تحل الجمعة الذكرى العاشرة لأحداث 30 حزيران/ يونيو 2013، التي مهدت لانقلاب قائد الجيش حينها عبدالفتاح
السيسي، على أول رئيس مدني منتخب في
مصر، الرئيس الراحل محمد
مرسي، التي يعتبرها أنصار السيسي "ثورة".
ومنذ "
30 يونيو"، تراجعت أحلام المصريين التي تفجرت مع ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، بالعيش الكريم والحرية، والعدالة الاجتماعية، وسط مراجعة الكثير من مؤيدي النظام العسكري لمواقفهم.
تفاقم الأزمة الاقتصادية
وتأتي هذه الذكرى في ظل حالة من التردي التي تشهدها القطاعات المختلفة في مصر، خاصة على الصعيد الاقتصادي والمعيشي، التي تراكمت منذ الانقلاب بفعل سياسات النظام غير الفعالة في معالجة الأزمات، والتي أثقلت كاهل الدولة والمواطنين على حد سواء، وأغرقت مصر في ديون خارجية ثقيلة، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مصير السيسي في ظل اشتداد الأزمة.
وسجل الاقتصاد المصري العديد من الإخفاقات، وسقط في الكثير من الأزمات، ووضع المصريين أمام كوارث اقتصادية، وأزمات اجتماعية، وهبط بملايين المصريين إلى سلم الفقر، والفقر المدقع، مع استمرار السياسات الخاطئة لرئيس النظام عبدالفتاح السيسي.
وتفاقمت أسعار المواد الغذائية التي ألهبت جيوب المصريين، وتراجع الاقتصاد مع هروب الاستثمار الأجنبي، وفي ظل تعاظم الحاجة للعملة الأجنبية لاستيراد السلع الأساسية والاستراتيجية مثل القمح والزيوت و الذرة والأعلاف ومستلزمات الإنتاج، زادت ضغوط فوائد وأقساط دين خارجي فاق معدل 150 مليار دولار.
وفي ظل اشتداد الأزمة وانهيار قيمة العملية المحلية، لجأ النظام إلى قرارات بيع أصول وممتلكات الدولة بأقل من قيمتها الحقيقية لصالح بعض الصناديق العربية، لا سيما الإماراتية.
تواصل الانتهاكات الحقوقية
وعلى مدار السنوات العشر الماضية، واصل النظام المصري انتهاكاته الحقوقية بحق المصريين، واعتقل آلاف المصريين الذين تعرض كثير منهم للإخفاء القسري، والحرمان من الحقوق المقررة للسجناء ومن المحاكمات العادلة.
ولا تعرف بالضبط أعداد المعتقلين السياسيين في مصر، إلا أنها بالآلاف وفق ما أكدته منظمات حقوقية محلية ودولية، في حين ذهب بعضها إلى تقديرهم بنحو 60 ألف سجين، وذلك منذ الانقلاب العسكري.
وفي محاولة لإسكات وتهدئة حدة الانتقادات الخارجية لملف مصر الحقوقي الذي تصفه المنظمات الدولية "بالأسوأ في تاريخ مصر"، فعلت السلطات المصرية لجنة العفو الرئاسي العام الماضي تحت ضغوط خارجية وداخلية من أجل قبول المعارضة بالمشاركة، فيما يسمى بالحوار الوطني الذي دعا له السيسي في نيسان/أبريل 2022.
أفرجت السلطات المصرية منذ تفعيل عمل اللجنة عن حوالي 1151 شخصا في مقابل 3666 شخصا تم اعتقالهم لأول مرة، وحبسهم في قضايا تمس "أمن الدولة"، حسبما أفادت منظمة الجبهة المصرية لحقوق الإنسان.
إزاحة السيسي
وفي تعليق له بذكرى الانقلاب، قال الحقوقي المصري البارز، بهي الدين حسن؛ إن "أي إزاحة محتملة للرئيس عبد الفتاح السيسي ستحدث من داخل نظامه بدعم خليجي"، مؤكدا أن "التغييرات العسكرية والأمنية المحدودة التي يقوم بها السيسي لن تفيده كثيرا".
وأشار حسن، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن السيناريو الأرجح من وجهة نظره، يتمثل في أن "احتمال عدم التوافق بخصوص استمرار السيسي في سدة الحكم سيأتي من الشرائح العليا في نخبة الحكم".
وأضاف حسن: "لا أظن أنه يمكن مقارنة انتخابات 2014 و2018 بانتخابات العام القادم، حتى لو ترشح وفاز بها السيسي؛ ففي الانتخابات السابقة كان فوز السيسي بها أمرا مفروغا منه، بمجرد ضمان توحد نخبة الحكم والمؤسسة العسكرية خلفه. اليوم هذا الأمر صار سؤالا مفتوحا، سنعرف الإجابة عليه تدريجيا كلما اقتربنا من موعد فتح باب الترشح لها".
وأكد حسن، الذي يشغل منصب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أن "المنافس القادر على منافسة السيسي في ظل المعطيات السياسية الراهنة، هو مرشح ينتمي للنظام القديم/ الجديد، وعلى الأرجح يتمتع بدعم دول الخليج"، متابعا: "من الصعب تصور حدوث انتخابات رئاسية نزيهة وحرة في مصر العام القادم، دون حدوث ما يشبه الانقلاب أو الثورة قبل انعقادها".
"فتح جحيم التدخل"
ولفت إلى أن "السيسي في غمار التحضير لانقلابه العسكري عام 2013، فتح باب جحيم التدخل الإقليمي في اختيار مَن يحكم مصر. هذا الباب لم يُغلق، بل انفتح على مصراعيه منذ العام الماضي مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر. من ثم، فإن بعض دول الخليج سيكون لها على الأرجح صوت حاسم في تقرير مصير السيسي ومَن سيخلفه".
ونوّه حسن إلى أن مصر مقبلة على "مرحلة ستتفاقم فيها تأثيرات الكارثة الاقتصادية، بما قد يضطر السيسي لاتخاذ إجراءات اقتصادية أشد قسوة، لا يمكن لأغلبية المصريين تحمل تبعاتها، فضلا عن قرارات سياسية يصعب على المعارضة -وربما بعض شخصيات داخل الحكم- ابتلاعها، واستشهد هنا بقناة السويس على سبيل المثال".