كشفت صحيفة
"
نيويورك تايمز" تفاصيل عن حياة رجل الأعمال
المصري وائل حنا المتهم
برشوة السناتور الأمريكي
بوب ميننديز لصالح الحكومة المصرية.
وقالت الصحيفة
إن حنا قبل خمسة أعوام كان يعاني من صفقات سيئة في نيوجيرسي، حيث حاول أن يبدأ محلا
تجارية لخدمة الشاحنات في الطرق السريعة ومطعما إيطاليا وخدمة سيارات ليموزين وعددا
آخر من الشركات بدون نتائج تجارية جيدة، وعندما بدأت صديقته تواعد السناتور الديمقراطي
بوب ميننديز، الرئيس المؤثر بلجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، وقدمه حنا لدائرة
من المسؤولين المصريين، تغيرت حظوظه.
حصل حنا بعد
ذلك على حق ترخيص اللحم الحلال المصدر إلى مصر، مما حقق له مالا مكنه من تقديم الرشاوى
لميننديز وغير ذلك من سبائك الذهب ورزم المال، حسبما جاء في لائحة المدعي العام.
ويواجه حنا وميننديز
وآخرون تهما وصفها المدعي العام بأنها خطة فساد واسعة، واحدة تهدد بوضع حد لمسيرة السناتور
التي مضى عليها خمسة عقود في السياسة. إلا أن الاتهامات لو صحت تطرح عدة أسئلة حول
حنا، هل كان في الحقيقة عميلا للحكومة المصرية طوال الوقت، أو شخصا انتهازيا محظوظا
تعثر في مركز تأثير دولي؟
ويحقق مكتب التحقيقات
الفدرالي في هذه النقطة، إلا أن تحقيق "نيويورك تايمز" الذي قام على مراجعة
مئات السجلات المقدمة للمحكمة والوثائق التجارية والمقابلات مع دزينة من الأشخاص الذين
عرفوا أو تعاملوا مع حنا، قدم رؤية حول الطريق الذي سار فيه حنا من رجل أعمال
متعثر حتى صعوده النيزكي.
بغضون سنوات عدة
سيتحول من رجل أعمال تلاحقه الديون، لم يكن قادرا على دفع فاتورة من 2.000 دولار أجرا
لغرفة إلى سمسار دولي بقوة ويتفاخر أمام دبلوماسي في القاهرة بمجموعته من ساعات الروليكس.
ويحقق "أف
بي آي" إلى جانب قضية الفساد بعملية مكافحة التجسس، حسب أشخاص على اطلاع بمسار
الأمر.
وكانت شبكة "أن
بي سي" قد كشفت عن المراجعة هذه والتأكد من أن المخابرات المصرية لم تحاول الحصول
على معلومات من ميننديز عبر صديقة حنا، نادين ميننديز التي تزوجت السناتور في
2020. ويحاول العملاء الفدراليون تحديد علاقات حنا مع أجهزة الاستخبارات المصرية ومتى
بدأت العلاقة، وذلك حسب شخصين على معرفة بالتحقيق.
وقالت متحدثة باسم
حنا في بيان إنه بريء من كل التهم، وأنه تعاون مع المدعين الفدراليين وسمح لهم بالاطلاع
الشامل على الوثائق والموظفين لديه. وقالت إنه قام بحجز تذكرة ومن طوع نفسه للسفر من
مصر إلى نيويورك وبعد دقائق من معرفته بالاتهامات "تاركا خلفه زوجته وبناته الشابات
الثلاث". وقالت المتحدثة باسمه إن "قصة وائل هي قصة كلاسيكية عن مهاجر"
و"هو رجل أعمال بنى عدة مصالح تجارية وتمسك دائما بالقانون والأخلاق".
