نشرت صحيفة "
فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها في إسرائيل جيمس شوتر، قال فيه إن رئيس وزراء
الاحتلال الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو يمشي على حبل رقيق في محاولته تحقيق صفقة تطبيع للعلاقات بين إسرائيل والسعودية.
وأضاف أن جهوده هذه حققت دفعة نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الماضي بعد السماح لوزير في حكومته بزيارة المملكة العربية
السعودية بشكل علني لأول مرة.
إلا أنه مع تسارع المحادثات المعقدة والمتعددة الأطراف بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل والمسؤولين
الفلسطينيين، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بات يتصرف بحذر من أجل الحصول على دعم لصفقة محتملة، وتحمل إمكانيات إعادة تشكيل النظام الجيوسياسي بالشرق الأوسط، بحسب شوتر.
ورأى الكاتب في التقرير الذي ترجمته "عربي21" أن التطبيع مع دولة ينظر إليها كواحدة من الدول القائدة للمسلمين في العالم ولربما شجع دولا أخرى لكي تحذو حذوه، جائزة لديها جاذبية في كل الطيف السياسي الإسرائيلي.
وأشار إلى أن حلفاء نتنياهو وخصومه على حد سواء لديهم تحفظاتهم من الصفقة الظاهرة، ورسموا خطوط القتال في الأسابيع الماضية. وبالنسبة لتحالف نتنياهو المتطرف الذي تحتل فيه الأحزاب القومية المتطرفة دورا بارزا، فإن الجزء الشائك من الصفقة هو طبيعة التنازلات التي ستقدم للفلسطينيين، وهي تنازلات يقول المسؤولون الأمريكيون والسعوديون إنها ثمن لتطبيع العلاقات مع الرياض.
وعبر المسؤولون الفلسطينيون لنظرائهم السعوديين والأمريكيين عن ما يريدونه، بما في ذلك تجميد توسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة ومزيد من السيطرة على بعض الأراضي فيها وكذا دعم مالي، بحسب أشخاص أحاطوا بالمحادثات.
وذكر شوتر أنه ليس من الواضح ما يريده الأمريكيون والسعوديون من تنازلات. وربما قبل متشددون في ائتلاف نتنياهو زيادة في الدعم الاقتصادي للفلسطينيين، إلا أن الحزبين المتطرفين بقيادة وزير الأمن إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وكلاهما يريدان ضم الضفة الغربية ويرفضان أي خطوات نحو دولة فلسطينية، كانا واضحين برفض أي تنازلات مناطقية.
وعلاقة بن غفير مع نتنياهو ليست جيدة، حيث قال وزير الأمن القومي للاحتلال الشهر الماضي إن حزبه "القوة اليهودية" سيترك الائتلاف لو شملت الصفقة تنازلات للفلسطينيين. وفي حال نفذ بن غفير تهديده فسيخسر نتنياهو الغالبية في الكنيست، وفقا للتقرير.
من جهته، قال النائب عن حزب الصهيونية الدينية بزعامة سموتريتش، سيمحا روثمان: "لن تحصل على صفقة من خلال تقديم تنازلات للفلسطينيين، ولا نقاش على هذا".
ويرى التقرير أن لدى حزب الليكود الذي لديه نصف مقاعد الائتلاف، نفس التحفظات.
ونقل شوتر عن أحد العارفين بالحزب، قوله: "أعتقد أن أي نوع من التنازلات المناطقية سيكون خطا أحمر لعدد من فصائل الحزب".
وأضاف: "أما الخط الأحمر الثاني فسيكون أمورا يمكن أن تعتبر رمزية في ظروف محددة، مثل عضوية كاملة للفلسطينيين في الأمم المتحدة".
ولو لم يكن نتنياهو قادرا على بناء دعم قوي وكاف للصفقة داخل ائتلافه، فإنه قد يتخلى عنها أو يقامر بالحصول على دعم أحزاب المعارضة- من أحزاب الوسط مثل يش أتيد، الذي يقوده يائير لابيد وحزب الوحدة الوطنية بزعامة بيني غانتس، لتمريرها في الكنيست، كما يرى معد التقرير.
