مثلت
زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى
تركيا للقاء الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، نقطة انعطاف جديدة في علاقة أنقرة بملف الحرب الروسية الأوكرانية، بعد
عام ونيف على سياسة إمساك العصا التي امتاز بها الموقف التركي منذ بداية الحرب في
شباط/ فبراير 2022.
كتيبة
"آزوف"
وشكل
سماح تركيا لقادة كتيبة آزوف الأوكرانية بالعودة إلى بلادهم مع زيلينسكي مصدر إزعاج
للكرملين، الذي أعرب عن احتجاجه على الأمر، كما أنه اتهم تركيا بخرق اتفاق تبادل
الأسرى.
وأعلن
الرئيس الأوكراني عن عودته إلى بلاده قادما من تركيا برفقة عدد من قادة مقاتلي
كتيبة آزوف، وأظهرت صور على مواقع التواصل لقاء زيلينسكي بقادة آزوف وصعودهم معه
على متن الطائرة التي أقلعت من إسطنبول في ختام زيارته لتركيا.
وأكد
المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن أحدا لم يبلغ
روسيا بنقل قادة جماعة آزوف
"الإرهابية" من تركيا إلى أوكرانيا، مضيفا أنه كان من المفترض بحسب
الاتفاق بين موسكو وأنقرة- أن يبقى قادة الكتيبة في تركيا حتى انتهاء الصراع.
وكانت
روسيا أفرجت في أيلول/ سبتمبر الماضي عن عدد من قادة كتيبة آزوف في إطار صفقة
لتبادل الأسرى توسطت فيها أنقرة وتلزم شروطها هؤلاء القادة بالبقاء في تركيا حتى
نهاية الحرب.
وقادت
كتيبة آزوف معركة الدفاع عن مدينة ماريوبول الواقعة على بحر آزوف حتى سقوطها بيد
القوات الروسية في أيار/ مايو 2022، وحينها استسلم عدد من قادة الكتيبة بعد قتال
استمر لأكثر من 3 أشهر في أنفاق وملاجئ أسفل مصنع آزوفستال للصلب.
الانضمام
للناتو
وفي
السياق، أثارت تصريحات أردوغان حول انضمام أوكرانيا إلى الناتو، حفيظة روسيا، بعد
أن أكد الرئيس التركي أن أوكرانيا تستحق بلا شك عضوية حلف شمال الأطلسي.
وأضاف
أردوغان: "منذ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014 (من قبل روسيا) في انتهاك للقانون
الدولي، أعربنا عن دعمنا لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها واستقلالها على جميع
الأصعدة، وأظهرنا تضامننا مع أوكرانيا فعلياً من خلال المساعدة الملموسة التي
قدمناها في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية والتقنية".
لكن
أردوغان وفي كلمة أمام أنصاره عقب لقاء زيلينسكي، أشار إلى أن بلاده تتبع سياسة
متوازنة مع دول الجوار، ولن تسمح لأي طرف بإفساد علاقاتها مع روسيا، كما أننا
مستمرون بالحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
من
جانبه، ذكر المتحدث باسم الكرملين أن الغرب مارس ضغوطا كبيرة على تركيا قبل قمة
حلف شمال الأطلسي التي ستعقد في ليتوانيا يومي الثلاثاء والأربعاء الأسبوع الجاري.
وقال
الإعلامي والباحث التركي محمد صديق يلدريم، في تصريحات لـ"عربي21"، إن "فكرة
انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي كانت السبب الأساس للغزو الروسي المستمر منذ
أكثر من عام على الأراضي الأوكرانية، لكن الغرب يصر على انضمام فنلندا والسويد ضمن
خطوات أمريكية مستمرة للحد من تنامي قوة روسيا، التي بدورها ترد بطريقتها الخاصة
ما ينعكس سلبا على الاستقرار في المنطقة".
ورأى
أن "تسليم قادة آزوف قد يكون بداية لخطة تقارب بين كييف وموسكو، لاسيما أن
الدولتين تعانيان من طول أمد الحرب"، مشيرا إلى أن العلاقات التركية الروسية
مبنية على المصلحة المشتركة ومن غير الممكن أن تغامر إحدى الدولتين بالتصعيد
بالنظر إلى الرؤية المشتركة لحل مشاكل المنطقة".
وعند
سؤاله عن الرد الروسي على الموقف التركي، أجاب يلدريم بأن "موسكو قد ترد
ببعض المضايقات في سوريا فضلا عن تأخير تمديد اتفاقية الحبوب بين روسيا وتركيا
وأوكرانيا"، مؤكدا أن علاقة أنقرة مع كييف وموسكو علاقة استراتيجية معلنة ولن
تتخلى أنقرة عن دور الوساطة في تلك الأزمة.
وختم
يلدريم بالقول: "إن روسيا بحاجة لإدامة العلاقات مع تركيا فهي لا تريد العودة
إلى حالة العزلة الدولية، هذا فضلا عن حاجة البلدين لبعضهما كما أنهما يتقاسمان
الشراكة في عدة ملفات متشابكة"، متوقعا أن "يزور الرئيس الروسي فلادمير
بوتين تركيا خلال آب/ أغسطس القادم".
في
المقابل، نقل موقع
أخبار روسيا عن أليكسي جورافليف، النائب الأول لرئيس لجنة دفاع
في الدوما لموقف أخبار روسيا قوله: "إن موسكو يمكنها التخلي عن جزء من وعودها
لأنقرة لا سيما بناء محطة أوكويو النووية، بعد خرق اتفاق تبادل الأسرى وعودة قادة
آزوف لأوكرانيا".
إلى
ذلك قال فلاديمير دجباروف، النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الاتحاد للشؤون الدولية
في الدوما، لموقع إخبار روسيا، إن الخطوة تمثل انتهاكا لجميع الاتفاقات، مشيرًا
إلى أن روسيا غير مستعدة لتمديد اتفاقية الحبوب التي وقعت بين روسيا وتركيا
وأوكرانيا بإشراف الأمم المتحدة في تموز/ يوليو 2022 وتنتهي في الـ22 من الشهر
الجاري.