تتواتر التقارير الإسرائيلية حول إنجاز
اتفاق
تطبيع مع
السعودية، فالإدارة الأمريكية من جهتها تسعى لمنع توسع النفوذ
الصيني في المنطقة، بحيث يسجله
بايدن كإنجاز قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في
2024، لكن الطريق نحو التطبيع مليء بالعقبات لأسباب كثيرة أهمها وجود حكومة
بنيامين
نتنياهو اليمينية المتطرفة في السلطة.
صحيفة
يديعوت أحرونوت ذكرت أنه
"قبل أقل من عام أعلن بايدن أنه سيعيد دراسة علاقات بلاده مع السعودية، بل
وحذر من عواقبها في ظل الأزمة التي اندلعت آنذاك إثر قرارها بخفض كمية النفط
المتدفقة للأسواق العالمية، لكن تحولا دراماتيكيا حصل في الأشهر الأخيرة نحو
الأفضل في العلاقات بين واشنطن والرياض، ويبدو أن لتل أبيب دورًا مركزيًا في هذا
التحسن، حيث يزور كبار مسؤولي إدارة بايدن السعودية الآن بشكل متكرر، ويناقشون
معها اتفاقية تطبيع محتملة مع دولة
الاحتلال".
وأضافت في تقرير ترجمته
"عربي21" أن "الأمريكيين يأملون في أن يؤدي اتفاق التطبيع بين الرياض
وتل أبيب إلى تعزيز مصالحهم، مثل حل النزاع حول قضية النفط، وتلقي وعد من الرياض
بأنها لن تعمق بشكل مفرط علاقاتها مع الصين، الخصم الاستراتيجي للولايات المتحدة،
الساعية جاهدة لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، وقد وصل مستشار بايدن للأمن القومي،
جيك سوليفان، إلى السعودية للمرة الثالثة خلال أشهر قليلة لتسريع المفاوضات".
وأشارت إلى أنه "فيما يأمل بايدن في تحقيق إنجاز دبلوماسي مهم عبر اتفاق التطبيع قبيل الانتخابات الرئاسية في 2024،
ورغم أن واشنطن نفت وجود "اتفاق إطاري" مع المملكة، فإن الخطوط العامة
للاتفاقية المحتملة واضحة تمامًا، فالأخيرة تطالب بضمانات أمنية كبيرة من الولايات
المتحدة مقابل التطبيع مع إسرائيل، بجانب بعض المساعدة في البرنامج النووي المدني،
وتقديم تنازلات للفلسطينيين، حيث ادعى نتنياهو أنها مجرد تنازلات رمزية، لكن
الرياض تصرّ على تقديم تنازلات كبيرة في طريق إقامة دولة فلسطينية في المستقبل،
وإن ابن سلمان أبلغ مستشاريه بأن المشكلة تكمن في حكومة نتنياهو اليمينية
المتشددة".
وأوضحت أن "التقديرات السائدة في تل
أبيب أن واشنطن تسعى لحل الخلاف بين الطرفين على النفط، ومنع توسع نفوذ الصين في
المنطقة، ورغم أن بايدن لم يقرر بعد "الثمن" الذي سيدفعه للرياض، فإن
تركيزه الآن على أن الولايات المتحدة يجب أن تظل لاعبا رئيسيا في الشرق الأوسط
بسبب مخاوف عدة، أولها الصين، وثانيها التهديد الإيراني، وثالثها الرغبة في عزل
روسيا بسبب حرب أوكرانيا، حيث بقيت السعودية على الحياد في الصراع بين موسكو
والغرب".
وأشارت إلى أن "إسرائيل تعتقد أن
الصين تعتبر عاملا في المفاوضات بين واشنطن والرياض، فواشنطن ستبذل جهدًا هائلاً،
وهذا مهم بالنسبة لها في المعركة ضد الصينيين من أجل السيطرة على العديد من
المناطق، بما في ذلك الشرق الأوسط، ما يعني أن الأمريكيين لا يقدمون لإسرائيل
معروفاً، بل هي من ستقدم لهم معروفاً إذا توصلت إلى اتفاق مع السعودية، لأنها
ستسعى لتعزيز فرصة أن يصوت الجمهوريون في مجلس الشيوخ لصالح الاتفاق، ولن يتمكن
الديمقراطيون من القيام بذلك دون إسرائيل".
