دخل إنتاج المسلسلات والأفلام في هوليوود مرحلة جمود كليّ
مع بدء الممثلين الأمريكيين إضرابا؛ من شأنه أن يؤدي معطوفا على ذلك الذي يواصله كتّاب
السيناريو منذ أكثر من شهرين، إلى أسوأ شلل في القطاع منذ ما يزيد على 60 عاما.
وأعلنت نقابة الممثلين أن
الإضراب يبدأ منتصف ليل الخميس
بتوقيت لوس أنجلوس، أي في السابعة من صباح الجمعة بتوقيت غرينتش، بعد فشل المفاوضات
مع الاستوديوهات ومنصات البث التدفقي.
وقالت رئيسة النقابة التي تنوب عن 160 ألف ممثل وعامل في
التلفزيون والسينما فران دريشر: "لم يكن لدينا خيار. نحن الضحايا. نحن ضحايا كيان
جشع جدا".
ووصفت النجمة السابقة لمسلسل "ذي ناني" هذا القرار
بأنه "لحظة تاريخية". وأضافت: "إذا لم نقف الآن... فإننا جميعا معرضون
لأن نُستَبدَل بالآلات والشركات الكبيرة، التي تهمها وول ستريت أكثر منك ومن عائلتك".
وبانضمام الممثلين إلى كتّاب السيناريو المُضربين أصلا منذ
مطلع أيار/ مايو، تشهد هوليوود حركة احتجاجية مزدوجة لم يسبق لها مثيل فيها منذ عام
1960.
ويطالب
الممثلون وكتاب السيناريو بتحسين رواتبهم التي باتت
متدنية جدا في عصر البث التدفقي. كذلك يسعون إلى الحصول على ضمانات تحول دون استخدام
برامج
الذكاء الاصطناعي، إن لكتابة نصوص السيناريو للأعمال، أو لاستنساخ أصواتهم وصورهم.
ويشكل إضراب الممثلين ضربة قاصمة للقطاع.
وأعرب تحالف منتجي الأعمال السينمائية والتلفزيونية الذي
تولى تمثيل الاستوديوهات ومنصات البث التدفقي في المفاوضات عن "خيبته الكبيرة"
لفشلها. وانتقد رئيس "ديزني" بوب آيغر عبر محطة "سي إن بي سي"
ما وصفه بمطالب "غير واقعية".
توقُّف الإنتاجات
ومنذ أيار/ مايو، تستند فرق الإنتاج القليلة التي قررت الشروع
في تصوير أعمالها إلى نصوص اكتملت في الربيع، من دون إمكان إجراء أي تعديل عليها، ومن
بينها الجزء الجديد من سلسلة "سيد الخواتم" ("ذي لورد اوف ذي رينغز")
الذي تموّله "أمازون". لكنّ تصوير الأعمال لن يكون ممكنا من دون ممثلين.
ووحدها بعض البرامج الحوارية وبرامج تلفزيون الواقع قد يستمر
بثها.
ويمكن للممثلين وقف عملية الترويج للأفلام المُرتقب إطلاقها
هذا الصيف، ومنها "أوبنهايمر" لكريستوفر نولان. وأشارت مجلة "فرايتي"
إلى أن الممثلين المشاركين في الفيلم غادروا العرض الأول له في لندن الخميس في حركة
تضامنية.
وسيترك غياب الممثلين على السجادة الحمراء فراغا كبيرا.
وقد يُقام "كوميك-كون"، وهو أكبر ملتقى لمحبي شخصيات
الثقافة الشعبية في العالم، في ظل غياب النجوم، اعتبارا من 20 تموز/ يوليو في سان دييغو.
ويهدد الإضراب مصير احتفال توزيع جوائز "إيمي"
التلفزيونية، الذي يُفترض أن يقام في 18 أيلول/ سبتمبر.
ويعتزم القائمون على هذا الحدث أصلا تأجيله إلى تشرين الثاني/
نوفمبر أو حتى إلى العام المقبل، على ما ذكرت وسائل إعلام أمريكية.
فمن غير المعروف إلى متى يستمر الإضراب؛ فالممثلون لم ينفذوا
أي إضراب منذ عام 1980. أما آخر إضراب لكتّاب السيناريو، فيعود إلى 2007-2008 واستمر
مئة يوم، ما تسبّب للقطاع السمعي والبصري في الولايات المتحدة بخسائر وصلت إلى ملياري
دولار.
"أزمة وجودية"
وستكون الحركة الاحتجاجية المزدوجة مؤشرا إلى أنّ هوليوود
تواجه راهنا أزمة وجودية. وفي أواخر حزيران/ يونيو، وقّع مئات الممثلين البارزين بينهم
ميريل ستريب وجنيفر لورنس وبن ستيلر، رسالة تفيد بأنّ القطاع السينمائي يواجه
"نقطة تحوّل غير مسبوقة".
وأدى ظهور منصات البث التدفقي قبل نحو عشر سنوات، إلى تسجيل
انخفاض في الأجور التي يتلقاها الممثلون عن كل إعادة عرض فيلم أو مسلسل لهم.
ومن دون هذا الدخل الأساسي الذي يساعد العاملين في المجال
السينمائي على الاستمرار خلال مرحلة الاستراحة بين عملين، يؤكّد عاملون كثر في السينما
ليسوا من الممثلين أو الكتاب، أنّ مهنتهم غير مستقرة.
ولا يساهم التطور السريع للذكاء الاصطناعي الذي استخدمته
"ديزني" أخيرا في تأليف الشارة الافتتاحية بمسلسل "سيكرت إنفايجن"،
سوى بتعزيز المشكلة.