سلطت صحيفة "هآرتس" العبرية، الضوء على اللقاء المغلق الذي عقدته
السعودية في نيويورك، بمشاركة عشرات الدول العربية والأوروبية، من أجل الدفع قدما بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية، والذي يأتي بالتزامن مع المحادثات الجارية للتطبيع مع
الاحتلال.
وأوضحت هآرتس في
تقرير أعده مراسلها للشؤون الأمنية، أمير تيفون، أن "وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، قاد الاثنين لقاء مغلقا في نيويورك بمشاركة ممثلين عن ثلاثين دولة، معظمهم وزراء خارجية، للدفع قدما بحل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
جهود سعودية
وأشارت إلى أن "اللقاء هو مبادرة مشتركة بين السعودية والأردن ومصر والإمارات، تهدف للدفع قدما بحل الدولتين بمساعدة خطوات في المجال الأمني والسياسي والاقتصادي والثقافين علما بأنه لم تتم دعوة الفلسطينيين ولا الإسرائيليين، لأن هدف اللقاء هو بلورة اقتراحات، ستقدم فيما بعد للطرفين، حيث أكد ابن فرحان أنه لن يكون حل للنزاع دون إقامة الدولة الفلسطينية".
ولفتت الصحيفة إلى أن "هذا اللقاء المغلق عقد استمرارا لاجتماع استضافته السعودية السنة الماضية، على هامش الجمعية العمومية بمناسبة مرور 20 عاما على مبادرة السلام العربية، التي في إطارها طرحت السعودية،
التطبيع مع إسرائيل مقابل إقامة الدولة الفلسطينية، وارتكز اللقاء أيضا على دعم جميع الدول المشاركة في هذه المبادرة".
وزعمت "هآرتس" أنها حصلت على نسخة من وثيقة تحضيرية للقاء، "تناولت بشكل موسع أهمية الحفاظ على
حل الدولتين على أساس المبادرة العربية، واتخاذ خطوات عملية يمكن أن تساعد تل أبيب والسلطة الفلسطينية على التقدم في هذا الاتجاه، وأغلق اللقاء أمام وسائل الإعلام".
وبدأ اللقاء بكلمة افتتاحية لوزير الخارجية السعودي والمسؤول عن العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، بعد ذلك تحدث وزراء خارجية مصر والأردن، وأيضا وزراء خارجية دول رئيسية في أوروبا منها فرنسا، ألمانيا، إسبانيا، هولندا، الدانمارك، السويد والنرويج.. أما الولايات المتحدة فقد شاركت في اللقاء بإرسال أندرو ميلر، المسؤول عن الملف الإسرائيلي-الفلسطيني في وزارة الخارجية، والصين أرسلت سفيرها في الأمم المتحدة، وقد شاركت قطر والجزائر والكويت والبحرين في اللقاء".
ورأت الصحيفة أن "قرار السعودية قيادة اللقاء؛ إشارة حول موقفها من القضية الفلسطينية، وذلك على خلفية الاتصالات التي استمرت في الأشهر الاخيرة بين السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل حول التطبيع".
وبينت أن هناك "خلافات بين تل أبيب وواشنطن حول الجزء الفلسطيني في هذا الاتفاق، وتطرحان ادعاءات متناقضة حول موقف السعودية من القضية الفلسطينية. وفي الولايات المتحدة، زعموا أن السعودية يمكنها التقدم نحو الاتفاق مع إسرائيل فقط إذا شمل إنجازات مهمة للفلسطينيين".
مخاوف أمريكية
وفي الأسبوع الماضي، ذكر وزير الخارجية الأمريكي، أن السعودية اوضحت للولايات المتحدة، أنها لن تتقدم نحو التطبيع إذا لم يتضمن مكون فلسطيني.
في المقابل، عبر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين
نتنياهو، ومعه وزراء كبار في حكومته، "بشكل علني، عن الاستخفاف بالمكون الفلسطيني في هذه اللقاءات، حيث ذكر نتنياهو قبل شهر ونصف، بأن كل المطلوب في الشأن الفلسطيني هو ’التلويح بإشارة "في"‘ من أجل القول إنني فعلت ذلك".
من جهته أوضح وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين، أن "الموضوع الفلسطيني لن يكون عائقا أمام الاتفاق مع السعودية"، فيما قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يتولى أيضا منصب وزير في وزارة الأمن والمسؤول عن المستوطنات، إنه "لن تكون أي تنازلات للفلسطينيين مقابل التطبيع بين إسرائيل والسعودية".
بدوره يتوقع الرئيس الأمريكي جو بايدن، بحسب الصحيفة، أن "يطرح الجزء الفلسطيني من الاتصالات مع السعودية عندما سيلتقي مع نتنياهو هذا الأسبوع على هامش اجتماعات الجمعية العمومية في الأمم المتحدة".
وبحسب مصادر في الإدارة الأمريكية، فإن "بايدن ينوي سؤال نتنياهو مباشرة عن ما إذا كانت حكومته بالتشكيلة الحالية (اليمينية) قادرة على تقديم بوادر حسن نية للفلسطينيين مقابل التطبيع مع السعودية".
ونبهت "هآرتس"، إلى "خشية الإدارة الأمريكية، من أن يتسبب الموقف المتصلب لوزراء اليمين المتطرف في الحكومة بتخريب الاتصالات مع السعودية".
وقال الخبير في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، نمرود غورن، للصحيفة، إن "لقاء وزراء الخارجية يثبت أن السعودية، رغم الشكوك التي طرحت مؤخرا، ما زالت تعطي أهمية لحل الدولتين، وهي مستعدة للعب دور في التوصل إليه، وإن التزام الاتحاد الأوروبي سينعكس بالأساس في طرح رزمة محفزات دولية للدفع قدما بالسلام، وهذه الفكرة طرحت في السابق، لكنها لم تحصل على دعم دولي كاف".