وتؤكد هذه المعطيات أن اتفاق التطبيع
السعودي الإسرائيلي لا يزال أمامه طريق طويل ومليء بالعقبات، بما في ذلك المطالب
السعودية بتقديم تنازلات إسرائيلية تجاه الفلسطينيين، ولكن حتى في أبسط هذه
التنازلات فإن نتنياهو سيجد صعوبة في الموافقة بسبب المعارضة الشديدة لوزير
المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، في حين أن واشنطن
لديها تفاؤل بأن تفاصيل الصفقة يمكن تسويتها في غضون تسعة إلى 12 شهرًا.
على جانب آخر، تحدث خبير إسرائيلي عن
أهمية إنجاز خطوة تطبيع السعودية مع الاحتلال الإسرائيلي لكل من بايدن ونتنياهو.
وقال ألون بن دافيد، في مقال نشرته
صحيفة "
معاريف" العبرية: "في لحظة نادرة من اليقظة فهم بايدن بأنه
يوشك أن يفقد السعودية لصالح الصين، إدارته دخلت في نمط عمل أيام الحرب
الباردة وقررت إبقاء السعودية إلى جانبها مهما يكن".
وأوضح أن إدارة بايدن "مستعدة لأن
تنقل جملة قدرات عسكرية متطورة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بل هي مستعدة
لمنح المملكة أيضا قدرات نووية مستقلة، على ألا تنتقل إلى الجانب الصيني، وعلى
الطريق شخصت أيضا فرصة انتخابية مفادها؛ اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل يثبت
دعم الصوت اليهودي له في انتخابات 2024 الأمريكية".
ورأى أن "الولايات المتحدة تريد أن تستفيد مثل
السعودية تماما، حيث إن ابن سلمان معجب بالتكنولوجيا الإسرائيلية، ويريد التقرب من
القوى العظمى في الشرق الأوسط"، وفق قوله.
وأضاف: "أما القضية الفلسطينية
فلا تهمه كثيرا، لكنه ملزم بترك فتحة لإقامة دولة فلسطينية، أما بالنسبة لبايدن،
فإن حفظ خيار الدولتين هو هدف أساسي له، وهذا سيكون مبرره للاتفاق مع من رأى فيه
قاتلا (في إشارة إلى ابن سلمان) وسيضمن أيضا تأييد الجناح التقدمي في الحزب
الديمقراطي".
ونبه الخبير إلى أن "بايدن ملزم
بأن يوقع هذا الاتفاق قبل الانتخابات المقبلة، وليس واضحا بعد إذا كان سيشترط
الاتفاق أيضا وقف قوانين الانقلاب القضائي، لكن الأمر الواضح، أنه لا توجد له أي
نية لأن يمنح جائزة لنتنياهو إذا ما أصر على مواصلة ضم الضفة الغربية".
وبين أنه "توجد لإسرائيل ملاحظات على
الاتفاق المتبلور، فالمطلب السعودي لشراء عتاد عسكري متطور من الولايات المتحدة
يهدد التفوق النوعي لإسرائيل، وهو ما يستفز جهاز الأمن الإسرائيلي".
صفقة الأحلام
ولفت دافيد، إلى أن "نتنياهو حتى وقت قريب،
أقصى جهاز الأمن والجيش الإسرائيلي عن المناقشات الخاصة ببنود الاتفاق المتبلور،
وأدارها نتنياهو بشكل رئيسي أمام أعضاء لجنة الطاقة الذرية، لكنهما دخلاه الآن ومن
الصعب أن نرى كيف ستنزل في حلقهم مطالب النووي السعودية".
ولفت إلى أن "القلق ليس فقط من القدرات
التي ستكون لدى السعودية بل أن هذا أيضا سيشجع دولا أخرى في المنطقة على تطوير
قدرة نووية مستقلة، علما بأن سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط هو كابوس لإسرائيل".
وذكر الخبير، أن هذا الاتفاق
بـ"النسبة لنتنياهو يبدو صفقة الأحلام؛ اتفاق تاريخي، وضمان المساعدة
العسكرية، واحتفالية للسير في ساحة البيت الأبيض برفقة ولي العهد السعودي، ويمكن أن
يتم استقباله أيضا في الغرفة البيضوية بالبيت الأبيض، وبلا شك فإن نتنياهو يفهم حجم
الفرصة".