أكدت وزارة الخارجية الألمانية تصنيف
سوريا كبلد غير
آمن، لتخالف بذلك تصنيف دول أوروبية أخرى مثل الدنمارك التي تعتبر سوريا بلدا آمنا
لتسهيل إعادة
اللاجئين السوريين إليها، في حين أكد التقرير الألماني أنه لا يمكن ضمان
عودة آمنة للنازحين واللاجئين السوريين.
وجاء تأكيد التصنيف الألماني ضمن التقرير السنوي
للخارجية حول "الحالة في سوريا"، وهو تقرير لا ينشر عادة لكن تتم
مشاركته مع بعض المؤسسات والمنظمات الشريكة، كما تنشر وسائل الإعلام الألمانية
مقتطفات منه.
ويساعد التقرير مكتب الهجرة في ألمانيا في دراسة طلبات
اللجوء وإمكانية الترحيل للمرفوضة طلباتهم، كما تستند عليه عادة المحاكم باتخاذ
القرارات المتعلقة بطلبات اللجوء.
واعتمد التقرير بشكلٍ أساسي على لجنة التحقيق الدولية،
وعلى بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان. ورصد التقرير الألماني حالات القتل
خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والتعذيب، والألغام والمتفجرات غير
المنفجرة، وغيرها.
وأشار تقرير الخارجية الألمانية إلى ما أوردته الشبكة
السورية لحقوق الإنسان، التي وثقت مقتل أكثر من 1000 مدني في العام 2022، بما في
ذلك حوالي 250 طفلاً، كما تم تسجيل 12350 حادثة تتعلق بالألغام والمتفجرات غير
المنفجرة بين عامي 2019 و2022 فقط. وأكد التقرير أن عمليات الاعتقال التعسفي لا
تزال مستمرة، كما أن عمليات التعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة لأطراف النزاع
والقوى المسيطرة مستمرة أيضا.
كما تناول التقرير الوضع الاقتصادي والإنساني
المتفاقم، والذي ازداد سوءا بعد الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في شباط/ فبراير
الماضي. وذكر التقرير أن أكثر من 15 مليون شخص سوري في حاجة للمساعدة.
وأوضح أنه "حتى مع وجود مناطق في سوريا لم تعد
فيها عمليات قتالية، ويمكن فيها المشاركة في الحياة العامة، فإن الوضع الأمني العام
لا يزال متقلبا والوضع الإنساني والاقتصادي في سوريا لا يزال سيئا للغاية".
من جهتها، أشادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بـ"عمل
الفريق الذي عمل بجد في وزارة الخارجية الألمانية على هذا التقرير، والذي نعتقد أنه
وصل إلى نتائج موضوعية تستند إلى حقائق موثَّقة".
كما رحبت الشبكة "بموقف الحكومة الألمانية الرافض
لإعادة العلاقات مع النظام السوري المستمر بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب
بحق الشعب السوري بشكل يومي" وفق بيان للشبكة.
استمرار القتل رغم تراجع القتال
وفي سياق متصل، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن
القتل خارج نطاق القانون حصد 501 مدني في سوريا في النصف الأول من عام 2023، مشيرة
إلى تسجيل 118 مدنياً في حزيران/ يونيو الماضي، بينهم 15 طفلاً و19 سيدة، و4 ضحايا
بسبب التعذيب.
وقالت الشبكة في تقرير لها إن "جريمة القتل اتخذت
نمطاً واسعاً ومنهجياً من قبل قوات النظام السوري والمليشيات المقاتلة معه بشكل
أساسي"، لافتا إلى أن "عملية توثيق الضحايا الذين يقتلون في سوريا ازدادت
تعقيداً بعد دخول أطراف عدة في النِّزاع السوري".
وبحسب التقرير فإن هذه الأرقام "تؤكد أن سوريا من
أسوأ إن لم تكن أسوأ دولة في العالم في خسارة المواطنين السوريين عبر عمليات قتل
خارج نطاق القانون، بما في ذلك القتل تحت التعذيب".
تسجيل الوفيات
من جهة أخرى، قالت الشبكة إن النظام السوري لم يسجل
مئات آلاف المواطنين الذين قتلهم منذ آذار/ مارس 2011 ضمن سجلات الوفيات في السجل
المدني، أي أنهم ما زالوا في السجلات الرسمية على قيد الحياة.
وذكر التقرير أن النظام "تحكم بشكل متوحش بإصدار
شهادات الوفاة، ولم تتَح لجميع أهالي الضحايا الذين قتلوا سواء على يد النظام
السوري أو على يد بقية الأطراف، ولا لأهالي المفقودين والمختفين قسرياً، واكتفى
بإعطاء شهادات وفاة لمن تنطبق عليه معايير يحددها النظام السوري وأجهزته الأمنية".
وأوضحت الشبكة أن "الغالبية العظمى من الأهالي
غير قادرين على الحصول على شهادات وفيات، خوفاً من ربط اسمهم باسم شخص كان معتقلاً
لدى النظام السوري وقتل تحت التعذيب، وهذا يعني أنه معارض للنظام السوري، أو تسجيل
الضحية كإرهابي إذا كان من المطلوبين للأجهزة الأمنية، كما أن قسما كبيرا من ذوي
الضحايا تشردوا قسرياً خارج مناطق سيطرة النظام السوري".
ويفرض النظام على المحاكم ذات الاختصاص في الدعاوى المتعلقة
بتثبيت الوفاة؛ الحصول على الموافقة الأمنية "الأمر الذي يزيد من تغول
الأجهزة الأمنية"، وفق الشبكة.