الحل صحيح، لكن ليس مع سموترتش ونتنياهو وبن غفير والحاخام الصهيوني الأكبر
رابعهم، ليس معهم أبدا. الحال اليوم يحتاج إلى الواقعية والتعاطي مع الموضوع من
باب واقع الحال، ليس من باب الأمل ولا الغد المشرق. الغد مع النية الصهيونية الإجرامية
ليس مشرقا للأمة العربية برمّتها، ومن ضمنها طبعا فلسطين الأم المناضلة والشهيدة.
عادت
سوريا إلى الجامعة العربية إذن، صدر القرار
بالتعامل مع نظام الحكم السوري مهما كانت طبيعته والمآخذ عليه، واقع الحال فرض ذلك.
إذن طالما واقع الحال يفرض نفسه على الأمة العربية باستمرار حيث يضع المسؤولين
فيها في خانة اليك والزاوية الضيقة، فيتم تقديم التنازلات تباعا في أية قضايا
مصيرية مطروحة تكون موضوع الحوار والنقاش.
إذن اليوم واقع الحال يقول إسرائيل الصهيونية من جهة
والدول المحيطة في فلسطين من جهة أخرى، فلا جذر تاريخيا صحيح لهذه الإسرائيل، فهي
قوة قائمة بالاحتلال في الحقيقة والأصل، لكنها وُجدت والتصقت اليوم بفلسطين. من
هنا يرسخ ويثبت معسكران في الشرق الأوسط، وبخاصة بعد التفاهمات العربية مع النظام
السوري، أنظمة الحكم العربية وبخاصة في الحوض السوري المحاذي لفلسطين من جهة، وإسرائيل
المحتلة من جهة أخرى.
إذن على هذه الدول العربية القناعة والاقتناع الكامل
بأن إسرائيل اليوم تسابق الزمن لأجل حلمها، ألا وهو الهيكل الوهمي. ليست أمة سلام
هي ولا تعرف هذا المصطلح أبدا، منذ وجودها ساهمت بصورة مباشرة في الخفاء وفي العلن
في تدمير الكثير من الشعوب العربية ومعها إرث العروبة وتاريخها كله.
ويقال: سلام وحل دولتين وتعايش معها. وضع الحياة
الحالي فيما يحيط بفلسطين من دول حوض الشام وسوريا يوجب البدء بوضع إطار حقيقي
يتجه إلى العمل بيد واحدة نحو الحوار البنّاء وليس قطعا حوار الطرشان. فتح الآذان
والعيون أكثر بواقعية للإنصات وللمشاهدة لإيجاد الحلول للوصول إلى القوة المطلوبة
لمواجهة السادية الإسرائيلية التي وصلت إلى الأقصى الشريف، واقعا وليس تنظيرا ولا
حلما. ربما شرب الصهاينة الأنخاب على بوابات مسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وبجانب
قبته. ياه مُرّ هو طعم اي شيء لا يستساغ أبدا والحياة مظلمة معتمة.
لا أحد استطاع إبعاد نظام الحكم السوري، بقي ثابتا
وتمت إعادته والترسيم والتخطيط الجديد معه باعتباره النظام المسؤول في سوريا. تم
مسح الملاحظات وكل الانتقادات عنه. السياسة وواقع الحال تطلبا ذلك. إذن تماشيا
وتعاطيا مع هذا الواقع العربي الحالي لتكن المكاشفة والمصارحة بين الكل المحيط
بفلسطين، حكم عربي من عروبة واحدة من أمة واحدة على الأغلب.
إذن لماذا لا تبدأ المصارحة والمكاشفة للبدء من جديد؟
لم يتبقَ وقت للأخذ ولا للمفاصلة. الأقصى في خطر ومعه باقي فلسطين وبعدها الشرق الأوسط
كله، حيث أكبر مجموع سكاني عربي في الكون كله. إسرائيل لا تلعب، كشّرت عن أنيابها
المسعورة، أين العرب؟ فشل السلام، مات في أرضه.
انتقلت إسرائيل اليوم منه إلى مرتبة أخرى في سلّم
الثبات والسيطرة والقوة. الأمة العربية اليوم تحتاج إلى معالجة شاملة بروح
الشفافية المصارحة والحقيقة بدون مجاملات. ما حدث في العقود الزمنية الأخيرة كارثي
مثل الزلازل شدة وتأثيرا، لكن ومع هذا كله ولأن الحياة باقية مستمرة يمكن البناء
من جديد، الإمكانات موجودة، النِعم موجودة والثروات كثيرة ومنها المال والطاقات
البشرية. إذن لماذا الانتظار؟ ما فائدة الحوارات والاجتماعات والكلام؟ أرض الواقع
تحتاج الإرادة الصدق من الكل من كل المعنى قبل الإعصار الإسرائيلي المدمر، وصل الأمر
إلى الأقصى الشريف ولم يعد الموضوع لعبة مع أنه لم يكن كذلك يوما.
