ما زالت الأوساط العسكرية الإسرائيلية تتابع عن كثب تبعات الهجوم الجوي على ما قالت إنها مستودعات
إيرانية ورادارات لأنظمة الدفاع الجوي السورية، حتى إنها وصفت الهجوم بـ"الاستثنائي"، سواء بسبب عدد الأهداف التي تم الهجوم عليها، أو لمسافة الهدف وبعده - 700 كيلومتر من فلسطين المحتلة وعلى الحدود العراقية السورية.
وكشف المراسل العسكري
للقناة 12، نير دفوري، أن "الهجوم الإسرائيلي الذي
قصف أهدافا في
سوريا ليلة الاثنين والثلاثاء، هو الخامس خلال الفترة الماضية فقط، ووصفه بأنه هجوم غير عادي، يرجع جزئيا إلى الموقع الذي تم تنفيذه فيه، وهو بلدية البوكمال السورية على الحدود مع العراق، وتبعد أكثر من 700 كيلومتر شرقي دولة
الاحتلال".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "الهجوم استهدف مستودعات الأسلحة والرادارات التابعة لنظام الدفاع الجوي السوري، كما أنه تم الهجوم على المستودعات التي يستخدمها الإيرانيون لنقل الأسلحة من إيران عبر صحاري العراق إلى سوريا، ومن هناك إلى لبنان. وتم الهجوم كذلك على نظام الدفاع الجوي السوري الذي كان من المفترض أن يمنع إطلاق الصواريخ على الطائرات. وبجانب المسافة، فإن الانحراف في الهجوم يتعلق بعدد الأهداف المهاجمة، وهذا يشير إلى أمر آخر".
وأشار إلى أن "الهجوم الإسرائيلي يكشف أن إيران تجدد مسار التهريب الذي جفّ في الآونة الأخيرة، وتحاول الآن إدخال أسلحة متطورة إلى سوريا ولبنان بهذه الطريقة، لذلك تريد إسرائيل تعطيل هذه الخطوة، ويبدو أن هناك جهدا مشتركا مع الولايات المتحدة للعمل على تعطيل محاولات النشاط الإيراني، وقد أتى هذا الهجوم بعد الهجوم على أهداف في منطقة دمشق وتفعيل أنظمة الدفاع الجوي".
يؤكد الهجوم الإسرائيلي الأخير وجود حالة استئناف لمزيد من الهجمات على الأجواء السورية بزعم
استهداف المواقع الإيرانية، ولعل الهجمات الأخيرة تجعل إيران تفهم حدود الجبهة التي تتواجد فيها، وتستنتج أنه إذا تجاوزتها على سبيل المثال بتسخين الجبهة اللبنانية، فإن دولة الاحتلال ستتصرف بطريقة مماثلة في سوريا، بحيث تتحمل طهران وشحناتها من الأسلحة ثمنا باهظا.
وقال الخبير العسكري بصحيفة "
إسرائيل اليوم"، يوآف ليمور، إنه "يستحيل فصل سلسلة الهجمات التي نُفِّذت في الأيام الأخيرة على العاصمة السورية، والأضرار التي لحقت بالحرس الثوري الإيراني، عن أحداث الأسابيع الماضية، المتمثلة بزيادة إيران لجهودها في عمليات تهريب الأسلحة إلى سوريا ولبنان، ولعل قراءة في أسباب تكثيف الهجمات الإسرائيلية على سوريا تظهر أن إيران تواصل نشاطها المتزايد في الساحة الشمالية".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الضربات الإسرائيلية في سوريا ترسل رسالة للإيرانيين مفادها أن مثل هذه الهجمات الإسرائيلية في سوريا لم تحدث مصادفة، بل إنها تستند غالبا إلى معلومات استخبارية دقيقة، ومعرفة ما إذا كانت هذه المواقع مأهولة، والأكيد أن إسرائيل على علم بوجود الحرس الثوري هناك، ولذلك سعت لإلحاق الأذى بهم، وهذه رسالة واضحة لإيران بأنها ووكلاءها يلعبون بالنار، وسيدفعون الثمن".
ربما يرسل الهجوم الإسرائيلي الجديد على الحدود السورية العراقية رسالة لإيران مفادها استهداف المواقع النوعية في قلب سوريا، لكن استراتيجية "المعركة بين الحروب" تظهر أنها غير فعالة بما يكفي للتعامل مع الاتجاهات الجديدة والاستراتيجية الإيرانية الشاملة طويلة الأمد، ما قد يتطلب من الاحتلال إعادة صياغة استراتيجية أخرى، وإعادة التفكير بأهداف القوة الجوية وحدودها، وفحص أهداف الهجوم في سوريا.
وأمضى الاحتلال عقدا من الزمن على شروعه بتنفيذ استراتيجية "المعركة بين الحروب" ضد الساحة السورية لاستهداف القوات الإيرانية وقوافل أسلحة حزب الله، بحيث لا تمر بضعة أيام أو أسابيع إلا وتنقل وسائل الإعلام عن هجوم غامض في الأراضي السورية.
وأعلن الاحتلال عقب بعض الهجمات دون تردد مسؤوليته عنها، ما طرح تساؤلات إسرائيلية، حول مدى صوابية استمرار هذه الاستراتيجية، بعد مرور عشر سنوات على البدء فيها.