كشف
البرلمان اليمني، السبت، عن اختلالات ومخالفات عبث هائل في أداء الحكومة المعترف بها، في مختلف القطاعات، مطالبا الحكومة بإلغاء
اتفاقية بيع "عدن نت" لشركة إماراتية لمخالفتها للدستور.
وقال البرلمان في مذكرة بعثتها هيئة رئاسته لرئيس الوزراء، معين عبدالملك، السبت اطلعت "عربي21" عليها، إنه قد هالها حجم الاختلالات والمخالفات والعبث الذي اتسم به أداء الأجهزة والجهات ذات العلاقة في مختلف القطاعات، وما تسبب به من آثار خطيرة على حياة الناس والمال العام ومختلف الأنشطة والخدمات العامة ذات العلاقة، وهو أمر غير معهود في أداء الحكومات المتعاقبة.
وأضاف أن إبرام عقد الشراكة مع شركة NX
الإماراتية في مجال
الاتصالات تضمن مخالفة جسيمة وخرق للدستور، وبالعمل خارج أحكامه وبالذات أحكام المواد (13-18) من الدستور، وكذا مخالفة أحكام القانون رقم (23) لسنة 2007م بشأن المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية، والقانون رقم (17) لسنة 2010م بشأن ضريبة الدخل، والقانون رقم (38) لسنة 1991م بشأن الاتصالات السلكية واللاسلكية، والقانون رقم (22) لسنة 2002م بشأن الاستثمار، والقانون رقم (8) لسنة 1990م بشأن القانون المالي، بحسب ما تضمنه تقرير لجنة تقصي حقائق شكلها البرلمان.
وأشارت هيئة رئاسة البرلمان إلى أن العديد من النواب قد وجهوا رسالة لرئيس وأعضاء مجلس القيادة بتاريخ 18/7/2023م، وأخرى يوم الأحد 20/ 8/2023م، لرئيس الحكومة فيما يخص موضوع الاتصالات مع شركة (NX)، كلها تدعو إلى إيقاف التصرف الخاطئ في موضوع الاتصالات "لما يشكل من أضرار ويهدر من أموال وممتلكات عامة".
وتابعت: "وفيما كان الجميع ينتظر الاستجابة حرصاً على المصلحة الوطنية التي يعتبر الجميع شركاء بالحفاظ عليها ومسؤولين على صيانتها، نسمع بكل أسف أن مجلس الوزراء أقر الاتفاقية في اجتماعه الأخير، الأسبوع الماضي".
وقالت إن إقرار اتفاقية (الاتصالات) آنفة الذكر من قبل مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي، يعد "سابقة خطيرة لم يسبق لأي حكومة من قبل أن اقترفتها على الإطلاق".
وأكملت: "إنه لمحزن ومخجل أن يصادق الوزراء على اتفاق لم يوزع عليهم نسخًا منه بحجة أن الاتفاقية سرية ويخشى تسريبها".
كما أتهم البرلمان رئيس الحكومة والجهات ذات العلاقة بمنع تسليم وثائق اتفاقية بيع شركة "عدن نت" الحكومية لشركة NX الإماراتية للجنة تقصي الحقائق المشكلة من البرلمان، إضافة إلى عدم نشرها عبر وسائل الإعلام كما هو متبع بالاتفاقيات، وهو "ما يدل دلالة قاطعة على أن ما أثير حولها من أنها تشكل فسادا ونهبا للمال العام وانتهاكا للسيادة أمر صحيح".
واعتبرت مذكرة رئاسة مجلس النواب اليمني إلى رئيس الوزراء معين عبدالملك أن الاتفاق مع الشركة الإماراتية بجميع مضامينه يوفر الاستيلاء على ممتلكات الدولة وحقوقها، ويجردها من ملكيتها وحقوقها السيادية والقانونية والمالية كـ"عدن نت" والبنى التحتية والموارد الضريبية والجمركية وحقوق الترخيص والترددات و"تيليمن" -شركة حكومية للاتصالات- والبوابة الدولية التي هي حق سيادي وبوابة لكامل الوطن وتخدم جميع الشركات، مؤكدة أن اعتبار امتلاك أي طرف من ذوي المصلحة لها أو تشغيلها مخالف وتضارب في المصالح وانتهاك للسيادة.
وبحسب المذكرة، فإن الاتفاقية تضمنت إعفاءات ضريبية لا تجوز إلا بقانون وتسليمًا للمنشآت والمرافق العامة بالمخالفة لنص المادة (18) من الدستور.
ولفت مجلس النواب في رسالته لرئيس الحكومة إلى أن الاتفاق مع شركة الاتصالات الإماراتية "نص على الحصرية لهذه الشركة"، وذلك أمر لا يتفق مع كل القوانين والمرجعيات، ولا يتسم بأي موضوعية لأن عمل الاتصالات ليس حصرياً ولا لسنوات طوال.
وقال: "كما أن المعلومات تفيد بألا مرجعية للاتفاقية، لا في القوانين اليمنية النافذة كقانون الاتصالات وقانون الاستثمار والقانون المالي وقانون ضرائب الدخل والقانون الخاص بعقود الامتيازات بالمرافق العامة، ولا تتفق مع المواد الدستورية والقانونية الموضحة أعلاه.. وتخالفها صراحة، وتجعل الموافقة عليها عديمة الجدوى وكأنها لم تكن".
وخلص البرلمان إلى أن الاتفاقية تؤكد قيام الحكومة بخرق الدستور، والاستهتار بالقوانين، وممارسة المخالفات علنا والإضرار بالمصالح الوطنية، وإهدار المال العام، والاستهتار بالحقوق الدستورية للسلطة التشريعية واللجنة العليا للمناقصات والمزايدات، المغيبة عمدا بالمخالفة لقانون إنشائها، وهو ما يعد جريمة تحاسب عليها الحكومة".
وحذر البرلمان الحكومة من التفريط بالسيادة فيما يخص اتفاقية الاتصالات الحالية مع شركة NX الإماراتية، داعيا في الوقت ذاته إلى الالتزام بعدم التفريط بـ"الموارد المالية وقيمة الترخيص وكيفية احتسابه وممتلكات عدن نت وتيليمن احتسابا صحيحا وفقا للمعايير الدولية، وكذا كافة البنية والتسهيلات التي سيتم استخدامها وكافة الحقوق العائدة للدولة، وفقاً لقانون الاتصالات والقانون المالي وقانون الضرائب".
كما طالب بمحاسبة الوزراء الذين يذهبون إلى مقرات الشركات وبلدانها بطريقة غير لائقة، ولا يتفق مع أداء الحكومات ولا مع مكانة الجمهورية اليمنية، التي يفترض أن تأتي الشركات إلى مقرها الرسمي لا أن يذهب بعض الوزراء، ومن بينهم وزير الشؤون القانونية ووزير النفط ووزير النقل إلى أبواب تلك الشركات ومقراتها، وهو أمر لا يتفق مع روح المسؤولية ومكانة الدولة.
وشدد البرلمان اليمني على "عدم قيام الحكومة بالسير في الاتفاقية مع الشركة الإماراتية، وإلغاء أي إجراءات تمت في هذا الشأن، وإعادة النظر فيها بما يحفظ حق الدولة وممتلكاتها وسيادتها".
وكان برلمانيون يمنيون طالبوا في الأيام القليلة الماضية، الحكومة بـ"إلغاء الاتفاقية المبرمة بين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات التابعة للحكومة وشركة NX الإماراتية" التي تتضمن "استحواذ الأخيرة على شركة عدن نت الحكومية التي تم إطلاقها عام 2017 بشكل حصري".