يستدعي
حديث العلاقة بين
الشريعة الإسلامية ومواد
القانون في الدولة الحديثة أمرين،
أولهما الصراع السياسي وثانيهما النقاش الأكاديمي العلمي. وقد نجحت وسائل الإعلام في
أن تحوّل الحديث عن العلاقة بين الشريعة والقانون إلى مادة دعائية استقطابية تخضع
للتجاذبات السياسية، فيما بقي النقاش الأكاديمي محصورا داخل الدوائر الجامعية
الأكاديمية أو العلمية الشرعية. ومن هنا تنبع أهمية المبادرة الفردية التي أقدم
عليها الباحث الدكتور حازم علي ماهر لتقديم النقاش حول الشريعة والقانون من
النواحي العلمية والشرعية بناء على الآراء الجادة والاجتهاد، بعيدا عن المزايدات
السياسية والاستقطابات الموسمية في مشروعه منصة "حوارات الشريعة
والقانون".
المنصة
هي عبارة عن موقع إلكتروني متخصص يقدم مادة علمية محدّثة بشكل دوري في قالب إعلامي
شيّق، تتناول أحدث الأبحاث التي تناولت الدراسة المقارنة بين الشريعة والقانون
وأطر المرجعية الأخلاقية والشرعية للقوانين الحالية لا سيما المستحدثة منها. ولفت
نظري أنها تقدم معلومات عن أعلام الحركات الوطنية والثقافية في العالم العربي
الذين دافعوا عن تطبيق الشريعة وكان لهم دور رائد في أن تكون مرجعية لقوانين عديد
من الدول العربية، ومن هؤلاء الزعيم الوطني المغربي والمفكر والأديب علال الفاسي، الذي
كان عضوا ومقررا عاما في لجنة مدونة الفقه الإسلامي التي تأسست مع بداية استقلال
المغرب، بالإضافة لعدد من الشخصيات العربية، وهو ما يثبت أن مطلب تطبيق الشريعة
وأن تكون مرجعية للقوانين الدول الحديثة كان أحد مطالب الحركة الوطنية قبل وبعد
الاستقلال.
مطلب تطبيق الشريعة وأن تكون مرجعية للقوانين الدول الحديثة كان أحد مطالب الحركة الوطنية قبل وبعد الاستقلال
كما
تعرض المنصة لأحدث الأخبار المتعلقة بمسألة الشريعة والقوانين الحديثة من ناحية
مشروعات القوانين في الدول العربية، وأحدث الأبحاث والكتب المتعلقة بهذا الشأن.
أهمية
المنصة تنبع من أنها من
المبادرات القليلة التي ترسخ لنوع جديد من الإعلام قائم
على التخصص من جهة، وتلبية احتياجات الجمهور من جهة أخرى. فلا شك أن مسألة تطبيق
الشريعة وعلاقاتها بالدولة الحديثة وقوانينها مناط اهتمام شعبي كبير في العالمين
العربي والإسلامي، وهو اهتمام لا يتم التعبير عنه سوى عبر البوابة السياسية،
وبالتالي فإن التعبير عنه بهذه الطريقة يعزز من جدية النقاش حول هذه القضية ويقدم
مادة معلوماتية دسمة يستطيع أن يستفيد منها الباحثون والشباب وغير المختصين.
مسألة تطبيق الشريعة وعلاقاتها بالدولة الحديثة وقوانينها مناط اهتمام شعبي كبير في العالمين العربي والإسلامي، وهو اهتمام لا يتم التعبير عنه سوى عبر البوابة السياسية، وبالتالي فإن التعبير عنه بهذه الطريقة يعزز من جدية النقاش حول هذه القضية ويقدم مادة معلوماتية دسمة يستطيع أن يستفيد منها الباحثون والشباب وغير المختصين
فمن
غير الواضح لدى كثيرين أن العلاقة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي هي علاقة
ممتدة حتى وقتنا الحالي؛ ممثلة في التدافع بين المطالبين بمرجعية الشريعة في
القوانين الجديدة والمطالبين بالتخلي عنها، كما يحدث حاليا في المغرب في إطار
مطالبات تعديل قانون الأسرة.
إن
معظم الجامعات الكبرى تدعم فكرة حلقات الوصل بين البيئة البحثية الجامعية والمجتمع،
حتى لا تبقى القضايا الشائكة حبيسة جدران الجامعة، ولتقديم وعي جمعي بهذا القضايا
والارتقاء بمستوى النقاش حولها. وكان حريا بالجامعات العربية أن تتصدر لهذه المهمة
خاصة فيما تعلق بقضية حساسة، وهي مسألة العلاقة بين الشريعة الإسلامية والقانون
الوضعي الحالي، ولكن هذا لم يحدث.
الموقع
بسيط في هيئته الفنية عميق في بنيته
الفكرية والمعلومات التي يقدمها، وقد انتفع
صاحب المبادرة من علاقته الشخصية بأعلام القانون مثل الدكتور أحمد كمال أبو المجد
الذي أشرف على رسالته للدكتورة، والمستشار طارق البشري صاحب الفكرة الرئيسية لهذا
المبادرة والتي أخرجها الدكتور حازم علي ماهر في شكل موقع إلكتروني.
وقد
استفدت كثيرا من عروض الكتب التي يقدمها وتبسيط المصطلحات التي يشرحها، بالإضافة
للحوارات المعمقة التي ينشرها لأعلام القانون حول مسائل تطبيق الشريعة. وأتمنى أن
يساهم في توسيع النقاش العام حول تطبيق الشريعة على أسس عملية ومعلوماتية، ويمتد
ذلك لورش عمل وأنشطة متخصصة يشارك فيها متخصصون في مجالات أخرى من أجل إثراء
الحوار.
twitter.com/hanybeshr