في الوقت
الذي يواصل فيه آلاف الموظفين
الفلسطينيين المنخرطين في مؤسسات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين-
الأونروا، إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ أكثر من ثلاثة أشهر احتجاجا على
ظروفهم المهنية السيئة، فإن الدعوات الإسرائيلية تحاول استغلال هذا الإضراب المشروع
قانوناً بالدعوة لإغلاق الأونروا، بزعم أنها في جوهرها منظمة فلسطينية معادية للاحتلال،
وتديم قضية اللاجئين الفلسطينيين. والحديث متواتر عن ضرورة نقل مهامها وأنشطتها إلى
السلطة الفلسطينية.
عادي
شوارتس الزميل بمعهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية في القدس، مؤلف كتاب
"الحرب على
حق العودة"، زعم أن "أكوام القمامة المتراكمة في مخيمات
اللاجئين بالضفة الغربية تعتبر مؤشرًا جيدًا على ضائقة الميزانية التي تعاني منها الأونروا،
وهي بمثابة تذكير ليس فقط باختلالها اليومي، ولكن بمسألة أكثر جوهرية، بزعم أن استمرار
وجودها يشكل تهديدًا للأمن القومي لدولة
الاحتلال، لأن المنظمة ملتزمة بالمطلب الفلسطيني
بعودة اللاجئين، وتتمتع بحصص دولية وأممية".
وأضاف
في مقال نشرته صحيفة "
يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أن
"الأونروا في جوهرها وهيكلها وأهدافها وعشرات الآلاف من موظفيها، منظمة فلسطينية
معادية لإسرائيل، وتمكنت من إخفاء جوهرها السياسي تحت عباءة إنسانية، يخفي حقيقة أن
الفلسطينيين لم يتراجعوا أبدًا عن مطالبهم بالعودة الكاملة لفلسطين، والقضاء على السيادة
اليهودية في دولة الاحتلال، التي تعيش مفهوما إشكاليا ساذجا يعتبر أنه من الأفضل الاستمرار
في دعم الأونروا لشراء الهدوء على الأرض".
وأوضح
أن "هذا المفهوم يعطي الأونروا في الواقع نوعا من القبة الدبلوماسية الحديدية
ضد أي محاولة لإلحاق الضرر بها أو تغييرها، وهذه الحماية مهمة بشكل خاص، لأن الأونروا
لا تستفيد من الميزانية الجارية، وتعتمد في أنشطتها على المساهمات السنوية من الدول،
بحيث يجب أن يتغير هذا الوضع من خلال الإنهاء التدريجي لأنشطتها، مع تلبية احتياجات
النظام الأمني الإسرائيلي الذي يخشى الاضطرابات الاجتماعية، والتدهور الأمني، ورغبة
المجتمع الدولي في الاستمرار بمساعدة الفلسطينيين".
وأشار
إلى أنه "لا ينبغي لإسرائيل أن تعارض المساعدة المالية الدولية للفلسطينيين، بل إن عليها أن تعارض العلاقة بين خدمات الرعاية الاجتماعية هذه، وبين دعم اللاجئين "المدمر" في عودتهم إلى ديارهم. أي أن السماح للمجتمع الدولي بالاستمرار بمساعدة الفلسطينيين، لا يتعارض
مع العمل على إغلاق تدريجي للأونروا بشكل واضح، لأن ذلك سينقل رسالة مفادها أن إسرائيل
موجودة لتبقى، وأن الوقت قد حان لمتابعة الاتفاق معها، وليس إلغاءها، من خلال تغيير
المناهج التعليمية السائدة في مدارس الأونروا، وتحويلها تدريجيا إلى مدارس تابعة للسلطة
الفلسطينية".
ودعا
إلى "ضرورة أن تطلب إسرائيل من الدول المانحة تحويل الجزء النسبي من مساهماتها
المخصصة لنظام التعليم الخاص بالأونروا إلى السلطة الفلسطينية، ولعل معظم الدول المانحة
ليس لديها مشكلة للقيام بذلك، مع أن الاستثناء هو الولايات المتحدة، التي بسبب قانون
"تايلور فورس" لا تقوم بتحويل الأموال مباشرة للسلطة، ويمكن إيجاد حلول لها
في شكل وكالات مساعدات أخرى تعمل في الضفة الغربية مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية
أو اليونيسف، ومستقبلا سيكون ممكنا إيجاد حلول مناسبة لكل منطقة بالشرق الأوسط تعمل
فيها أونروا".
وأشار
إلى أن "الوضع يشمل جميع مناطق عمليات الأونروا في غزة والضفة والأردن ولبنان
وسوريا، مع أن الفلسطينيين سيعارضون هذه التحركات، وسيعتبرونها صراحة مقدمة لإلغاء
تحقيق مطلبهم بالعودة، ومثل هذه الخطوة ستضعهم في وضع غير مناسب، ما سيجعل الإغلاق
التدريجي لـلأونروا فرصة لتسليط الانتباه على حقيقة أن الصراع يدور مع الفلسطينيين
حول وجود إسرائيل ذاتها، وليس انسحابا من أراضيهم".