ذكرت وسائل إعلام أجنبية، أن الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، استطاع تحقيق مكاسب في أساليبه التفاوضية بشأن انضمام
السويد إلى حلف شمال الأطلسي "
الناتو"، مشيرة إلى أنه لم يتخل بعد عن نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
ونشرت صحيفة "الغارديان"
تقريرا أشارت فيه إلى "أردوغان هو أستاذ في مفاوضاته واستخدامه لأوراق النفوذ التي لديه. ينتظر حتى يكون محاوروه في أضعف حالاتهم قبل أن يرمي ورقته الأخيرة".
وأضافت أن أردوغان أحيانا يستخدم وسائل قاسية، مشيرة إلى أنه في محضر اجتماع لقادة أوروبيين تم تسريبه عام 2015، يتعلق بالمهاجرين السوريين، هدد الرئيس التركي بفتح الأبواب على اليونان وبلغاريا.
أردوغان قاتل على ثلاث جبهات
ورفض أردوغان الموافقة على عضوية السويد في حلف الناتو حتى عشية القمة في فيلنيوس، وكان يقاتل من أجل المصالح التركية على ثلاث جبهات: ملاحقة قاسية للأكراد في السويد، إزالة معارضة الكونغرس عن صفقة أف-16. وفي تحرك مفاجئ للجميع، المطالبة بتحقيق تقدم في ملف العضوية التركية في الاتحاد الاوروبي وتأشيرات تسمح للأتراك بالسفر بحرية في أوروبا.
وحقق تقدما على كل الجبهات بدون تحديد موعد تصويت البرلمان التركي على عضوية السويد في الناتو. وحتى الآن لم توضع كل قطعة من قطع الجيكسو في مكانها بعد.
فقد عدلت السويد دستورها وغيرت قوانينها ووسعت التعاون ضد حزب العمال الكردستاني، واستأنفت تصدير السلاح لتركيا. ووافقت على تقديم خطة طريق تكون "أساسا لمواصلة محاربة الإرهاب في كل أشكاله وتمظهراته" وأكدت أنها لن تقدم الدعم لجماعات "واي بي جي" و"بي واي دي" الكردية في سوريا. وأكدت، بطريقة لفظية وأظهرت أنها قدمت تنازلات من حيث أنها لم تقدم الدعم لجماعة "غولن".
ووافق الناتو على تشكيل منسق لمكافحة الإرهاب، والمهم هو أن المحاكم السويدية، باتت أكثر تشددا مع الأكراد السويديين الذين يخرقون القانون.
وفي موضوع طائرات أف-16، فقد تحدث وزير الدفاع التركي يشار غولر يوم الاثنين مع نظيره الأمريكي لويد أوستن. وأكثر من هذا، فقد وافق رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب ميننديز، ويعتبر من كبار أصدقاء اليونان على أنه سيقرر في الأسبوع المقبل ما إذا كان سيرفع الفيتو عن صفقة "أف-16"، وعلق بأن هناك حالة هدوء في النزعة التركية المحاربة ضد اليونان وعبر عن أمله في أن يصبح هذا "واقعا دائما".
ولا يعرف ما إذا كان أردوغان قد حقق تقدما في موضوع عضوية
تركيا في الاتحاد الأوروبي، لكنه ربما كان يلوح لاتفاق الجمارك والسفر بدون تأشيرة، ومع زحف اليمين في إسبانيا وفرنسا والدول الإسكندنافية فإن المعارضة لاتفاق كهذا ستكون شاملة.
الغرب لا يعرف إن كان أردوغان سيظل يراوح بينه وبين روسيا
من جهتها، قالت صحيفة "التايمز" إن أردوغان اشتم رائحة فرصة للتخلي عن بوتين، لكن الغرب لا يعرف بعد ما إن كان الرئيس التركي سيظل يرواح بينه وبين روسيا.
وذكرت الصحيفة في
مقال لروجر بويز، أن هناك إشارات كثيرة حول تحول في سياسة أردوغان بعد فوزه الأخير بالانتخابات الرئاسية، مشيرة إلى تسليمه خمسة من كتيبة آزوف إلى أوكرانيا، ما أثار حفيظة موسكو.
وتابعت الصحيفة بأن أردوغان يبدو وكأنه يقوم بتحول حقيقي. فقد أخبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأنه يدعم انضمام كييف لحلف الناتو، وقرر رفع الفيتو عن انضمام السويد للحلف، وعرض أن تقوم البوارج العسكرية التركية بمرافقة سفن القمح الأوكراني عبر البحر الأسود، إن وافقت روسيا على تجديد الاتفاق في الأسبوع المقبل، بل إنه طلب من فرنسا مراقبة عمليات بناء مفاعل نووي تنشئه روسيا في تركيا.
