ما زال إعلان لقاء وزير خارجية
الاحتلال إيلي
كوهين بنظيرته الليبية نجلاء
المنقوش، يترك تبعاته على الساحة السياسية في دولة الاحتلال، وسط تباين بالمواقف وحالة من الغضب بسبب التبعات السلبية لذلك.
وبدأ كبار المسؤولين الحكوميين، خاصة في صفوف حزب الليكود، بمهاجمة إيلي كوهين، واتهموه بأنه "هاو سياسي"، لأنه تسبب بأضرار سياسية جسيمة للاحتلال، وسيثني القادة في العالم العربي عن الاقتراب منه، الأمر الذي يتجاوز الضرر الشخصي الهائل الذي تسبب فيه.
وقال إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة "
يديعوت أحرونوت"، إن الوزراء أبدوا استهجانهم لأن كوهين لم يعرف كيف يبقي الاجتماعات سرية، مشيرا إلى أن الاتصالات مع الدول التي لا توجد علاقات معها تبقى سرية، كي تنضج لعلاقات دبلوماسية أكثر في المستقبل.
وأضاف أن كوهين الذي أراد إدخال المزيد من الدول لدائرة
التطبيع أطلق النار على قدمه، وقد تطلب الأمر من وزارة الخارجية ألا تنشر إعلانا رسميا عن هذا الاجتماع بل كان من الصواب إبقاء الأمر سريا، أو على الأكثر "تسريبا" وليس كشفا رسميا.
وتابع بأن ما جرى هو ثمن المنافسة بين الوزراء، وخاصة من الليكود، الذين يسعى كل منهم للحصول على عنوان أكبر للإنجازات السياسية.
زعيم المعارضة يائير لابيد استغل هذه الأزمة للهجوم على كوهين، بالقول إنه حين كان رئيسًا للوزراء ووزيرًا للخارجية، عقد اجتماعات ومحادثات لم يعلم بها أحد على الإطلاق، بالزعم أن إدارة السياسة الخارجية لـ"إسرائيل" معقدة ومتفجّرة في بعض الأحيان، وتحتاج لإدارة بعناية وحكمة.
واللقاءات السرية التي لم تتسرب أبدا، أسفرت عنها علاقات تحولت على مر السنين إلى اتفاقيات تاريخية مع دول المنطقة، لكن هذا لن يحدث الآن، بل سينجم عنه فقدان للثقة بـ"إسرائيل"، بعد نشر هذا التسريب "غير المسؤول"، بحسب ما نقلته الصحيفة.
بيني غانتس رئيس المعسكر الوطني المعارض، اعتبر "الفضيحة" بأنها "مسألة حساسة وخطيرة"، لأن الأمر يتعلق بالعلاقات مع الدول العربية التي لا تربطها علاقات رسمية مع تل أبيب، واصفا حكومة نتنياهو بـ"المهملة والفاشلة، ويجب أن تنتهي أيامها".
باراك رافيد المراسل السياسي لموقع "
ويللا"، نقل ردّ الوزير كوهين على هذه الضجة، ملقيا باللوم على منافسيه السياسيين، زاعما أنه "من المؤسف أن يتسرع المعارضون السياسيون بالرد دون معرفة التفاصيل، وإلقاء اللوم على تسرب غير موجود".
وأوضح رافيد، أن المحيطين بكوهين كشفوا أنه عندما تم اللقاء مع الوزيرة الليبية، كان التفاهم بينهما أنه سيتم الإعلان عنه في وقت ما، فيما زعم مسؤولون أمريكيون كبار أنه بعد إعلان كوهين، أصيب الليبيون بالرعب، وزعموا أنهم لم يكونوا ينوون نشر الاجتماع، واتصلوا بكوهين ومسؤولين كبار آخرين بوزارة الخارجية، احتجاجا على ما حصل.
الكاتب الإسرائيلي أرائيل كهانا، في مقال على صحيفة "
إسرائيل اليوم"، رأى أن اللقاء الذي جرى في روما، يشير إلى أن الجناحين المسيطرين في
ليبيا (الغرب والشرق) يريدان العلاقة مع "إسرائيل".
ورأى أن "كوهين ووزارة الخارجية لم يخرقا أي اتفاق مع الليبيين، فقد تقرر معهم مسبقا بأن ينشر أمر انعقاد اللقاء، والفجوة الوحيدة هي تبكير لبضع ساعات بعد أن تسربت القصة، فضلا عن ذلك، تم كل شيء حسب الكتاب والقواعد المهنية، وبمراعاة الأبعاد التاريخية للقاء، فإن بضع ساعات هي مسألة هامشية"، بحسب تقديره.
ونوه الكاتب إلى أن "ليبيا تحت حكم القذافي، كانت بين ألد الأعداء لإسرائيل، وحتى بدون تطوير النووي الذي عمل عليه، استضافت بلاده ودربت مسلحي منظمة التحرير الفلسطينية، والقذافي نفسه عمل حتى يومه الأخير على منع قبول إسرائيل لدى دول أفريقيا".
وشدد على أهمية موقع ليبيا الجغرافي، فهو "عظيم الأهمية وحجمها هائل، وها هي، دول كبيرة أخرى، كانت رمزا للعداء العربي الخالد لإسرائيل، تريد بفصيليها العلاقة مع إسرائيل، كل من يتدفق فيه قليل من الوطنية الإسرائيلية عليه أن ينفعل بهذا التطور، لبنة أخرى في سور النزاع الإسرائيلي العربي تسقط".
وامتدح الكاتب، الوزير كوهين في ظل الهجوم عليه، مشيرا إلى أنه "رجل العمل الصعب، وحدد هدفا واضحا لكبار مسؤولي وزارة الخارجية لدى تسلمه المنصب وطلب تطورات خارقة للطريق".
وتابع بأنه "هكذا تحقق اتفاق تطبيع مع السودان، وكذلك رحلات جوية إسرائيلية تجتاز سماء عُمان وتصل بسرعة أكبر إلى الشرق، والآن علاقة رسمية وعلنية مع ليبيا، من كان يصدق هذا؟".
ورأى أن وزارة الخارجية برئاسة كوهين، سجلت إنجازا تاريخيا، مضيفا: "كل الخطوات كانت منسقة مع الليبيين، بما في ذلك نشر اللقاء، ليبيا لن تعود لتكون لما كانت عليه في كل ما يتعلق بإسرائيل، وعليه، فبدلا من الشتم، تجدر التهنئة"، وفق زعمه.