أعطى رئيس
الجمهورية التركي، رجب طيب أردوغان، قبل يوم من قمة حلف شمال الأطلسي
"
الناتو" التي انعقدت الثلاثاء في العاصمة الليتوانية فيلنيوس،
ضوءا
أخضر لانضمام السويد إلى الحلف، وتقديم الملف إلى البرلمان التركي للتصويت عليه،
بعد أن صرح مرارا بأن أنقرة لن توافق على انضمام
السويد إلى الناتو قبل أن تفي
ستوكهولم بكل وعودها فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب. وأثارت هذه الخطوة تساؤلات حول
ما حصلت عليه
تركيا في مقابل تراجعها عن موقفها الرافض الذي تمسكت به حتى اللحظات
الأخيرة.
كانت تركيا
وقعت
العام الماضي مذكرة ثلاثية مع فنلندا والسويد قبيل قمة مدريد، وتعهدت فيها
ستوكهولم بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، كما طلبت أنقرة من الدولتين
تسليم العشرات من عناصر حزب العمال الكردستاني وتنظيم غولن الذي قام بمحاولة
الانقلاب الدموية في صيف 2016. وقامت السويد ببعض التعديلات في قوانينها ودستورها في
إطار التزامها بما ورد في المذكرة الثلاثية، إلا أنها ظلت تسمح لعناصر حزب العمال
الكردستاني بتنظيم مظاهرات ضد تركيا في قلب العاصمة ستوكهولم، بالإضافة إلى سماحها
للمتطرفين بحرق المصحف الشريف والإساءة إلى مشاعر المسلمين ومعتقداتهم بحجة حرية
التعبير.
أردوغان استخدم ورقة انضمام السويد إلى الناتو لحل مشاكل بلاده مع الولايات المتحدة في بعض الملفات، كبيع عدد من مقاتلات أف-16 إلى تركيا وعودة أنقرة إلى برنامج إنتاج طائرات أف-35 الذي تم إبعادها عنه بعد شرائها منظومة أس-400 للدفاع الجوي من روسيا. كما أراد أن يضغط على الدول الأوروبية لتفتح الطريق أمام انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وقال قبل قمة الناتو الأخيرة إنه سيدعم عضوية السويد في الناتو بشرط أن يعيد الاتحاد الأوروبي إطلاق مفاوضات انضمام بلاده إلى الاتحاد، إلا أنه لم يحصل على شيء غير تعهدات
تركيا ستشهد
نهاية هذا الأسبوع فعاليات مختلفة واحتفالات بذكرى الانتصار على محاولة الانقلاب
الفاشلة التي قام بها ضباط موالون للكيان الموازي، التنظيم السري لجماعة غولن.
وكان أردوغان ذكر في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي خلال زيارة رئيس وزراء السويد
أولف كريستيرسون لأنقرة؛ أن تسليم الصحفي بولنت كينيش، وهو من كبار أعضاء التنظيم،
إلى تركيا في غاية الأهمية، إلا أن المحكمة العليا السويدية رفضت تسليمه بحجة أن
الاتهامات الموجهة إليه "سياسية".
وفي النهاية، وافق
أردوغان على انضمام السويد إلى الناتو قبيل ذكرى محاولة الانقلاب الفاشلة، رغم أن ستوكهولم
لم تسلّم كينيش ولا أيا من المتورطين في تلك الجريمة التي استهدفت إرادة الشعب
التركي، وأسفرت عن سقوط عشرات من القتلى والجرحى من رجال الجيش والأمن والمدنيين.
