تشهد مناطق سيطرة المعارضة السورية في إدلب
والأرياف المتصلة بها تصعيداً متزايداً من جانب سلاح الجو الروسي ومدفعية وصواريخ
النظام السوري.
وفي تطور وُصف
بـ"الخطير" استهدفت طائرات روسية السبت أطراف مدينة إدلب الغربية،
موقعة قتلى وجرحى (رجل وزوجته وابنهما)، والأحد استهدفت قوات النظام ريف إدلب،
بالقذائف المدفعية والصاروخية ما خلف إصابات وأضرارا بالغة.
وبحسب مصادر المعارضة بلغت حصيلة ضحايا قصف
روسيا والنظام السوري 6 في غضون 48 ساعة، وسط تحذيرات من استمرار
التصعيد.
ويربط محللون تحدثوا لـ"عربي21" بين
التصعيد الروسي في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة المدعومة تركيٍّا،
وبين اللقاء المرتقب بين فلاديمير
بوتين والرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، وخاصة أن
المرحلة السابقة شهدت خلافات بين أنقرة وموسكو في أكثر من ملف، منها شحن الحبوب
الأوكرانية عبر البحر الأسود وعلاقة تركيا بأوكرانيا.
وكان أردوغان أعلن اتفاقه مع نظيره الروسي بوتين، على زيارة الأخير لتركيا، بهدف تعزيز التعاون وتقوية العلاقات بين البلدين، وذلك
خلال اتصال هاتفي بينهما، وبينما لم يحدد الرئيس التركي موعد الزيارة بدقة قال: "أعتقد أن الزيارة ستتم خلال آب/ أغسطس الحالي".
التصعيد الاستباقي
وقال الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله
سليمان أوغلو: "عودتنا روسيا على التصعيد قبل أي حدث دولي، وذلك بهدف تذكير
الطرف المقابل بأنها ما زالت متفوقة عسكرياً، وأنها قادرة على حسم الأمور لصالحها
في حال حدوث أي مواجهة".
وأضاف لـ"عربي21" أنه "ربما من
هذا الباب تريد روسيا تذكير تركيا بقوة حضورها العسكري في
سوريا، وقدرتها على خلط
وتغيير الوضع الميداني في سوريا".
وأشار الكاتب إلى التطورات في أوكرانيا وروسيا،
وقال: "في الفترة الأخيرة تكررت الهجمات بـ"المسيرات" في العمق
الروسي، وقد يكون التصعيد في سوريا من جانب روسيا بهدف توجيه الأنظار إلى الملف
السوري".
من جانب آخر، أشار أوغلو إلى الأزمة الاقتصادية
الصعبة التي تسود سوريا، وقال: "قد يكون التصعيد بهدف تصدير الأزمة للخارج،
وتخويف السوريين من خطر الإرهاب".
الصوت الأقوى بسوريا
من جهته، يرى المحلل والخبير العسكري العميد
أحمد رحال، أن "روسيا تريد القول لكل الأطراف الموجودة في سوريا، أي الولايات
المتحدة وتركيا وإيران والنظام السوري، أنها ليست ضعيفة وأن خوضها الحرب في
أوكرانيا لن يشغلها عن مهامها في سوريا".
وفي حديثه لـ"عربي21" يوضح أن روسيا
أجرت مناورات في حماة، وصعّدت في إدلب، وعززت من انتشارها بالتنسيق مع إيران في
شرق سوريا بمواجهة التحركات والتعزيزات العسكرية الأمريكية هناك، ويقول:
"تريد موسكو القول إن صوتها الأقوى في كل سوريا".
وأشار رحال إلى تعرض قاعدة حميميم الروسية في
الساحل السوري ومناطق قريبة إلى هجمات بالمسيرات، وقال: "تزعم روسيا أن قصف
إدلب يأتي ضمن حق الرد".
وكان نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا،
اللواء فاديم كوليت، زعم السبت أن "ما لا يقل عن 200 مسلح من الحزب الإسلامي
التركستاني يجرون تدريباتهم في منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب شمال غرب سوريا".
وأضاف: "في منطقة خفض التصعيد في إدلب،
وبحسب المعلومات الواردة من أجهزة الاستخبارات، تقوم قيادة جماعة جبهة النصرة
الإرهابية بتدريب ما لا يقل عن 200 مسلح من الحزب الإسلامي التركستاني".
وقال رحال: "تبدو روسيا أنها في صدد زيادة
الضغط على زعيم هيئة تحرير الشام أبي محمد الجولاني، وخاصة أن موسكو تريد ضبط محور
إدلب".
لا مبررات عسكرية
أما المحلل العسكري والاستراتيجي العقيد أحمد
حمادة فقال لـ"عربي21": "لا مبرر عسكريا للتصعيد، وهدفه الضغط على
سكان الشمال السوري، وتركيا، قبل القمة التركية-الروسية المرتقبة".
وأوضح أن روسيا دأبت على التصعيد قبل أي اجتماع
بموجب مسار أستانا، وقبل كل لقاء سياسي مع تركيا، للقبول بما ستطرحه، وخاصة أن
روسيا تتهم تركيا بعدم الوفاء بتعهداتها في الشمال السوري، وتختلق الذرائع بشكل
دائم.
وفي السياق، قال فريق الدفاع المدني
إن الهجمات المستمرة لقوات النظام وروسيا تأتي "ضمن منهجية في الإجرام
لأجل قتل الحياة في شمال غرب سوريا، وحرمان المدنيين من الاستقرار وفرض حالة من
الرعب والذعر بينهم، وفرض المزيد من التضييق بمحاربة كل سبل الحياة ومصادر
العيش".