وقال شوتر إن لابيد وغانتس استبعدا فكرة الانضمام إلى ائتلاف نتنياهو أو الحلول محل حزبي بن غفير وسموتريتش. إلا أنهما دعما التطبيع مع السعودية وتركا الباب مفتوحا لدعم صفقة من خارج الحكومة لو لم تخرق خطوطهما الحمر. فكجزء من المطالب التي تقدمت بها السعودية كثمن للتطبيع، توفر دعم أمريكي لمشروع نووي مدني، وعبر لابيد عن رفضه لنتيجة تقوم فيها السعودية بتخصيب اليورانيوم على أراضيها.
لكن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين يناقشون خطوات تقوم من خلالها الولايات المتحدة بالتحكم في عملية التخصيب، ويقول زعماء المعارضة إن حل هذا الإشكال قد يفتح الطريق أمام دعمهم. وذكر مسؤول في المعارضة الإسرائيلية أن "الشيء الوحيد الذي يمنعنا في هذه اللحظة من تبني الصفقة هو موضوع تخصيب اليورانيوم"، مشيرا إلى أنه "في حال لم يكن هذا العنصر في الصفقة النهائية، فقد كانت معظم المعارضة ستدعم الاتفاق بحماس"، بحسب التقرير.
وأضاف شوتر أن هناك من يشكك في إمكانية تعاون بين الحكومة والمعارضة في الوقت الحالي بعد الاستقطاب بين الحكومة والمعارضة بشأن الإصلاحات القضائية والحد من سلطة المحاكم.
ونقل عن "مطلع" على شؤون الليكود من الداخل قوله: "لا أعتقد أن هذا عملي في هذه المرحلة"، مضيفا أنه "كانت هناك محاولة وخلال نصف عام للتوصل إلى تسوية بين الحكومة والمعارضة في ما يتعلق بالإصلاح القضائي، ولكنهم لم يتفقوا على ذلك، فعدم الثقة المتبادلة والشك عاليان".
ويتساءل محللون حول ما إذا كان نتنياهو مستعدا للتضحية بائتلافه والاعتماد على دعم المعارضة لتمرير صفقة، ليس على الأقل لأن دعم حزب الليكود قد تراجع، بل بسبب إمكانية عدم قدرته على تشكيل حكومة جديدة إثر خلافه مع حلفائه السابقين، بحسب التقرير.
وفي المقابل، يقول آخرون إنه لو أمن صفقة جيدة مع السعوديين، فلربما دفع باتجاه انتخابات مبكرة، وستكون السادسة منذ عام 2019.
وقال أفيف بوشينسكي، المستشار السابق لنتنياهو، الذي أصبح محللا سياسيا: "لو كان معظم الإسرائيليين من الداعمين ولدينا اتفاقية سلام مع دولة كبيرة في الشرق الأوسط، ومن ناحية المساحة، ويبدو أنه سلام دافئ أكثر من السلام مع مصر والأردن، فستكون لدى نتنياهو أفضل فرصة في انتخابات مبكرة، وستكون لديه اليد العليا".
وأضاف أن نتنياهو "مرن في استراتيجيته، ولو كان الأمر قرارا ثنائيا، حول السلام أو اللاسلام فسوف يمضي به مهما كان الثمن".
يشار إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان علق الشهر المنصرم خلال لقاء مع قناة "فوكس نيوز"، للمرة الأولى على مساعي التطبيع مع دولة الاحتلال، قائلا: "كل يوم نقترب من التطبيع مع إسرائيل، لكن القضية الفلسطينية تظل مهمة للمفاوضات".
بدوره، أوضح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المنصرم، أن دولة الاحتلال على أعتاب "اتفاق سلام تاريخي" مع السعودية.
ومنذ ذلك الحين، فقد قام وزيران من حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة بزيارة السعودية بشكل علني؛ هما وزير الاتصالات شلومو كرعي، ووزير السياحة حاييم كاتس، ليصبح الأخير أول وزير إسرائيلي يزور المملكة علنيا، وفق قناة "كان" العبرية.