أردوغان استخدم
ورقة انضمام السويد إلى الناتو لحل مشاكل بلاده مع الولايات المتحدة في بعض
الملفات، كبيع عدد من مقاتلات أف-16 إلى تركيا وعودة أنقرة إلى برنامج إنتاج
طائرات أف-35 الذي تم إبعادها عنه بعد شرائها منظومة أس-400 للدفاع الجوي من
روسيا. كما أراد أن يضغط على الدول الأوروبية لتفتح الطريق أمام انضمام تركيا إلى
الاتحاد الأوروبي، وقال قبل قمة الناتو الأخيرة إنه سيدعم عضوية السويد في الناتو
بشرط أن يعيد الاتحاد الأوروبي إطلاق مفاوضات انضمام بلاده إلى الاتحاد، إلا أنه
لم يحصل على شيء غير تعهدات.
لم يعد بإمكان رئيس الجمهورية التركي عرقلة انضمام السويد إلى الناتو إلى ما لا نهاية، وحاول الرجل أن يحصل على ما يمكن الحصول عليه من مكاسب لصالح بلاده في الظروف الراهنة. ولعل أهم مكسب هو تخفيف التوتر مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، في الوقت الذي تحتاج فيه تركيا إلى التركيز على حل مشاكلها الاقتصادية ومكافحة التضخم ومشاريع إعادة الإعمار في المناطق التي ضربتها الزلازل المدمرة قبل أشهر
يبدو أن ملف عودة
تركيا إلى برنامج طائرات أف-35 تم إغلاقه نهائيا، ولكن أنقرة حصلت على تعهدات من إدارة
بايدن بشأن ملف شرائها عددا من مقاتلات أف-16. ومن المحتمل أن يوافق الكونغرس
الأمريكي على هذه الصفقة بالتوازي مع إعطاء اليونان طائرات أف-35 وأسلحة ومعدات
أخرى، كما تعهدت كندا برفع الحظر عن بيع الأسلحة إلى تركيا. وأما انضمام تركيا إلى
الاتحاد الأوروبي فتم إطلاق تصريحات تدعم تسريع عضوية أنقرة في التكتل الأوروبي،
إلا أن القرار النهائي في هذا الملف بيد أعضاء الاتحاد، لا الولايات المتحدة ولا
الناتو، ويمكن أن تعرقل أي دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي انضمام تركيا إليه.
لم يعد بإمكان
رئيس الجمهورية التركي عرقلة انضمام السويد إلى الناتو إلى ما لا نهاية، وحاول
الرجل أن يحصل على ما يمكن الحصول عليه من مكاسب لصالح بلاده في الظروف الراهنة.
ولعل أهم مكسب هو تخفيف التوتر مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، في الوقت
الذي تحتاج فيه تركيا إلى التركيز على حل مشاكلها الاقتصادية ومكافحة التضخم
ومشاريع إعادة الإعمار في المناطق التي ضربتها الزلازل المدمرة قبل أشهر.
بروتوكول انضمام
السويد إلى الناتو الآن في ملعب البرلمان التركي. وكان البرلمان التركي رفض في
آذار/ مارس 2003 مذكرة تمنح الحكومة صلاحيات إرسال القوات إلى العراق أو الموافقة
على استخدام الأراضي التركية لفتح جبهة من الشمال من أجل إسقاط نظام صدام حسين. ويرى
محللون أن البرلمان التركي قد يعيد المفاجأة، بعد أن انتقد رئيس حزب الحركة
القومية دولت بهتشلي، دعم ستوكهولم لحزب العمال الكردستاني وسماحها بحرق المصحف،
وذكر الثلاثاء في كلمته أمام نواب حزبه أن السويد "مغارة حزب العمال
الكردستاني في أوروبا" وأن ستوكهولم "معقل المنظمة الإرهابية مثل جبال
قنديل".
إلا أنه من
المستبعد أن يتكرر ما حدث في 2003، كما أن بهتشلي نفسه صرح بأنهم يمكن أن يتراجعوا
عن رفضهم انضمام السويد إلى الناتو إن تراجعت الأخيرة عن دعم حزب العمال
الكردستاني، وأن القرار النهائي في هذا الملف يعود إلى رئيس الجمهورية.
twitter.com/ismail_yasa