ويحتاج أردوغان لجذب الاستثمارات الأجنبية لدعم اقتصاد بلاده. ولا يمكن لدول الخليج أو روسيا تمويل الاحتياطيات الناضبة من المصرف المركزي.
وربما حسب أردوغان أنه سيتفوق على بوتين ويتحول الحامي الكبير للجنوب العالمي. والتقى قادة جنوب أفريقيا وزامبيا ومصر والسنغال مع بوتين الشهر الماضي وأخبروه بأنه لو أراد عقد القمة الأفريقية هذا الشهر في سانت بطرسبرغ فيجب أن يقدم لفتة نحو السلام. وعبروا عن خوفهم من ارتفاع معدلات التضخم بسبب أزمة الحبوب التي تسببت بها الحرب، كما تقول الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك فرقا في أسلوب بوتين وأردوغان، فقد لعب الأول دور المخرب ولكنه فشل في ملء الفراغات الناجمة عن هذا. واستخدمت الحرب في أوكرانيا كساحة لتجريب الأسلحة والأساليب، لكن النتائج كانت قليلة وفوضوية ولا تصلح لأن تكون دعاية لصفقات السلاح الروسية لدول أفريقيا. ولكن تركيا أصبحت الشريك الجذاب لها من خلال أسلحتها الرخيصة الثمن.
وفي النهاية فلا يزال أردوغان يتجنب الاختيار الواضح بين الغرب والكرملين، وهو يبدو غامضا في طرقه أكثر من بوتين، وهو سيد في لعبة الغزل السياسي.
أردوغان يثبت لروسيا والغرب دوره الفريد
وفي تقرير له بصحيفة "
فزغلياد" الروسية، يقول ديمتري بافيرين، إن الصفقات سلطت الأضواء على أردوغان رغم أن المساومات عليها جرت على مرأى ومسمع العالم بأسره.
ورأى التقرير أن هذه الوعود تعد غامضة بمستقبل غير واضح، غير أن أردوغان حصل على العديد من المزايا جراء هذه الصفقات، وهو ما يجهله الكثيرون.
وأوضح الكاتب أن هذه المزايا تتمثل في إمكانية حصول تركيا على مقاتلات إضافية من طراز "إف-16"، بالإضافة إلى قطع غيار وصيانة للمقاتلات الموجودة في خدمة القوات التركية من جانب الولايات المتحدة. وفي حين وعدت الولايات المتحدة في وقت سابق بمعاقبة أنقرة لشرائها نظام الدفاع الجوي الروسي من طراز "أس-400"، فإنها عدلت عن رأيها اليوم.
وذكر الكاتب أن الرئيس الأمريكي جو بايدن كان لديه دافع للاستسلام للمطالب التركية، فقد تمكن من التوصل إلى اتفاق مع أردوغان من قلب جدول أعمال قمة الناتو.
وإبان المستجدات الأخيرة، فإن الكثيرين يروجون لفكرة قرار تركيا التحالف مع الغرب والتخلي عن "العلاقات الخاصة" التي تجمعها مع روسيا.
وبحسب الكاتب، فقد حددت تركيا أولوياتها منذ فترة طويلة، والمتمثلة في التقرب إلى الغرب. وقد كشف دعم تركيا لتتار القرم والموقف الذي اتخذته من الصراع الأرمني الأذربيجاني في القوقاز من أجل توسيع نفوذها والحرب الأهلية في سوريا دور تركيا السلبي والفريد من نوعه بالنسبة للمصالح الروسية؛ حيث يولي أردوغان أهمية كبيرة لتحقيق مصالحه حتى في ظروف الأزمات.
وفي ظل هذه السياسة؛ فإن من المستبعد انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في عهد أردوغان الذي يرفض وجود قيود على سلطته الإدارية وتقاسم السلطات مع بروكسل.
واعتبر الكاتب أن روسيا لا يجب عليها القلق بشأن الانفصال عن الأتراك وعلى الرغم من المسألة المرتبطة بعضوية السويد إلى الناتو وقبول تركيا في الاتحاد الأوروبي وتسليم كتيبة آزوف، فإن طبيعة العلاقات الروسية التركية لن تتغير.
ونظرًا لوجود "المنطقة الرمادية" والقائمة الموسعة للسلع والطبيعة السرية للخدمات، فقد اكتسب السوق التركي أهمية خاصة بالنسبة لموسكو الخاضعة للعقوبات. لذلك فستستمر روسيا في استخدامه، بغض النظر عن قبولها لسياسة أردوغان أم لا.
وفي ختام التقرير نوه الكاتب إلى أن السياسة التي اتبعها الأتراك طوال تاريخهم تقوم على مبدأ الربح وخدمة مصالح البلاد.