برز الرئيس السابق دونالد
ترامب وحاكم ولاية فلوريدا رون
ديسانتيس كمرشحين مفضلين داخل المعسكر الجمهورى للفوز بطاقة ترشيح الحزب لانتخابات الرئاسة 2024. ويزدحم المعسكر الجمهورى بكثير من المرشحين، إلا أن هناك إجماعا تدعمه استطلاعات الرأى المتكررة تشير إلى ثنائية الصراع على بطاقة الحزب بين ترامب وديسانتيس.
تظهر مختلف استطلاعات الرأى حصول ترامب، البالغ 78 من العمر، على ما يقرب من نصف أصوات من ينتمون للحزب الجمهورى فى هذه المرحلة الابتدائية من السباق، فى حين يبلغ متوسط حصة ديسانتيس، البالغ 44 من العمر، ربع الأصوات، ويتوزع الرُبع الأخير بين نائب الرئيس السابق مايك بينس، وحاكمة ولاية كارولينا الجنوبية نيكى هيلى، والسيناتور تيم سكوت، وعدد آخر من المرشحين المغمورين.
وبالفعل بدأت حملات القصف المتبادل بين المرشحيْن الجمهورييْن والمحافظيْن، الذين لا تختلف مواقفهما كثيرا عن بعضهما البعض فى مختلف القضايا التى تهم الناخبة والناخب الجمهوريين. لكن كما عودتنا الحملات الانتخابية الرئاسية السابقة، فهذه الهجمات لا تعد موقفا ثابتا مبدئيا، بل هى تكتيك يتبعه مختلف المرشحين لأهداف خاصة بهم. ففى السباق الرئاسى الديمقراطى لانتخابات 2020، شنت المرشحة كامالا هاريس الكثير من الهجوم العنيف والمباشر على منافسها المرشح جو بايدن، وبعد انتهاء المرحلة التمهيدية من السباق، اختارها بايدن نائبة له. كما يعج تاريخ السباقات الجمهورية بنماذج مشابهة، إذ تنافس فى انتخابات 1980 جورج بوش الأب ضد رونالد ريجان. وبعد فوز ريجان بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى، اختار بوش كنائب للرئيس فى الانتخابات الرئاسية.
منذ إعلانه دخول الانتخابات الرئاسية لعام 2016 والفوز بها، نجح دونالد ترامب فى إحداث ثورة بالمعايير السياسية الأمريكية، كما نجح فى إثارة حماس ملايين المواطنات والمواطنين ودفعهم للمشاركة السياسية بصورة غير مسبوقة. وبعد هزيمته فى انتخابات 2020 وخروجه من البيت الأبيض، لم تتأثر الترامبية، كحركة وظاهرة معقدة، ولا تبدو أنها فى سبيلها للتوارى حتى بعد ملاحقة ترامب القضائية والتى وصلت حتى الآن لاتهامين جنائيين قد يتركانه سجينا. اتهامات من ولاية نيويورك فى قضية مخالفات تمويل انتخابى، واتهامات فيدرالية بخصوص مخالفات تتعلق بوثائق سرية.
من جانب آخر، فلدى ديسانتيس سجل حافل من الإنجازات تثمنها التيارات المحافظة التى تمثل العمود الفقرى للحزب الجمهورى. وخلال الفترة التى قضاها فى منصبه، سن ديسانتيس قوانين محافظة رفيعة المستوى، مثل: تسهيل امتلاك السلاح، وتقييد التعليم الجنسى والهويات الجنسية للأطفال فى المدارس الابتدائية، وتشديد قواعد التصويت، والحد من عمليات الإجهاض، فضلا عن مواجهة الهجرة غير النظامية.
كما أن استعداده لمواجهة الشركات الكبرى، كما حدث مع شركة ديزنى التى يرى أنها تقدم أجندة ليبرالية، يشير إلى أنه يعتقد أن القضايا الثقافية الساخنة تشكل مصدر قلق أكبر للناخبات والناخبين الجمهوريين من السياسات التقليدية المؤيدة للشركات.
