الصدمة
النفسية التي تنتج عن استغلال صور شخص ما في مواد إباحية عميقة التزييف هي شيء واقعي
وملموس، بحسب خبيرة في الاعتداءات الجنسية.
تقول
البروفيسورة كلير ماكغلين الأستاذة بجامعة دارام والخبيرة في الاعتداءات الجنسية الناتجة
عن استخدام صور شخصية: "التأثير الناتج قد يكون هائلا ومدمرا.. الكثير
من الضحايا يتحدثون عما يصفونه بأنه 'تمزق اجتماعي'، حيث تنقسم حياتهم إلى 'ما قبل'
الانتهاك و'ما بعد' الانتهاك، وعن أن ذلك الانتهاك يؤثر على كافة مناحي حياتهم المهنية
والشخصية والاقتصادية والصحية وسلامتهم النفسية والعقلية"، بحسب تقرير لموقع
"بي بي سي".
من
جهتها تقول البروفيسورة إريكا راكلي من كلية "كِنت" للحقوق إنها أجرت هي
وبعض من زملائها مقابلات مع ضحايا الاعتداءات الجنسية التي تنطوي على
التزييف العميق
للصور.
تضيف:
"علقت إحدى الضحايا في سياق الصور المنتجة بتقنية التزييف العميق قائلة إن تلك
الصور "ما زالت صورك.. ما زالت تشكل نوعا من الاعتداء"".
وتوصل
تقرير صدر عام 2019 عن شركة "Sensity AI" المتخصصة في
مراقبة التزييفات العميقة إلى أن 96 في المئة كانت صورا جنسية لم تؤخذ موافقة أصحابها،
وأن 99 في المئة من تلك الصور كانت لنساء.
تتفق
البروفيسورة ماكغلين مع ذلك: "النساء أكثر عرضة بكثير لمواجهة هذا النوع من الاعتداء،
الذي يقترفه رجال بالأساس".
وتضيف:
"المجتمع ليس لديه سجل جيد فيما يتعلق بأخذ الجرائم التي ترتكب ضد النساء على
محمل الجد، وهذا هو نفس الوضع بالنسبة للمواد الإباحية عميقة التزييف. عادة ما يتم
التقليل من شأن الاعتداء الذي يتم عبر الإنترنت وتسطيحه".
وتحاول أفلام وثائقية
عدة إبراز تلك الأضرار، ومنها فيلم "عشيقتي الشقراء" الذي أخرجته روزي موريس.
يسلط
الفيلم الضوء على ما حدث للكاتبة هلين مورت عندما اكتشفت صورا لوجهها مركبة على أجسام
سيدات أخريات باستخدام تقنية التزييف العميق على أحد المواقع الإباحية.
تعتقد
هلين أن صورها ربما أُخذت من حساب قديم على "فيسبوك" أو التقطت لها خلال
فعاليات مهنية وأصبحت متاحة على فضاءات عامة على شبكة الإنترنت.
خلال
الفيلم، تظهر هلين وهي تتصفح صورا لها يتراوح عمرها فيها ما بين 19 إلى 32 عاما، وهي
تبتسم خلال احتفالات زفاف ومناسبات عائلية وعندما كانت حاملا.
هذه
هي الصور التي تم تحريرها رقميا وتركيبها على أجساد نساء أخريات في مشاهد جنسية صريحة
وأخرى عنيفة.
تقول
هلين، متحدثة بشكل مباشر إلى الكاميرا: "كنت بحاجة إلى أن أرى تلك الصور بنفسي".
يجعل ذلك المشاهدين جزءا من حوار غير مريح.
أرادت
موريس استكشاف أثر تلك الصور على هلين، بما في ذلك الكوابيس المخيفة المتكررة والشعور
المرضي بالارتياب والاضطهاد.
تقول
هلين إنها عادة ما تشعر وكأن "الناس في الشارع بطريقة ما على دراية بوجود تلك
الصور، وكأنهم يعرفون ذلك السر الرهيب عني، ذلك السر الذي بدا فجأة وكأنه سري الرهيب".
تقول
موريس: "ما أدهشني عندما قابلت هلين هو إدراكي لحقيقة أنك تستطيع الآن انتهاك شخص
ما جنسيا بدون أن يحدث أي اتصال جسدي بينك وبينه".
وتابعت: "هذا
هو ما حفزني، أظن أن هذا كان أكثر شيء أصابني بالصدمة".
تقول
هلين في الفيلم: "شعرت وكأن تلك الصور كانت حقيقية، ومن الصعب أن تشرح آثار ذلك
لشخص لم تُستخدم صوره بنفس الطريقة.. لقد
غرسوا كل تلك الأشياء في ذهني، ولا أستطيع أن أتوقف عن رؤية تلك الصور. بل إنني لا
أستطيع كذلك أن أنظر إلى صوري الأصلية بنفس الطريقة".
تضيف
موريس أن هلين "ابتليت بتلك الصور".
"أكثر
ما يثير القلق والانزعاج في هذا الأمر هو أنني لا أظن أنك تستطيع الفصل بين الصورة
وبين الذاكرة بسهولة. فأنت تعلم أنك إذا عدت بذاكرتك إلى الوراء، فإنك لن تعرف على
وجه اليقين ما إذا كنت تتذكر اللحظة أم الصورة التي ترسم تلك اللحظة".
"لذا
فإن ما حدث لهلين هو أن هذه الصور المرتبطة بالذاكرة أعيد استخدامها لغرض آخر، وأعيد
غرس تلك الذكريات الزائفة في ذهنها. الصدمة الناتجة عن ذلك لا يمكن قياسها".
"الأمر
يشبه تعرضك لهجوم نفسي، إذ يؤثر على ارتباطك العاطفي بالصورة الأصلية".