نشرت صحيفة "فزغلياد"
الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن عملية "طوفان الأقصى"، والعدوان الإٍسرائيلي على قطاع غزة، وعما إذا كانت هناك تداعيات ستظهر على سوق الطاقة العالمي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السيناريو الأسوأ ينطوي على تكرار أزمة النفط لسنة 1973، ودخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود.
وذكرت الصحيفة أن العملية التي شنتها "المقاومة" ضد الاحتلال، قد تلحق ضرراً خطيراً بسوق الطاقة في مختلف أنحاء العالم. ومن بين السيناريوهات المطروحة تكرار أزمة النفط التي وقعت في سنة 1973، وارتفاع أسعار النفط إلى ما فوق 100 دولار للبرميل.
تدرس السوق السيناريوهات الأسوأ في حال اعتقد الاحتلال أن حماس تتصرف بتوجيه من إيران، فبحسب الصحيفة، فإن السيناريو الأول يتضمن قيام الولايات المتحدة -كونها حليفة إسرائيل- بزيادة ضغط العقوبات على إيران، التي استعادت أنفاسها في السنوات الأخيرة، وزادت إنتاجها وصادراتها إلى مستويات ما قبل العقوبات تقريبًا، ما يترتب عنه خروج النفط الإيراني من السوق جزئيا أو كليا.
أما السيناريو الثاني، فيتمثل في انجراف الولايات المتحدة وإيران والشرق الأوسط بأكمله تقريباً إلى صراع محلي، الأمر الذي قد يؤدي إلى إغلاق مرور السفن عبر مضيق هرمز، الذي يتم من خلاله نقل 17 مليون برميل يوميًا بالناقلات.
ونقلت الصحيفة عن الخبير في المركز القومي لأمن الطاقة إيغور يوشكوف، أن "الصراعات الإقليمية تتوسع بشكل متزايد. وفي حال انجرفت إيران إلى دوامة الأعمال العدائية مع إسرائيل، فإن ذلك سيعيق تصدير النفط الإيراني بسبب فرض عقوبات صارمة أو الحظر المادي للإمدادات"، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة خففت مؤخراً موقفها تجاه العقوبات الإيرانية.
وأضاف يوشكوف: "قامت إيران بزيادة حجم صادراتها في السنوات الأخيرة، لتعود إلى مستويات ما قبل العقوبات - أي ما يصل إلى 1.5 و2 مليون برميل يوميًا. وإذا غادر النفط الإيراني السوق وانخفضت أحجام صادراته، فسيؤثر ذلك على السوق العالمية بأكملها، وبالتالي رفع سعر النفط".
وحسب شركة كبلر للتحليلات، ارتفعت إمدادات النفط الإيرانية إلى 1.79 مليون برميل يوميا في آب/ أغسطس بيد أنها كانت لا تتجاوز 1.35 مليون برميل في أيار/ مايو، مع العلم أن هذا أعلى رقم مسجل منذ سنة 2019.
ووفقا للخبيرة في أسواق السلع بشركة "الاستثمارات المفتوحة" أوكسانا لوكيشيفا، فـ"على الرغم من أن إيران تنفي مشاركتها في "طوفان الأقصى"، فإن النهج الأمريكي تجاه الوضع قد يتغير. وعليه، فإن حوالي 500 ألف برميل من النفط معرضة لخطر مغادرة السوق يوميا، وهو ما قد يرفع مستوى الأسعار".
وذكرت الصحيفة أن السيناريو الأكثر خطورة هو إغلاق مضيق هرمز من قبل إيران نفسها أو أي شخص آخر. حيال هذا الشأن قال يوشكوف: "يمر النفط القادم من إيران والعراق والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكذلك الغاز الطبيعي المسال من قطر عبر مضيق هرمز. وحتى لو أغلق المضيق لفترة قصيرة، فسيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط، وكذلك أسعار الغاز، وبالتالي اندلاع أزمة طاقة عالمية، ما يؤدي إلى ركود في الاقتصاد العالمي".
