كشفت وثائق إسرائيلية، رفعت عنها السرية
مؤخرا، عن الطرق التي لجأ إليها
الاحتلال، لتهجير
الفلسطينيين من العديد من
المناطق، وصلت إلى حد
تسميم الأراضي الزراعية للفلسطينيين.
وقالت صحيفة
"هآرتس" في تقرير لها أعده عوفر أديرت: "حتى بعد نصف قرن، فإن
قراءة بروتوكولات قيادة منطقة الضفة الغربية، تترك شعورا قاسيا، مرحلة تلو الأخرى،
من التخطيط وحتى التنفيذ، يتم فيها توثيق إقامة مستوطنة جديدة؛ في البداية تم
تجريد سكان القرية الفلسطينية المجاورة من أراضيهم بذريعة كاذبة وهي؛ إقامة مناطق
تدريب للجيش الإسرائيلي، وبعد إصرار الشعب الفلسطيني على فلاحة أرضه، يقوم جنودنا
بتخريب أدوات عملهم وسحق المحاصيل وتدميرها".
وأضافت: "وعندما
لم ينفع ذلك كله، وجد حل أكثر تطرفا وقسوة، حيث قامت طائرة بالتحليق في الجو ورشت
مادة كيميائية سامة على الأرض؛ مادة قاتلة للحيوانات وخطيرة على الإنسان".
تفاصيل مرعبة
وأشارت إلى أن
"هذه القصة وجدت الصدى لفترة قصيرة عندما كشفت عام 1972، لكنها لم تمنع إقامة
مستوطنة غيتيت في غور الأردن على أراضي قرية عقربا الفلسطينية التي تم تسميمها على
يد الجيش الإسرائيلي، وفقط الآن، بعد 51 عاما، يتم كشف التفاصيل الكاملة".
وأفادت الصحيفة، أن
كشف تلك التفاصيل، تحقق بفضل مشروع جديد لمركز "تاوب" في جامعة نيويورك،
ويجمع هذا المشروع ويصنف كل المادة التاريخية التي تتناول مشروع الاستيطان، التي
يمكن من الآن فصاعدا الاطلاع عليها، وبفضل هذا المشروع، فتحت أمام الجمهور آلاف
الملفات المغلقة في أرشيف الدولة وأرشيفات أخرى، تسلط الضوء على أحد المشاريع
المهمة في تاريخ الاحتلال.
وأشارت إلى أن
"الملف الذي يوثق تسميم الأراضي في عقربا محفوظ في ملفات الجيش الإسرائيلي،
الوثيقة الأولى فيه بتاريخ كانون الثاني/يناير 1972، حيث أمر قائد المنطقة الوسطى
في حينه لواء الغور، بالتأكد من عدم فلاحة الأراضي في المنطقة، والقضاء على
المحاصيل عن طريق الدوس عليها بالسيارات".
وثيقة أخرى صادرة في
آذار/مارس، تظهر أن "هذه المهمة لم تستكمل بنجاح، فالمسؤول عن الأملاك
المتروكة والحكومية في الضفة، طلب استدعاء المخاتير ورؤساء العائلات، وذكرهم بأن لا
يتجاوزوا الأوامر المذكورة أعلاه" وإلا فإن "مزارعهم ستدمر، ويتوقع
تقديمهم للمحاكمة بسبب الدخول لمنطقة مغلقة بدون تصريح".
وفي نيسان/أبريل،
"صعد الجيش درجة، ففي جلسة عقدت في قيادة المنطقة الوسطى بمشاركة ضباط من
الجيش وممثل عن قسم الاستيطان في الوكالة اليهودية، المسؤول عن الممتلكات المتروكة
والحكومية، أخذت عنوان "رش المناطق المستثناة في منطقة تل طال"، وهذا هو
الاسم الأصلي للمستوطنة التي أقيمت هناك وبعد ذلك أطلق عليها اسم "غيغيت".
حرق المحاصيل
وتظهر الوثائق، أن هدف
الجلسة، تمثل في "تحديد الصلاحيات ووضع جدول زمني لتنفيذ عملية الرش (السم)،
ويحظر على الأشخاص (اليهود) الدخول للمناطق التي تم رشها لمدة ثلاثة أيام خوفا من
التسمم، ويحظر على الحيوانات الدخول لهذه المناطق مدة أسبوع آخر".
وبينت
"هآرتس" أن مهمة رش السم عبر طائرة رش، أسندت إلى الوكالة اليهودية، وقد
تم تكليف ممثلها بـ "تنسيق الترتيبات مع شركة "كيما افير"،
المتخصصة في رش المزروعات من الجو، وتعود ملكيتها لكيبوتسات وموشافات، وتمت
إدارتها من قبل المركز الزراعي كجمعية تعاونية"، منوهة أن "المسؤول عن
الممتلكات المتروكة والحكومية سيهتم بترسيم حدود المنطقة بشكل دقيق وسيوجه الطائرة
التي ستقوم بالرش وفقا لذلك".
وفي وثائق أخرى، ظهر
أن "عملية الرش نفذت في 17 نيسان/أبريل، بعد المصادقة على عملية الرش شفويا
من منسق أعمال الحكومة في المناطق، وقد شملت نحو 500 دونم، وتم إحراق القمح
ومصادرة أراضي السكان".
وكشفت الوثائق أن
"الجيش الإسرائيلي تفرغ في أيار/مايو من أجل استكمال السيطرة بالكامل على
الأرض التي تم تسميمها، وأقيمت عليها بعد ذلك مستوطنة دائمة، وفي آب/أغسطس، أقام
قائد المنطقة الوسطى في حينه، رحبعام زئيفي، البؤرة الاستيطانية
"غيتيت"، وفي كانون الثاني/يناير 1973 تحولت البؤرة لنقطة استيطان
ثابتة، وفي 1975 أقيم "موشاف" في المكان".