تتواصل الحملات والعمليات العسكرية-الأمنية التي ينفذها جيش
الاحتلال الإسرائيلي في مختلف مدن
الضفة الغربية المحتلة، في محاولة يائسة للتأثير على تنامي
المقاومة الفلسطينية.
وتصاعدت المقاومة في الضفة وخاصة في
جنين ونابلس، مع ظهور تشكيلات مقاومة جديدة من مثل؛ "كتيبة جنين" و"عرين الأسود"، حيث تنشط تلك المجموعات في تنفيذ عمليات متنوعة وخاصة إطلاق النار التي تستهدف فيها جنود الاحتلال ومستوطنيه الذي يمارسون العربدة والقتل بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
مأزق الاحتلال
وعن أهم الدلالات والمعاني التي تحملها الحملات الأمنية-العسكرية التي ينفذها الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة عبر أذرعه المختلفة، فقد رأى الخبير في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، وهو باحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، أن "أهم الدلالات أن الاحتلال في مأزق، بعد أن استكان إلى وضع قائم سادت خلاله في الضفة الغربية حالة من الهدوء ومن تراجع عمليات المقاومة".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن ما يحدث في الآونة الأخيرة في الضفة الغربية، أن هناك استمرارية للمقاومة وأن هناك قدرا من الاستيحاء متداخلا بين العمليات المختلفة، كما تنمذج على ذلك فعاليات الكتائب ولا سيما في شمال الضفة والتي تقض مضاجع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
ونبه شلحت، إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تبدو "متلهفة" لإعادة الهدوء وكبح المقاومة لأسباب كثيرة، أهمها أن المقاومة تعيد القضية الفلسطينية إلى مركز الأحداث، وتستدعي مزيدا من الضغوط على إسرائيل ولا سيما من الخارج، بما في ذلك من طرف دول صديقة.
وأكد أن المقاومة تشكل عاملا ضاغطا على الدول العربية المطبّعة مع تل أبيب كي "تتأنى" في كل ما يتعلق بدفع مشاريع التعاون المرتبطة بهذا التطبيع، وبطبيعة الحال، فإن تداعيات المقاومة تفاقم الأزمة الداخلية التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية في ضوء مساعيها لإجراء تغيير في نسيج العلاقة القائمة بين سلطات الحكم في دولة الاحتلال.
وأفاد الباحث، بأن هناك حديثا متواترا في "إسرائيل" عن ما يعرف باسم "وحدة الساحات"؛ وهي وحدة كان غيابها مريحا لإسرائيل لكي تمارس سياسة الاستفراد وتتهرب من مستحقات قضية فلسطين.
تنامي المقاومة
من جانبه، أكد قال الخبير العسكري الفلسطيني، اللواء واصف عريقات، أن "إسرائيل قلقة من تنامي المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وخاصة في الشمال، وأطلقت عدة حملات منها "جز العشب" و"طنجرة الضغط"، من أجل وقف تنامي المقاومة، ولكن دون جدوى".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21": "دليل ذلك أن هذه المقاومة أفعالها على الأرض تتحدث عنها، وكل يوم هناك عملية مقاومة للاحتلال؛ منها ما يعلن عنه الاحتلال ومنها ما يتكتم عليه".
ونبه عريقات، إلى أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية للاحتلال، اعترفت بأن جيش الاحتلال ورغم كل الاعتقالات والمداهمات والإعدامات الميدانية، فإنها لم تمنحه نتائج إيجابية بخصوص وقف تنامي هذه المقاومة، بالتالي فإن إسرائيل أمام معضلة هي غير قادرة على معالجتها.
وبناء على ما سبق، فإن هناك من يدعو جيش الاحتلال إلى تنفيذ حملة واسعة على غرار "السور الواقي" وربما أشد قساوة، وبالتالي فباب الاحتمالات مفتوح، وربما تقدم القوات الإسرائيلية على عملية عسكرية"، بحسب الخبير الذي تساءل: "لكن من سيتحمل تبعات هذه الحملة؟".
وأوضح أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو "ضعيف الآن، ويحاول قدر الإمكان التهدئة، لأن لديه أولويات وخاصة في الإقليم ومع بعض دول العالم، مع التذكير بأن لدى نتنياهو مصالح في تصدير أزماته عبر التصعيد العسكري، وبالتالي فنحن أمام احتمالات وخيارات خاصة في ظل نتنياهو وحكومته الحالية".
وختم عريقات حديثه بالقول: "على كل حال، فالمقاومة مستمرة، وتناميها متواصل، ولا شيء يمكن أن يؤثر عليها"، منوها إلى أن "عملية "السور الواقي" التي نفذها الاحتلال في الضفة الغربية عام 2002، ونحن الآن في 2023، والنتائج هي أن المقاومة لم تتوقف والشعب الفلسطيني لم تتأثر معنوياته وإرادته، بل إنه العكس، فالمقاومة الآن أفضل من 2002، وبالتالي فما جدوى أي عملية عسكرية إسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الذي يعلنها بوضوح؟ إنه مصمم على التصدي للاحتلال مهما كانت التضحيات ومهما بلغت جرائم الاحتلال بحقه".
"السور الواقي"
عملية "السور الواقي" العسكرية، قامت بها قوات الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة لمحاولة القضاء على الانتفاضة الفلسطينية الثانية عقب وقوع "عملية استشهادية" في مدينة" نتانيا" نفذها الشهيد عبد الباسط عودة (ينتمي للجناح العسكري لحركة حماس) في فندق "بارك" وأدت لمقتل 38 مستوطنا إسرائيليا وجرح نحو 190 آخرين في عيد "الفصح" اليهودي.
وانطلقت العملية في 29 آذار/ مارس 2002 وانتهت في تموز/ يوليو من العام نفسه، وحشدت لها "إسرائيل" نحو 30 ألف جندي، وقامت باقتحام العديد من المدن الفلسطينية، وأدت -بحسب إحصائيات فلسطينية- إلى استشهاد أكثر من 250 فلسطينيا، واعتقال نحو 5000 آخرين؛ من بينهم حوالي 1400 من كوادر المقاومة الفلسطينية، وقتل أكثر من 90 جنديا إسرائيليا وأصيب نحو 350 آخرين.