وأفاد يوشكوف بأن أسعار النفط ارتفعت بنسبة 5 بالمئة يوم الاثنين. ومع ذلك، لم يساهم الصراع العسكري في إسرائيل فقط في هذا النمو، بل أيضًا التصحيح المعتاد الذي يحدث بعد انخفاض أسعار النفط لمدة يومين قبل ذلك. ففي الأسبوع الماضي، انخفض النفط بعد قرار أوبك بلس إبقاء على الإنتاج دون تغيير في ظل ورود بيانات من الولايات المتحدة بشأن انخفاض استهلاك البنزين ومن آسيا بشأن انخفاض واردات النفط. وقد خلقت هذه البيانات داخل السوق حالة من عدم اليقين بشأن استقرار الاستهلاك في جميع أنحاء العالم.
وحسب مؤسس "مدرسة الاستثمار العملي" فيودور سيدوروف: "يمكن للصراعات في الشرق الأوسط أن تسبب قفزات أكبر بكثير في أسعار النفط. فعلى سبيل المثال، في سنة 1990 بلغ حجم الزيادة 240 بالمئة. لذلك فإن تراوح الأسعار بين 120 وحتى 150 دولارًا للبرميل أمر متوقع".
وأضاف يوشكوف أن "السيناريو الأكثر سوءا هو تكرار أزمة 1973، ما قد ينجر عنه تدخل الشرق الأوسط في الصراع العسكري، وتوحد الدول العربية ضد إسرائيل وحلفائها".
في تشرين الأول/ أكتوبر سنة 1973، أعلنت الدول العربية قطع إمدادات النفط إلى الدول الغربية التي دعمت إسرائيل خلال حرب يوم الغفران. ووفقًا ليوشكوف، تعتبر الولايات المتحدة اليوم أكثر استعدادًا لمثل هذه المواجهة مقارنة بما كانت عليه قبل 15 أو 20 سنة.
ونبه يوشكوف إلى هذا "سيحدث صدمة للولايات المتحدة، وسيؤدي إلى نقص الوقود، نظرا لارتفاع حاجياتها من موارد الطاقة. ولكن لو حدث هذا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أو العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكانت تداعيات ذلك كارثية على الولايات المتحدة مقارنة بالوقت الراهن. بفضل ثورة النفط الصخري".
"تمكنت الولايات المتحدة من زيادة إنتاجها بشكل كبير منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. يبلغ إنتاجها اليومي الآن 12.9 مليون برميل، وهي أكبر منتج للنفط في العالم. كما تحتفظ الولايات المتحدة بإمدادات الاستيراد من كندا والمكسيك، وتعمل عمداً في الوقت نفسه على خفض واردات النفط من المنتجين في الشرق الأوسط، بما في ذلك المملكة العربية السعودية. وعليه أضحت الولايات المتحدة أقل اعتمادًا على المملكة العربية السعودية من ذي قبل".
وقالت لوكيشيفا إن "إمدادات النفط الإيرانية موجهة بشكل رئيسي إلى السوق الأوروبية، وجزئيا إلى السوق الصينية. لذلك قد تكون هناك تداعيات سلبية على المستهلكين الأوروبيين تحديدا، حيث إنهم الأكثر عرضة لنقص الإمدادات". وحسب لوكيشيفا، فإن ارتفاع أسعار موارد الطاقة سوف يؤثر على جميع البلدان المستوردة، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، محذرة من أن "ارتفاع أسعار النفط يهدد بحدوث موجة أخرى من التضخم، وزيادة تشديد السياسة النقدية للبنوك المركزية وانزلاق الاقتصاد إلى الركود".
وترى لوكيشيفا أن ارتفاع أسعار النفط يخدم مصالح روسيا طالما لم يؤد ذلك إلى انخفاض الاستهلاك. لذلك من الأفضل الحفاظ على توازن السوق وثبات الأسعار بالنسبة للمنتجين والمستهلكين، على حد سواء، نظرا لعدم قدرة الاقتصاد العالمي على تحمّل أسعار تفوق 90 دولاراً للبرميل.
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)