وتتابع سلطة فرض
القانون حنا، المواطن الأمريكي منذ أربع سنوات على الأقل. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر
2019 داهم "أف بي أي" بيته في نيوجرسي بحثا عن أدلة جنائية تربطه بالتصرف
نيابة عن حكومة أجنبية، حسب سجلات المحكمة. ولم توجه إليه تهما في ذلك الوقت. لكن لائحة
الاتهام التي كشف عنها المدعي العام في تشرين الأول/ أكتوبر كشفت أنه توسط في ترتيب
اتفاق لميننديز كي يزيد من الدعم الأمريكي والأسلحة لمصر. ويتهم ميننديز بإرسال معلومات
عن موظفي السفارة الأمريكية لزوجته التي أرسلتها بدورها لحنا والذي نقلها لمسؤول في
الحكومة المصرية.
ومقابل هذا أغدق
حنا والمشاركون معه هدايا على ميننديز بمئات الآلاف من الدولارات نقدا وسبائك من الذهب
ورشاوى تضم دفع الرهن العقاري عن بيت زوجة ميننديز ووظيفة اسمية لها في شركة الحلال
وسيارة "مرسيدس بنز". ولم يعترف أي من المتهمين بالخطأ، ورفض ميننديز في
الأسبوع الماضي الاستقالة من الكونغرس وتوقع براءته. وفي آب/ أغسطس سافر ميننديز وزوجته
إلى مصر حيث التقى السناتور مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك حسب شخصين على معرفة
بالأمر. ولم تعلق الحكومة المصرية علنا، فيما مدح مؤثرون على "يوتيوب" الحكومة
بأنها تقوم بمهمة جيدة لحماية مصالحها.
بداية متواضعة
كان حنا في عمر
22 عاما عندما وصل إلى الولايات المتحدة من خلال تأشيرة حصل عليها عبر نظام القرعة
عام 2006 بعد سنوات قليلة من وفاة والده، حسب شخص على معرفة به. وبدأ العمل في شركة
تنظيف وسجل بمدرسة لتعليم الإنجليزية. وأظهر اهتمامه بالأعمال، وأنشأ تجارة للشحن اسمها
"المنهري المساهمة المحدودة"، وهي واحدة من الشركات التي ظهرت تحت اسمه.
واشترى بيتا في بايون، نيوجيرسي بمبلغ 450.000 دولار من رجل كان يذهب لنفس الكنيسة
التي يصلي فيها، واشتراه بدون مبلغ أولي كما يبدو وأمن الرهن بدفع كامل، كما يظهر السجل
العقاري. وفي عام 2011، انتقل حنا إلى تجارة السيارات الفارهة، وتفاهم مع رجل
أعمال صيني لشراء سيارات "بورتش" و"مرسيدس بنز" كي يبيعها رجل
الأعمال في الصين. واتفقا على التفاصيل أثناء وجبة ثمار بحرية في مطعم في فلاشينع بكوينز.
وبعدما أرسلت شركة
رجل الأعمال "بوستو نيويورك" مبلغ 3.6 ملايين دولار لم يوفر حنا والمشاركون
معه إلا سيارات قيمتها 2.9 مليون دولار، حسب سجلات المحكمة. وحصلت بوستو نيويورك على
حكم بدفع حنا والمشاركين معه مبلغ 705.000 دولار المفقودة، لكنه لم يظهر أمام المحكمة
أو دفع المبلغ على ما يبدو. ثم كبرت مشاكل حنا المالية، حيث اتهم بكتابة شيكات بدون
رصيد، وتراكمت الديون إلى 890.000 دولار حسب سجلات المحكمة. وفي 2014 وجهت الشرطة
له تهمة السياقة وهو سكران. وكان المحامي الذي مثله وهو أندى أصلانيان، سببا في تقديمه
لشبكة من الأصدقاء ورجال الأعمال بشكل قاد إلى توجيه اتهامات لميننديز.
وقال أصلانيان
إنه تبنى حنا بعدما علم أنه وحيد في البلد، واشترك معه مرة في مساحة بمكتبه وقضيا عطلات
معا. وقال أصلانيان "اعتبرته ابني الأول". وقال المحامي إنه كان قلقا في
ذلك الوقت، فقد واجه حنا فواتير دواء غير مدفوعة لمستشفى وضرائب ولم يدفع للرهن العقاري
مما أدى لخسارته بيته في بايون عام 2018.
