استذكرت
صحيفة "
واشنطن بوست" في تقرير للصحفي جوبي واريك، مرور 10 سنوات على "مجزرة
الكيماوي" في غوطة العاصمة السورية
دمشق، والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن
1440 شخصا معظمهم من النساء والأطفال وفق إحصائيات منظمات حقوقية.
وأشار
التقرير إلى أن الهجوم بغاز السارين على المدنيين في
الغوطة الشرقية بتاريخ 21 أب/
أغسطس قد يكون أكثر الفظائع توثيقا من نوعها في التاريخ، لكن مع ذلك بعد مرور عقد
من الزمان، أصبحت هذه الجريمة بدون عقاب حقيقي، كما أن المساءلة عنها ضئيلة إلى حد
لافت للنظر.
ولفت
التقرير إلى أن الكاميرات التقطت آلاف الصور ومقاطع الفيديو التي توثق نتائج الهجوم
مباشرة، كما جمع فريق من الأمم المتحدة عينات بيولوجية وشظايا الصواريخ، ومع ذلك لم
يتم استخدام "جبل من الأدلة" التي تشير إلى النظام السوري في أي محاكمة.
وأضاف:
"لم تقم الأمم المتحدة ولا المحكمة الجنائية الدولية على الإطلاق باتخاذ
إجراءات رسمية ضد حكومة النظام السوري، المتورطة بشكل كبير في هجوم الغوطة، وفقا
لمجموعات مستقلة متعددة قامت بمراجعة الأدلة".
وفي
وقت سابق، حملت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية النظام السوري مسؤولية هجمات أخرى في
سوريا، لكنها لم تبدأ تحقيقا لتقصي الحقائق لمعرفة الجاني في الهجوم الأكثر خطورة
على الإطلاق.
ويلقي
الخبراء اللوم بشكل رئيسي على روسيا، الحليف الأكثر أهمية لسوريا، والتي استخدمت
حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وموقعها المؤثر لدى
الوكالات الدولية لمنع إجراء تحقيقات رسمية في هجوم عام 2013، بنفس الطريقة التي
أحبطت بها التحقيقات الدولية في جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبها الجنود الروس
في أوكرانيا.
ونبه
التقرير إلى أن الولايات المتحدة ودولا غربية أخرى تعرضت لانتقادات شديدة بسبب رد
فعلها المبكر المتخبط على الهجوم وعدم التصرف بشكل حاسم عندما وجدت سوريا طريقة
لمواصلة استخدام الأسلحة الكيميائية من خلال التحول من غازات الأعصاب المحظورة مثل
غاز السارين إلى غازات عادية لا يزال مفعولها مميتا في إشارة إلى استخدام غاز
الكلور.
ورأى
التقرير أن قسما كبيرا من العالم قد تجاوز ببساطة تلك الأحداث، حيث صوتت أكثر من
عشرين دولة عربية في أيار/ مايو لصالح تطبيع العلاقات مع سوريا بعد مقاطعة دامت
سنوات.
وبحسب
الصحيفة فإن تاريخ الهجوم الكيماوي في الغوطة الشرقية أصبح رمزا قويا يشمل مئات
جرائم الحرب المزعومة في الصراع الذي أودى بحياة ما لا يقل عن نصف مليون شخص. كما
أنها أصبحت تمثل أفضل أمل للمعارضة السورية في نهاية المطاف لمحاكمة الأسد وكبار
جنرالاته بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وتقوم
شبكة من المحامين والناشطين باستكشاف نظريات قانونية جديدة يمكن أن تسمح لأول
محاكمة جنائية دولية لحكومة الأسد بالمضي قدما في الأشهر المقبلة.
ويبدو
أن مجموعة واسعة من الحكومات تدعم فكرة إجراء محاكمة متعددة البلدان تركز على
الهجوم الكيميائي، وهو أوضح وربما أخطر انتهاك للقانون الدولي في الحرب السورية
المستمرة منذ 12 عاما، وفقا لمحامين يمثلون الناجين السوريين.
ويقر
مؤيدو الخطة بأنه من غير المرجح أن يرى الناجون من الغوطة رئيسهم السابق في قفص
الاتهام في المستقبل القريب. لكن حتى المحاكمة الغيابية ستبعث برسالة مهمة إلى
السوريين وبقية العالم، حسبما قال ستيفن راب، سفير وزارة الخارجية المتجول لقضايا
جرائم الحرب وقت الهجوم.
وقال
راب، الذي يقدم الآن المشورة للناجين بشأن استراتيجيتهم القانونية: "أراد
الأسد أن يجعل الغوطة غير صالحة للعيش بالنسبة للسكان المدنيين، واستخدم غاز
السارين لقتل ما لا يقل عن 1400 رجل وامرأة وطفل بريء. لقد كان هذا انتهاكا لقاعدة
معترف بها عالميا على مدار العقود العشرة الماضية - وجريمة لا يمكن تبريرها
أبدا".