ملفات وتقارير

هل يدفع الانفتاح على الأسد المعارضة السورية لتقديم تنازلات سياسية؟

مسار "أستانا" انطلق في يناير 2017 في العاصمة الكازاخستانية- جيتي
قللت مصادر من وفد المعارضة السورية المشارك في الجولة الـ20 من مباحثات أستانا في العاصمة الكازاخستانية نور سلطان في حديث خاص لـ"عربي21" من تأثيرات الانفتاح السياسي الخارجي على النظام السوري على سير المحادثات.

يأتي ذلك رداً على اعتبار مصادر أن حالة "الوهن" التي تمر بها المعارضة نتيجة التطبيع العربي والتركي مع النظام قد تدفع بالمعارضة إلى تقديم تنازلات سياسية، بعد أن باتت خياراتها محدودة.

والجولة الحالية من مباحثات أستانا التي انطلقت، الثلاثاء، هي الأولى بعد إعادة النظام السوري لجامعة الدول العربية.

ومسار "أستانا"، انطلق في كانون الثاني/ يناير 2017، في العاصمة الكازاخية أستانا، بهدف إيجاد حل سياسي، وإنهاء الصراع بين المعارضة السورية والنظام بضمانة كل من تركيا وروسيا وإيران، وأفضى إلى اتفاق مناطق "خفض التصعيد"، وسط اتهامات لروسيا باستخدام هذا المسار لفرض رؤيتها للحل في سوريا.

وفي حديث خاص لـ"عربي21" قال المتحدث باسم وفد المعارضة المشارك في مباحثات أستانا أيمن العاسمي، إن المعارضة ليست بوارد تقديم أي تنازل للنظام، مشدداً على أن "المعارضة لم تقدم أي تنازلات في الجولات السابقة".

وفي الوقت الذي أقر فيه العاسمي بصعوبة وضع المعارضة، قال: "لكن وضع النظام أصعب من المعارضة، فهو لن يستطيع الوفاء بالتعهدات للدول العربية، وهذا يعني فشل تطبيع بعض الأطراف العربية مع النظام".

وعن مسار التطبيع بين تركيا (ضامن المعارضة) والنظام السوري، اعتبر أن "ما جرى ليس تطبيعا، بل مباحثات ثنائية بصيغة مشابهة لمسار أستانا".

وشدد العاسمي على ثبات المعارضة عند مطالب السوريين، وقال: "إن قرار النظام عند روسيا وإيران، ونحن لن نقدم أي تنازل للدولتين لأن سوريا بلدنا، وانخراطنا في مسار أستانا جاء لأسباب ميدانية تتعلق بوقف القتال وخفض التصعيد وليس لتقديم تنازلات، أو طروحات يستفيد منها النظام في قضية التطبيع".

وحول مطالب المعارضة، أكد المتحدث باسم المعارضة أن الأخيرة متمسكة بقرار مجلس الأمن رقم 2254، أما عن التطبيع فهذا شأن يتعلق بالدول التي طبعت علاقتها مع النظام السوري، مضيفاً: "نحن نرفض هذا التطبيع، وقلنا إن ذلك سيؤدي إلى تصلب النظام أكثر".

وعن المواضيع التي جرى بحثها في اليوم الأول من مباحثات جولة أستانا، أشار أيمن العاسمي إلى بحث ملف المساعدات الإنسانية والمعابر، إلى جانب التصعيد العسكري من جانب النظام، وصولاً إلى ملف تحريك اللجنة الدستورية، مرجحاً في هذا الجانب أن يتم الاتفاق على عقد الجولة التاسعة من مباحثات الدستور السوري من حيث انتهت، وقال: "لم تتنازل المعارضة عن شرط استكمال الجولات من حيث توقفت، وبشروط متعلقة بالجدول الزمني لضمان عدم المماطلة من جانب النظام".

اللجنة الدستورية

وكانت تقارير إخبارية قد تحدثت عن نقاشات بشأن تغيير مقر مباحثات اللجنة الدستورية من جنيف إلى عواصم عربية، نزولاً عند اعتراض روسيا، بسبب صراعها مع الغرب على خلفية الملف الأوكراني.

وعدّت موافقة المعارضة على نقل مقر المباحثات بعيداً عن جنيف "تنازلا تحت تأثير تغييرات الموازين السياسية بعد التطبيع العربي مع النظام السوري".

وأعرب رئيس وفد المعارضة السورية في مباحثات "أستانا" أحمد طعمة عن تفاؤله بعقد الجولة التاسعة من مباحثات الدستور السوري قريباً، وقال لـ"عربي21": "التفاوض حول مكان انعقادها وتوقيتها لا زال مستمراً".

"المعارضة لا تمتلك ما تتنازل عنه"

من جهته، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي حسن النيفي على أن مسار "أستانا" لم يكن معنياً بالقضية السورية فحسب بل هو إطار للتفاهم وتبادل المصالح بين تركيا وروسيا، ولعل استمرار هذا المسار بانعقاد لقاءاته الدورية لا يعني بالضرورة حصول أي تطور على مستوى القضية السورية، بقدر ما يعني استمرارا للشراكة بين أنقرة وموسكو.

ويضيف لـ"عربي21" أن القضية السورية خرجت إلى خارج إطار "أستانا" منذ أعلنت تركيا استعدادها للتطبيع مع نظام الأسد، إلا أن هذا التطبيع لم يحصل بسبب شرط انسحاب تركيا من الأراضي السورية كما يريد النظام.

وتأسيساً على ذلك يعتقد الكاتب أن المعارضة السورية ليس لديها ما تتنازل عنه في الأصل، طالما أنها نفذت ما هو مطلوب منها منذ سنوات من خلال موافقتها على تشكيل اللجنة الدستورية متجاوزة المضمون الحقيقي للقرار 2254.

وأبعد من ذلك، يقول النيفي إن "المعارضة السورية استنفدت في الوقت الراهن دورها الوظيفي المنوط بها، والاستعصاء الحاصل في وجه التطبيع يكمن في جانب النظام وليس المعارضة، وباعتقادي لو حصل تفاهم تركي- روسي بانتقال لقاءات الدستورية من جنيف إلى مسقط أو القاهرة كما يطالب النظام، لما ترددت هيئة التفاوض عن القبول أو الموافقة".
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع