كشفت
أوساط إسرائيلية عن عقد اجتماع بين أعضاء الحركة الفدرالية الإسرائيلية، التي تسعى لتوحيد
دولة الاحتلال والأراضي
الفلسطينية المحتلة في دولة فدرالية واحدة، حيث يدعم نشطاء
السلام من الجانبين حلّ "
الدولة الواحدة"، ويتعاملون مع الفكرة بشكل إيجابي،
على أمل أن تؤدي الأزمة الداخلية في "إسرائيل" لتعزيزها.
تاني
غولدشتاين، مراسل موقع "
زمن إسرائيل"، حضر الاجتماع الذي عقد في قاعة للمحاضرات
على أطراف مدينة بيت لحم، وجمع إيمانويل شاف مؤسس الحركة الفدرالية، وهو المسؤول
السابق في جهاز الموساد، وماريو شيختمان رئيس المنتدى الفدرالي، وهما منظمتان
تدافعان عن تحويل "إسرائيل" لدولة فدرالية واحدة، مع مجموعة صغيرة من
فلسطينيي المنطقة، وبعد حديث الضيوف عن غياب كلمة "السلام" تقريباً من
الخطاب الإسرائيلي، فقد أبدى الحاضرون من الجانبين دعمهم لـ"حل الدولة
الواحدة" للقضية الفلسطينية، دون أن يكشف الفلسطينيون أسماءهم الحقيقية،
ورفضهم نشر مكان الاجتماع بالضبط، وعدد المشاركين فيه.
وأضاف
غولدشتاين في تقرير ترجمته "عربي21" أن
"حيثيات النقاش في الاجتماع ذكرت أن دولة الاحتلال ستفرض سيطرتها على الأراضي
الواقعة بين البحر والنهر، بما فيها الضفة، دون غزة، كدولة فدرالية واحدة متساوية
وحديثة لجميع سكانها حقوق متساوية يضمنها الدستور الاتحادي، وبمقدور سكانها اليهود
والفلسطينيون ممارسة حقوقهم الدينية والثقافية، ويمكن تقسيمها لـ30 كانتونًا، وتعكس
الحكومة الإقليمية في الكانتون الواحد السكان المحليين الذين ينتخبونها، أما القضايا
الخارجية والأمنية فسيتم إدارتها من قبل الحكومة المركزية في تل أبيب، وأن تبقى
المستوطنات في مكانها، وبالتالي فإن ضم أراضي الضفة لإسرائيل يقع في قلب
الخطة".
نسرين
فرحان، فلسطينية ناشطة بمنظمة "محاربون من أجل السلام" شاركت في اللقاء،
ذكرت أن "هذا الحلّ يوفر للجانبين مصالحهما: الفلسطينيون يريدون إنهاء كابوس
الاحتلال، والإسرائيليون يريدون الهدوء الأمني، وبعد فشل
حل الدولتين، فلدينا
مصلحة في دولة واحدة مع زيادة لافتة في دعمها وفقاً لدراسة أجراها معهد الدراسات
السياسية والمسحية برام الله "PCPSR" في حزيران/
يونيو 2023، أيّد فيه 26% من الفلسطينيين هذا الحلّ، فيما نشهد انخفاضا مستمرا في دعم
حل الدولتين، رغم استمرار دعم السلطة الفلسطينية له".
وأوضح
الموقع أن "الاجتماع شهد من الفلسطينيين طرح أسئلة عديدة من قبيل: "ألن
يكون هناك جدار فاصل، هل يمكنني الذهاب إلى تل أبيب والانتقال إلى حيفا، هل يعني
حل الدولة الواحدة أن يتخلى الفلسطينيون عن حقوقهم الوطنية مقابل حقوقهم الشخصية،
لماذا يجب أن تسمى الدولة الواحدة "إسرائيل"؟ لماذا لا نسميها
"إسرائيل وفلسطين"، وأن يكون لكل مقيم جوازي سفر، أحدهما إسرائيلي
والآخر فلسطيني؟".