المشاكل العربية كثيرة، أهمها المخدرات آفة العصر
المهلكة، ومعها البطالة؛ بطالة الطاقة العربية المعطلة في حوض الشام كله، شباب
معطل حيث اليأس وحيث معدلات الانتحار وحيث فقدان الأمل وحيث التوهان وحيث النتيجة
السالبة صفر مئوي، أين العلاج وأين الدواء؟ أين الحركة الفعلية؟ يكفي تنظيرا، ضاع الأقصى
الشريف، ضاع الشباب العربي في حوض الشام حيث المحاذاة والقرب من الأم فلسطين، قوة
بشرية معطلة لأسباب عديدة؛ متى يأتي الجواب بإيجاد الحلول؟ هي قطعا ليست مستحيلة
تحتاج أوكسيرا واحدا، هو الإرادة وعدم الخوف لا من أمريكا ولا من إسرائيل ولا من أي
حليف لهما.
الهند واليابان وغيرهما الكثير من الشعوب والأمم سارت في
حقل الحياة، لم تخفْ لا من نووي ولا غيره من التهديدات، داست الألغام والأشواك وكل
الصخور وضعها اليوم قوية مُهابة، الأمة العربية وضعها اليوم تائهة تسير في ذلك
الطريق غير المعلوم تقبل كل الإملاءات وكل التعليمات، لماذا وكيف ذلك؟ وهي أمة الأقصى
الشريف ولديها كل الإمكانات الحياتية وكل "نِعم الله تعالى"، هي مسلوبة
الإرادة. واقع الحال يؤكد هذه الحقيقة لكنه اليوم ليس للسرد ولا للكلام بعد اجتماع
الصهاينة في نفق الأقصى الشريف، هو اليوم للعمل الجديّ لمعالجة الاختلالات وتدمير
المخدرات وتنشيف البطالة.
هنا تكمن القوة، هنا بدأ الطريق يفتح ويصبح سالكا
لتثبيت الحق العربي وأوله في فلسطين. هنا إسرائيل تشاهد وتراقب عند القوة العربية،
عند سنبلة القمح العربية ورغيف الخبر العربي من أوله إلى آخره، لن يبقى موقف إسرائيل
كما هي، ستتراجع إلى الخلف، وإلا فإن إعصارها سيستمر بأمواجه بين الحين والآخر حتى
ماذا؟ حتى إقامة الهيكل الوهمي مثلا؟ واقع الحال اليوم بلا خيالات ولا أوهام صعب
جدا ولا يحتمل المزح ولا النكات لمن قرأ وتفكر.
البطالة ضد النمو هي عصب المخدرات وأية أعمال وتصرفات
خارجة باطلة ومعدلاتها في حوض الشام حيث القرب من فلسطين القضية والموضوع الاساس
كبيرة جدا وهي الهلاك لأي مجتمع وبلد فلماذا الانتظار، لماذا البطء فشل السلام مع
الصهاينة وبقي نظام الحكم السوري إذن ما هو الحل؟ هل هو الكلام والاجتماعات
المتتالية ثم شراء الوقت سنة وراء أخرى؟ ثم ماذا؟ يبقى الوضع يستمر، هذا الحال
نفسه منذ عقدين، لم يتغير شيء أبدا إلى النمو إلى الإبداع، لقد تغير إلى الدمار،
إلى اليأس، إلى الإحباط المُهلك، إلى المشاكل فقط.
يبقى السؤال دون إجابات: متى تتحرك البوصلة العربية في
المسار والاتجاه الصحيح؟ ينقصها فقط الإرادة والنية، أين هما؟ هل سافرا حيث أمم أخرى
كانت وصارت جبالا قوية في عالم اليوم؟ إرادة وأختها، النية السليمة نداء لكما
بالعودة، أرض العروبة تنادي هل وصل الصوت إليكما وسمعتما بواقع الحال؟ سرعة الحضور
أفضل إن وصل النداء، ما عاد متسع في الوقت، سريع هو في حركته وانسيابه مثل الزمن.