ورغم مشاكله المادية
في أمريكا إلا أن حنا كان على ما يبدو قريبا من الحكومة المصرية. واقترح أصلانيان تمثيل
الحكومة المصرية في 2016 بخلاف حول تقسيم المناطق في مبنى كان يقصد منه أن يكون مقرا
لممثلين عسكريين مصريين وعائلاتهم في إيست روثفورد، نيوجيرسي، كما أخبر أصلانيان
صحيفة "ذي ريكورد".
وتعرف أصلانيان
على حنا في 2009 وقدمه إلى زوجة المستقبل لميننديز، نادين أرسليان، حيث كان ثلاثتهم
يلتقون بمطعم فرنسي يملكه متعهد العقارات فريد دعيبس الذي ورد اسمه أيضا في لائحة الاتهامات.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر أنشأ أصلانيان مع حنا شركة "أي أس إي جي حلال"
وكان الهدف منها إصدار تراخيص للحم الحلال أو تحضيره حسب الشريعة الإسلامية. وسيقدم
دعيبس الدعم المالي للمشروع. وبعد ثلاثة أشهر بدأت صديقتهم نادين بمواعدة ميننديز.
والتقى دوغلاس أنطون مع حنا عبر نادين التي كانت تواعد ميننديز وقدمته بأنه قريب
"شخص كبير في الحكومة المصرية" كما ذكر أنطون. ولم يكن هذا على معرفة بما
يقوم به حنا، سوى أنه رابط مع مصر.
وخلف الأضواء كان
حنا يرسل رسائل نصية مباشرة للمسؤولين في الحكومة والجيش بمصر. وخلال عام 2018 كان
حنا منشغلا بترتيب لقاءات معهم والسناتور. وبدأ ميننديز باستخدام سلطته لخدمة المصالح
المصرية، حسب لائحة الاتهام، بما فيها رسالة شبحية لمسؤول مصري كان يحاول إقناع الولايات
المتحدة بالإفراج عن 300 مليون دولار من المساعدة لمصر. وجاءت جهود حنا في وقت
كان فيه المسؤولون المصريون يضغطون على الحكومة الأمريكية لرفع القيود عن المساعدات
بسبب حقوق الإنسان. وهو ما رآه المصريون إهانة لكون بلدهم شريك في الحرب على الإرهاب.
ونجحت جهود حنا
وبشكل مربح عندما قررت الحكومة المصرية وبشكل مفاجئ منح شركته حق ترخيص كل الطعام الذي
تستورده مصر من الولايات المتحدة. وأثار القرار قلقا في الصناعة، فحنا، مسيحي ولا خبرة
له في الترخيص وباعترافه لم تعمل شركته في هذا المجال إلا بعد حصولها على الترخيص.
وفي سجلات المحكمة عام 2020، أوضح حنا أنه حصل على الموافقة لأن الحكومة المصرية رغبت
بأخذ رخصة ترخيص اللحم الحلال من الإخوان المسلمين، التي تم شيطنتها وتصنيفها كحركة
إرهابية بمصر. ونظرا لعدم خبرته، قال حنا إن الحكومة المصرية زودته بإمام وبيطري لتدريبه.
وكتب أنه قبل الموافقة كان لديه شركة أخرى ترسل السلع لمصر وتأخذ العطاءات من وزارة
الدفاع المصرية.
وسيتهم المدعون
ميننديز لاحقا أنه كان مدفوعا لمساعدة حنا لأن الأخير كان يرسل رشاوى للرهن العقاري
لبيت زوجته. وبعد احتكاره ترخيص اللحم الحلال جرب حنا البذخ وعاش في شقة سكنية تطل
على نهر هدسون. وكان الرجل الذي خسر بيته قادرا على مساعدة أصدقائه لدفع الرهن العقاري.
وهددت تحقيقات أف بي أي في 2019 بتدمير كل شيء عندما داهمت بيته بحثا عن أدلة، واكتشفت آلافا من الرسائل النصية على هاتفه النقال من السيدة ميننديز. لكن توسع عمله أدى لسفره
وفتح مكاتب في الأوروغواي والهند والبرازيل ومصر ونيوزلندا.