حمل
تقرير لجنة الخبراء الأممين بشأن الأوضاع في
ليبيا، وقائع وتفاصيل صادمة كشفت عن تورط العديد من المسؤولين بعمليات نهب واختلاس واستغلال للنفوذ، بفعل حالة الفوضى وتعدد السلطات التي تشهدها البلاد.
ورغم أن هذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها الكشف عن تورط مسؤولين نافذين في أقاليم ليبيا الثلاث بعمليات فساد واسعة النطاق، إلا أن التقرير الأخير كان أكثر تفصيلا حين أشار بوضوح إلى استغلال قائد قوات الشرق، خليفة حفتر وأولاده لنفوذهم الواسع في تعزيز سلطتهم في البلاد، عبر ممارسة عمليات غير مشروعة واستغلال ثروات البلاد، لا سيما النفط الذي يشكل الركيزة الأساسية لاقتصاد البلد.
ويطرح تقرير الخبراء الأمميين أسئلة بشأن أسباب إفلات المتورطين من المحاسبة والمحاكمة، ودور حالة الفوضى التي تعيشها البلاد، لا سيما تنازع حكومتين السلطة في إذكاء انتشار الفساددون رادع أو رقابة؟
أبرز ما جاء في التقرير
وكشف تقرير عن لجنة الخبراء الأممية أن عائلة حفتر عملت على بناء شبكة محسوبية جعلتهم يسيطرون على التحركات العسكرية والقطاع العام وعملية صنع القرارات السياسية في الشرق الليبي.
ولفت التقرير إلى أن كتيبة طارق بن زياد التي يقودها صدام، نجل خليفة حفتر كانت نشطة للغاية في تعزيز نفوذ عائلة حفتر داخل مجلس النواب، فيما عمل نجله الآخر، بلقاسم، علي تعزيز نفوذ العائلة داخل مجلس النواب، وحكومته المكلفة.
كما كشف التقرير عن عمليات تهريب واسعة للوقود والمشتقات النفطية خصوصا من الشرق الليبي، حيث يسيطر حفتر، إضافة إلى طباعة أوراق نقدية بمعرفة المصرف المركزي فرع بنغازي، ما خلق سياسية نقدية مختلة وزاد من خطر اختلاس الأموال من قبل أطراف ثالثة. وفق التقرير.
ومعلقا على محاسبة حفتر وأبنائه، قال الباحث في القانون الدولي حمزة علي، إن حفتر يسير في طريق لا رجعة عنه، ولن يتنازل عن أي سلطة حصل عليها، ولذلك لن يكتب النجاح لأي حل سياسي في ليبيا دون القضاء على مشروع خليفة حفتر.
وقال علي في حديث متلفز تابعته "عربي21"، إن حفتر يسيطر على الشرق والجنوب الليبي بدعم خارجي، ولديه قوات كبيرة جدا، ومسألة محاسبته ليست سهلة، على اعتبار أن مشروع يقوم على عدم التنازل عن أي سلطة، سواء سيطرة عسكرية على الأرض أو السيطرة على السلطة السياسية في البلاد.
"حفتر لا يريد حلا"
ورأى علي أنه "من السذاجة التوقع بأنه يمكن الوصول مع حفتر إلى حل وسط يفضي فعلا إلى انتخابات، يتشكل على أساسها مجلس نواب وحكومة تتولى فعلا السلطة في البلاد، ذلك لأنه يجهز أبناءه لتوريثهم السلطة وصولا إلى التحكم والسيطرة على كامل ليبيا". مشيرا إلى أن هذا الوضع لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال، وإن أي مسار سياسي حقيقي في ليبيا دون القضاء على مشروع حفتر يعتبر "سذاجة".
وأضاف علي: "إن كان القضاء على حفتر صعبا في هذه المرحلة، فإنه يجب عدم منحه مزيدا من الغطاء السياسي لأفعاله من قبل بعض الأطراف السياسية".
بدوره، قال المحلل السياسي، محمد محفوظ، إن تقرير الأمم المتحدة بشأن الفساد، يعطي دلالة على أن "المجتمع الدولي لا يريد الحل في ليبيا، بل هناك حالة تقاطع في المشاريع وتداخل، باعتبار أن الجرم واضح ولا يستطيع أحد الحديث عنه أومحاسبة المتورطين فيه".
وشدد محفوظ في حديث متلفز تابعته "عربي21" على أن لجنة الخبراء الأممين اكتفت بالمعلومات التي وردت في التقرير دون اتخاذ موقف دولي تجاه المتورطين، ذاكرا في الوقت نفسه، أن السفراء الغربيين خاصة التابعين للدول المتدخلة في ليبيا، لم يعلقوا على تقرير الخبراء، رغم أنهم لا يتركون صغيرة ولا كبيرة في البلاد، إلا ويعلقوا عليها".
"توثيق الجرائم"
وتابع: "لا نشاهد تعليقات على هذه التقارير، وهذا يعطي دلالة واضحة أنه ليس هناك نية للتعامل لا مع الجاني ولا مع مبدأ وجود محاسبة ضد الجناة من الأصل، وهذا يعني أن مسألة المحاسبة والرقابة غير واردة".
وذكر محفوظ أن "الفائدة الوحيدة لهذه التقارير الأممية أنها توثق هذه
الجرائم التي ترتكب بحق الليبيي، باعتبار أن الحقوق لا تسقط بالتقادم، في ظل غياب العدالة بسبب الوضع الراهن في البلاد".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، قال مغردون إن ما ورد في التقرير الأممي يعرفه الليبيون، وليس بجديد، وأشاروا إلى أن الليبيين يدفعون ثمن ما يجري في البلاد.