سلطت الاشتباكات
العنيفة التي شهدتها تل أبيب بين مؤيدي ومعارضي النظام في أريتريا، وبين شرطة
الاحتلال، الضوء على علاقة دولة الاحتلال الدبلوماسية والأمنية مع أريتريا، رغم
أنه على المستوى الدبلوماسي حافظ الاحتلال على علاقات مفتوحة مع أريتريا لمدة
ثلاثة عقود.
أمير تيفون المراسل
الأمني لصحيفة هآرتس، كشف أن "أريتريا لديها سفارة في دولة الاحتلال، دون
وجود سفير دائم فيها، بل هو معين بشكل مؤقت، وفريق صغير بجانبه، وفي الوقت نفسه، لم
يكن لدى السفارة الإسرائيلية في أريتريا موظفون على الإطلاق منذ عدة سنوات، رغم
محافظتهما على علاقات دبلوماسية منذ التسعينيات، ورغم أن الدكتاتور آسياس أفورقي
جعلها واحدة من أكثر الدول انغلاقًا وشمولية في العالم، فقد استمرت إسرائيل طوال
فترة حكمه بالحفاظ على العلاقات معها على المستويين الدبلوماسي والأمني".
وأضاف في تقرير ترجمته
"عربي21" أنه "في الوقت نفسه، وصل إلى إسرائيل آلاف الأريتريين الذين
فروا من بلادهم للهروب من التجنيد القسري في جيش النظام، وفي 2019 رفضت المحكمة
العليا الإسرائيلية عريضة تطالب دولة الاحتلال بكشف وثيقة لوزارة الخارجية تتناول
حالة حقوق الإنسان في أريتريا.
وكان يمكن أن تكون الوثيقة ذات صلة بالنقاش حول وضع
اللاجئين الأريتريين في إسرائيل، لكن القضاة اقتنعوا بقرار الدولة، وقدّم هذا
القرار من القضاة إشارة نادرة للعلاقة بين إسرائيل والنظام القاتل في أريتريا، لا
يعرفها معظم الإسرائيليين".
وذكر أنه "في
الماضي، نُشرت مقالات وتحقيقات حول العالم أشارت لوجود قاعدة إسرائيلية على أراضي
أريتريا تتعلق بنشاط البحرية الإسرائيلية في مياهها الإقليمية في البحر الأحمر؛
ومنصات التنصت التي تقدم معلومات استخباراتية لإسرائيل عن دول المنطقة، دون أن
يؤكد أي مصدر رسمي إسرائيلي هذه المنشورات، فيما هدد الحوثيون المؤيدون لإيران في
اليمن في 2017 بمهاجمة القواعد السرية التي يفترض أن إسرائيل تديرها في أريتريا
بالصواريخ".
وأشار إلى أن
"إسرائيل دعمت في الماضي إثيوبيا فعليا عندما حاربت ضد استقلال أريتريا، لكن
هذا التاريخ لم يضر بالتعاون معها بعد قيام الدولة، ووصف تقرير لوزارة الخارجية
الأمريكية واقعا صعبا فيها، بما في ذلك اختفاء المدنيين والتعذيب والعقوبات
القاسية بشكل خاص من قبل النظام تجاه معارضيه، أما النظام القضائي فليس مستقلاً،
بل إنه تابع مباشرة لأفورقي، ويستخدم جيشها الأطفال كجنود، وفرض الاتحاد الأوروبي
عقوبات عليها في 2021 بعد انتهاكه المستمر لحقوق الإنسان".
وأوضح أن
"أريتريا ودولة الاحتلال أقامتا العلاقات الدبلوماسية في مايو 1993، وتمتاز
بالتعقيد بسبب علاقة الاحتلال بإثيوبيا خلال حرب الاستقلال الأريترية، لأن إثيوبيا
طرف في الصراع العربي-الإسرائيلي الأوسع، وامتداد له، فيما أيدت معظم الدول
العربية انفصال أريتريا عن إثيوبيا".
واعتبرت أن عدد السكان المسلمين الكبير إلى حد
ما بنسبة 36 بالمئة هو وسيلة لضمان بقاء البحر الأحمر تحت سيطرتها، ولهذا السبب عقدت
إسرائيل تحالفا مع إثيوبيا للاستفادة من الشريط الساحلي الطويل لأريتريا الممتد
على مسافة 1080 كيلومترا.
وقد رأت إسرائيل أن
القوات المتمردة في أريتريا امتداد للعالم العربي كونها مدعومة منها، وخشيت أن
تقوم بعد استقلالها بمنع السفن الإسرائيلية من المرور عبر البحر الأحمر، وزادت
المساعدات الإسرائيلية للحكومة الإثيوبية، ودربت قواتها، وقد وصل وفد عسكري
إسرائيلي من 100 رجل إلى إثيوبيا. وبحلول 1967، سيطر الجنود الإثيوبيون الذين دربهم
مستشارون إسرائيليون على جزء كبير من أريتريا.
لقد وصلت علاقة أريتريا والاحتلال إلى مستويات متقدمة بإقامتهما علاقات أمنية، وإقامة قواعد
عسكرية للاحتلال في أريتريا، تشمل محطة تنصت على جبل أمبا سوارا ومراسي في جزر دالاك في البحر
الأحمر، رغم أن مجلس الأمن الدولي فرض حظرا على الأسلحة وعقوبات أخرى على أريتريا،
وفي يونيو 2016، انتهت إسرائيل من بناء محطة تنصت على جبل أمبا سافارا، لأغراض
مراقبة النشاط البحري والجوي في البحر الأحمر، خاصة للإيرانيين، فضلا عن استخدام
الأقمار الصناعية.
في تموز/ يوليو 2020،
تم تعيين إسماعيل الخالدي سفيرًا لإسرائيل في أريتريا، ليصبح أول سفير بدوي يخدم الاحتلال،
مع أن أريتريا تضم جالية يهودية، معظمها في العاصمة أسمرة. وبين 2006 و2012،
تسلل 35 ألف منهم إلى إسرائيل عبر السودان ومصر، ومع الانتهاء من بناء السياج على
حدود مصر أواخر 2012 توقفت هذه الظاهرة بشكل شبه كامل.