وأشار
أن "إحدى المشاكل المتعلقة برؤية الدولة الواحدة أنها تهدد السلطة
الفلسطينية، مع أنها ستكون قادرة على الانضمام للاتحاد، وتصبح كانتونًا، أو عدة
كانتونات، لكنه ليس اقتراحًا جذابًا لمن يتمتعون اليوم بسيطرة مركزية غير مقيدة في
الجيوب الخاضعة للسيطرة الفدرالية، وهو ما اتضح خلال لقاء رئيسا الحركة الاتحادية في
2019 في رام الله مع محمد المدني رئيس اللجنة الفلسطينية للتفاعل مع المجتمع
الإسرائيلي، بحضور عضو الكنيست السابق طلب الصانع، الذي أبدى تأييده للفكرة، وأشار
لشعبيتها بين فلسطينيي48".
وكشف أن "الاجتماع الحالي هو الأول لحركة
الاتحاد الفدرالية في الأراضي الفلسطينية، بمبادرة من خالد (اسم مستعار) أكاديمي
فلسطيني معروف، التقى مع اثنين آخرين من نشطاء السلام، ووجدوا اهتمامًا كبيرًا
بأفكاره، لكن خالد ليس على استعداد لكشف أمره خشية المضايقات من السلطة الفلسطينية،
مع أنها تشجع مثل هذه اللقاءات مع الإسرائيليين شريطة أن تتم بشروطها".
يتزامن
انعقاد هذا الاجتماع النادر مع تزايد التحذيرات الإسرائيلية من تعزز فكرة الدولة
الواحدة التي باتت تتحول تدريجياً إلى حقيقة، مما ينسف المشروع الصهيوني الساعي للدولة
اليهودية "النقية عرقيّاً"، وهو ما أكده الكاتب في صحيفة "معاريف"،
غيرالد شتاينبيرغ، ذكر فيه أن "الإسرائيليين باتوا يخشون سيناريو
"الدولة الواحدة" كحل حتمي للصراع مع الفلسطينيين في أعقاب فشل "حل
الدولتين"، واستمرار الوضع المؤقت للحدود مع الضفة الغربية المحتلة، وما
يعنيه ذلك من استمرار حالة عدم الاستقرار الأمني".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21"، أن "النتيجة
المستقبلية للسلوك الإسرائيلي في الضفة الغربية هي التحول التدريجي للمنطقة
الواقعة بين النهر والبحر إلى كيان سياسي واحد، سكانه اليهود والفلسطينيون متساوون
في العدد تقريباً، ومع مرور الوقت سينظر العالم لهذه الدولة، إسرائيل، بأنها
استيطانية واستعمارية وتطبق نظام فصل عنصري، ورفع شعارات ذات مسميات خاصة بالقانون
الدولي من أجل تبرير شيطنتها".
وأشار
إلى أن "التخوف الإسرائيلي من الدولة الواحدة يعود للوضع الراهن في الأراضي
المحتلة بسبب تقارب أعداد الفلسطينيين واليهود، مما يحمل عواقب ليست سهلة على
المشروع الصهيوني، وهو ما يسعى إليه الفلسطينيون وفق التصور الإسرائيلي، ويصبّ في
مصلحة التيارات المعادية للصهيونية، التي ترى تطوير إطار "الدولة
الواحدة" من النهر إلى البحر خيارا مفضلا لها، مما سيترك تأثيره على صورة
دولة الاحتلال حول العالم".
تشير
هذه التحذيرات الإسرائيلية إلى علاقتها بالوضع القائم في الضفة الغربية، من ناحية
عدم ترسيم الحدود، مع زيادة الأحاديث عن أفول حل الدولتين، وظهور بديل حلّ الدولة
الواحدة، التي تضمن تفوقا سكانيا فلسطينيا، وتحول تلك الدولة مع مرور الوقت إلى
نظام فصل عنصري، يضطهد الفلسطينيين، ويميز ضدهم، الأمر الذي سيجعلها عرضة للعقوبات
الدولية، وربما محاصرتها، أسوة بما كان عليه الحال مع جنوب أفريقيا في ثمانينات
القرن العشرين.