فى الوقت الذى يتهم ترامب فيه «تلميذه السابق» بالخيانة بسبب الترشح للرئاسة، يلعب ديسانتيس بورقة أنه يوفر قيادة محافظة أكثر استقرارا وانضباطا من تلك التى أظهرها ترامب.
قبل شهور، وقبل إعلان ديسانتيس ترشحه، قال ترامب إنه بالتأكيد سيعتبر حاكم فلوريدا رون ديسانتيس نائبا محتملا له فى انتخابات 2024، وأضاف أنه يعتبر ديسانتيس صديقا له، وأنه قام بعمل رائع كحاكم لفلوريدا. فى العلن يرفض دى سانتيس فكرة أن يكون نائبا للرئيس ترامب، وقد قال فى لقاء تليفزيونى «أعتقد أننى ربما أكون رجلا تنفيذيا أكثر، أعتقد أنك تريد أن تكون قادرا على فعل الأشياء. هذا جزء من سبب وصولى إلى هذه الوظيفة، لأن لدينا عملا. نحن قادرون على تحقيق الأشياء، وأعتقد أن هذا ربما هو الأنسب لى».
سياسيا لا يغير إعلان ترشح ديسانتيس أو تبادله الهجمات مع ترامب من هذه المعادلة خاصة وأنه لم يعد أمام ترامب إلا فترة حكم واحدة مدتها أربع سنوات حال فوزه بانتخابات 2024. ويتيح منصب نائب الرئيس لديسانتيس الكثير من المزايا، فهو يجعله الزعيم الطبيعى المؤهل لقيادة الحزب فى مرحلة ما بعد ترامب بدءا من عام 2028. ويسمح صغر عمر ديسانتيس (يبلغ 44 عاما) بالصبر السياسى وهو البديل الذى لا يتوافر لترامب البالغ 78 عاما.
وتتيح بطاقة «ترامب ــ ديسانتيس» للناخبة والناخب الجمهورى بجانب الكثير من الناخبات والناخبين المستقلين ما يتطلعون إليه من مرشحين محافظين جذابين لأسباب مختلفة. إذ يوفر ترامب من جهة طمأنة لكبار السن والمتقاعدين الذين يقترب منهم فى السن، كما يوفر ضمانة للتيار اليمينى بالحزب خاصة تجاه سياسات الهجرة والتجارة مع الصين ووضع أمريكا أولا. أما ديسانتيس، وكما الحال مع ترامب، يشكك ويهاجم نخبة واشنطن السياسية، كما يوفر حيوية الشباب خاصة مع التذكير المتكرر بحالة المنافس الديمقراطى جو بايدن الذهنية والعقلية. كذلك ديسانتيس يمثل كابوسا للحزب الديمقراطى، حيث يظهر كرجل محب لعائلته ولديه زوجة جذابة و3 أطفال صغار دون العاشرة من العمر، وهو ما قد يجذب إليه نسبة أكبر من الناخبات والناخبين المستقلين الذين تحسم أصواتهم الولايات المتأرجحة فى نهاية المطاف.
بالنسبة للحزب الديمقراطى، يمثل ترامب مواجهة أسهل من مواجهة ديسانتيس، من هنا سيمثل وجودهما معا كابوسا للبيت الأبيض، خاصة أن وجود ديسانتيس سيتيح له لعب دور أكبر فى سياسة البيت الأبيض ويحد من تهور ترامب.
ولا يمنع دستور الولايات المتحدة المجرمين المدانين من متابعة أو شغل مناصب منتخبة، بما فى ذلك الرئاسة. لكن لا يسمح التعديل 12 فى الدستور الأمريكى بترشح رئيس ونائب رئيس من نفس الولاية. وعليه، إذا اختار ترامب ديسانتيس، وقبل حاكم ولاية فلوريدا هذا العرض، فسيكون لزاما على أحدهما التخلى عن الإقامة القانونية فى ولاية فلوريدا، والبحث عن عنوان وسكن آخر.
(الشروق المصرية)